حينما يبدي الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مخاوفه من أن أي استفزاز للسعودية قد يجعلها تحول بوصلة صفقاتها باتجاه روسيا والصين وعندها فإن الخسارة ستكون مضاعفة للشركات الأمريكية، وحينما يردد الساسة الأمريكان بأنهم لا يريدون خسارة السعودية في ملفات سياسية كبرى في منطقة الشرق الأوسط متعلقة بالسلام وبمكافحة الإرهاب وبالسباق النووي الذي يمكن أن ينطلق في الشرق الأوسط في أي لحظة وبتمثيل كتلة تتجاوز أكثر من مليار إنسان في العالم خلاف تأمين مصادر الطاقة للاقتصاد العالمي، كل هذه الملفات لا يمكن إدارتها دون أن تكون الرياض قطب الرحى والمحور الأقدر والأقوى الذي يمكن الوثوق به..
السياسة السعودية من جهة تتمتع بعلاقات إستراتيجية مفتوحة مع الغرب والشرق، مما مكنها دائماً من التحرك بذكاء والاحتفاظ بعلاقات وثيقة مع القوى الكبرى حتى في أحلك الظروف والاختلاف على ملفات معينة مكنها من ذلك الثقل والوزن الإستراتيجي الذي تتمتع به، ولذلك تكاد السعودية تكون الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تستطيع أن تستغني عن علاقتها مع أي دولة أخرى وهي تعرف أنها في حسابات المكسب والخسارة مؤثرة على الطرف الآخر أكثر من أي تأثير أو تبعات قد تتعرض لها.
والرياض مشهورة دائماً بالصبر وإبقاء الخطوط مفتوحة دائماً مع العواصم الكبرى، مما سمح لها بهامش من المناورة يجعل الأطراف الدولية المتنافسة على إبقاء مصالحها سالكة مع الرياض في وضع التأهب دائماً لعقد صفقة رابحة..
وإحدى هذه العواصم موسكو وسيدها الجالس في الكرملين «فلاديمير بوتين» الذي يتحضر لزيارة كبرى للعاصمة «الرياض» رداً على الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي حظي باستقبال إمبراطوري قل أن يقدمه «الكرملين» لضيوفه الكثر الرائحين والغادين عليه.
ما يجمع روسيا بالسعودية قد يكون أكبر بكثير مما يجمع السعودية مع أي دولة كبرى في العالم، فكلتاهما منتجة للنفط وتعاونهما في مجال الطاقة نفطاً وغازاً هدف إستراتيجي لم تتخل عنه «الرياض» ولا «موسكو» مهما ابتعدت أو اقتربت بهما رياح السياسة، ولأن السياسة متغيرة والمصالح ثابتة احتفظت العاصمتان الكبيرتان بعلاقة إستراتيجية مكنتهما دائماً من التعاون معاً في اللحظات الهادئة قبل اللحظات الحرجة..
السعودية تنسج علاقاتها مع الشرق وتحديداً «روسيا والصين والهند» نسج فنان محترف يجيد وضع كل ألوان الطيف في لوحة واحدة، ولذلك فمنذ التسعينات الميلادية قررت «الرياض» أن سوقها الكبير نفطاً ومنتجات بتروكيماوية يكمن هناك حيث «الشرق» العظيم، ونادراً ما تتمتع دولة في الشرق الأوسط تحديداً بهذه القدرة على إدارة التوازنات والعلاقات والتأثير مما يجعل الآخرين يتحسبون ألف مرة لخسارة السعودية..!
منافسو السعودية الإقليميون وتحديداً إيران وتركيا هم الأكثر حنقاً من قدرة «الرياض» على تجاوزهم في كل الأصعدة كرافعة للشرق الأوسط عموماً تفرض احترامها ومصالحها في دوائر صنع القرار العالمي، ولذلك نجد «إيران وتركيا» أسعد الناس فيما لو انقطعت حبال الرياض الممتدة من بكين وموسكو وحتى واشنطن..
روسيا بوتين أثبتت غير مرة أنها الأحرص والأكثر وضوحاً على إبقاء مصالحها مع الرياض راسخة ومتنامية والمواقف الدولية بين السعودية وروسيا تكاد تكون متفقة على كثير من الملفات أكثر من اختلافهما معاً، ولذلك فإن الزيارات الدبلوماسية والتشاور بينهما على كثير من الملفات في المنطقة لم ينقطع وخصوصاً في الثلاث سنوات الأخيرة.. بوتين يجد في السعودية حليفاً مهماً ينبغي ألا يفرط فيه، ونحن نجد في موسكو وضوحاً في الرؤية قد لا تتمتع به «أوروبا» العجوز ولا أمريكا «الواشنطن بوست»، مهما ردد الغرب أنه لن يخسر السعودية، فالسعودية أيضاً لن تخسر موسكو ولا العكس. !
