تزخر العلوم والتخصصات الإدارية على اختلافها بالكثير من المفاهيم المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية للمنظمات الهادفة للربح، وهي المفاهيم التي اكتسبت زخماً وتراكماً على مدار سنوات البحث العلمي والاجتماعي في هذا المجال، وهدفت بصورة عامة إلى ترسيخ دور أكثر إنسانية لتلك المنظمات بحيث تتمكن من خلاله من خدمة المجتمع وتلبية احتياجات مواطنيه بعيداً عن هدف تعظيم الأرباح واللهاث وراء محاولات تكوين أكبر قدر ممكن من الثروات المادية، دون مراعاة أية أبعاد إنسانية أو اجتماعية أخرى.
وعلى الرغم من أهمية هذا الموضوع إلا أنني أعتقد أن المسؤولية الاجتماعية للمواطن أكثر أهمية ووضوحاً وتبلوراً من المسؤولية الاجتماعية لمنظمات الأعمال، وذلك لأسباب عديدة لعل أهمها أن المسؤولية الاجتماعية للمنظمات الربحية ربما تصطدم بالأهداف الإستراتيجية لها بل وقد تتعارض معها، لذلك قد يتعذر تحقيقها بصورة حقيقية دونما تلاعب أو تحايل، كما أن المسؤولية الاجتماعية للمواطن تتشابك مع تكوينه الوطني وانتمائه الفكري، والتركيز على المسؤولية الاجتماعية للمواطن يعد نوعاً من أنواع رفع كفاءة وعيه وتعميق انتمائه وولائه لبلده، وهو ما يعني في نهاية الأمر أن مسؤولية المواطن الاجتماعية هي الطريق الرئيسي لتطوير المجتمع وإعادة بنائه بطريقة صحيحة.
ما أقصده بالمسؤولية الاجتماعية هنا هو أمور عديدة، منها ما هو مادي ومنها ما هو معنوي، منها ما هو قصير المدى ومنها ما هو طويل المدى، منها ما هو بسيط وبديهي وعفوي ومنها ما هو يحتاج إلى تثقيف وتربية وترسيخ وتأقلم، فعلى سبيل المثال فقط -لا الحصر- يعتبر التوقف عن إلقاء المخلفات في الشوارع نوعًا من أنواع المسؤولية الاجتماعية، فالمواطن إن شعر بأن الشارع العام هو جزء من بيته الخاص، لن يقوم برمي النفايات فيه باستهتار وعدم تحمل للمسؤولية، وعندما يلتزم كل مواطن بقوانين المرور دون تربص لمخالفتها هو نوع من الوعي العميق بالفلسفة الكامنة خلف إقرار تلك القواعد، يعكس وعياً أعمق بالمفهوم الشامل لحماية النفس والروح والممتلكات العامة والخاصة.
وعندما يفسح قائدو المركبات الطريق أمام سيارات المطافئ والإسعاف عن طيب خاطر، فإن ذلك يعد أيضاً نوعاً من أنواع السلوك الراقي، لكنه بخلاف ذلك يكشف عن إدراك عميق لمفهوم المسؤولية تجاه الآخرين وتجاه المجتمع بأكمله، وكذلك عندما لا يسارع المواطن لنيل دعم لا يستحقه؛ كأن يتهافت على الحصول على العلاج بالمراكز الصحية بسبب وبدون سبب، أو يقوم بالتسجيل في برنامج حافز دون استحقاق، فإن ذلك يعني أيضاً تفهم المواطن لآلية الدعم في بلده، والتي تعني في نهاية المطاف ترك الدعم لمستحقيه كونهم أولى به، وسيؤدي ذلك تباعاً إلى تحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة، وإتاحة الفرص المتكافئة في المجتمع، كخطوة أولية ومبدئية لازدهاره ورفاهيته.
لاشك أن المسؤولية الاجتماعية للمواطن هي جزء لا يتجزأ من المسؤولية الاجتماعية لفئات عديدة في المجتمع، وهي حلقة وصل في سلسلة عميقة ومتشابكة تجمع ما بين الدولة والمواطن، وبرأيي أن كل نشاط يخص المواطن يعد نوعاً من أنواع المسؤولية الاجتماعية، فإتقان العمل واحترام الآخرين، وتربية الأبناء بشكل صحي، ومحاربة الأفكار المتطرفة وعدم تصديق الشائعات، كلها سلوكيات حياتية عامة تعكس المسؤولية الاجتماعية للمواطن، والتي في حال ترسيخها وتحويلها لنوع من الثقافة العامة والمظاهر الحضارية المميزة للمجتمع، ستصبح طاقة إيجابية قوية ووطيدة من شأنها تغيير المجتمع برمته، وستسهم في نقله إلى مستوى آخر من التطور والتميز معاً، وبالتالي فإن التزام المواطن بمسؤوليته الاجتماعية يعتبر أرقى نوع من أنواع الانتماء الوطني، وأشدها صلابة وتلاحمًا.
* كاتب سعودي
وعلى الرغم من أهمية هذا الموضوع إلا أنني أعتقد أن المسؤولية الاجتماعية للمواطن أكثر أهمية ووضوحاً وتبلوراً من المسؤولية الاجتماعية لمنظمات الأعمال، وذلك لأسباب عديدة لعل أهمها أن المسؤولية الاجتماعية للمنظمات الربحية ربما تصطدم بالأهداف الإستراتيجية لها بل وقد تتعارض معها، لذلك قد يتعذر تحقيقها بصورة حقيقية دونما تلاعب أو تحايل، كما أن المسؤولية الاجتماعية للمواطن تتشابك مع تكوينه الوطني وانتمائه الفكري، والتركيز على المسؤولية الاجتماعية للمواطن يعد نوعاً من أنواع رفع كفاءة وعيه وتعميق انتمائه وولائه لبلده، وهو ما يعني في نهاية الأمر أن مسؤولية المواطن الاجتماعية هي الطريق الرئيسي لتطوير المجتمع وإعادة بنائه بطريقة صحيحة.
ما أقصده بالمسؤولية الاجتماعية هنا هو أمور عديدة، منها ما هو مادي ومنها ما هو معنوي، منها ما هو قصير المدى ومنها ما هو طويل المدى، منها ما هو بسيط وبديهي وعفوي ومنها ما هو يحتاج إلى تثقيف وتربية وترسيخ وتأقلم، فعلى سبيل المثال فقط -لا الحصر- يعتبر التوقف عن إلقاء المخلفات في الشوارع نوعًا من أنواع المسؤولية الاجتماعية، فالمواطن إن شعر بأن الشارع العام هو جزء من بيته الخاص، لن يقوم برمي النفايات فيه باستهتار وعدم تحمل للمسؤولية، وعندما يلتزم كل مواطن بقوانين المرور