* كاتب سعودي
السياسة السعودية من جهة تتمتع بعلاقات إستراتيجية مفتوحة مع الغرب والشرق، مما مكنها دائماً من التحرك بذكاء والاحتفاظ بعلاقات وثيقة مع القوى الكبرى حتى في أحلك الظروف والاختلاف على ملفات معينة مكنها من ذلك الثقل والوزن الإستراتيجي الذي تتمتع به، ولذلك تكاد السعودية تكون الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تستطيع أن تستغني عن علاقتها مع أي دولة أخرى وهي تعرف أنها في حسابات المكسب والخسارة مؤثرة على الطرف الآخر أكثر من أي تأثير أو تبعات قد تتعرض لها.
والرياض مشهورة دائماً بالصبر وإبقاء الخطوط مفتوحة دائماً مع العواصم الكبرى، مما سمح لها بهامش من المناورة يجعل الأطراف الدولية المتنافسة على إبقاء مصالحها سالكة مع الرياض في وضع التأهب دائماً لعقد صفقة رابحة..
وإحدى هذه العواصم موسكو وسيدها الجالس في الكرملين «فلاديمير بوتين» الذي يتحضر لزيارة كبرى للعاصمة «الرياض» رداً على الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي حظي باستقبال إمبراطوري قل أن يقدمه «الكرملين» لضيوفه الكثر الرائحين والغادين عليه.
ما يجمع روسيا بالسعودية قد يكون أكبر بكثير مما يجمع السعودية مع أي دولة كبرى في العالم، فكلتاهما منتجة للنفط وتعاونهما في مجال الطاقة نفطاً وغازاً هدف إستراتيجي لم تتخل عنه «الرياض» ولا «موسكو» مهما ابتعدت أو اقتربت بهما رياح السياسة، ولأن السياسة متغيرة والمصالح ثابتة احتفظت العاصمتان الكبيرتان بعلاقة إستراتيجية مكنتهما دائماً من التعاون معاً في اللحظات الهادئة قبل اللحظات الحرجة..
السعودية تنسج علاقاتها مع الشرق وتحديداً «روسيا والصين والهند» نسج فنان محترف يجيد وضع كل ألوان الطيف في لوحة واحدة، ولذلك فمنذ التسعينات الميلادية قررت «الرياض» أن سوقها الكبير نفطاً ومنتجات بتروكيماوية يكمن هناك حيث «الشرق» العظيم، ونادراً ما تتمتع دولة في الشرق الأوسط تحديداً بهذه القدرة على إدارة التوازنات والعلاقات والتأثير مما يجعل الآخرين يتحسبون ألف مرة لخسارة السعودية..!
منافسو السعودية الإقليميون وتحديداً إيران وتركيا هم الأكثر حنقاً من قدرة «الرياض» على تجاوزهم في كل الأصعدة كرافعة للشرق الأوسط عموماً تفرض احترامها ومصالحها في دوائر صنع القرار العالمي، ولذلك نجد «إيران وتركيا» أسعد الناس فيما لو انقطعت حبال الرياض الممتدة من بكين وموسكو وحتى واشنطن..
روسيا بوتين أثبتت غير مرة أنها الأحرص والأكثر وضوحاً على إبقاء مصالحها مع الرياض راسخة ومتنامية والمواقف الدولية بين السعودية وروسيا تكاد تكون متفقة على كثير من الملفات أكثر من اختلافهما معاً، ولذلك فإن الزيارات الدبلوماسية والتشاور بينهما على كثير من الملفات في المنطقة لم ينقطع وخصوصاً في الثلاث سنوات الأخيرة.. بوتين يجد في السعودية حليفاً مهماً ينبغي ألا يفرط فيه، ونحن نجد في موسكو وضوحاً في الرؤية قد لا تتمتع به «أوروبا» العجوز ولا أمريكا «الواشنطن بوست»، مهما ردد الغرب أنه لن يخسر السعودية، فالسعودية أيضاً لن تخسر موسكو ولا العكس. !
* كاتب سعودي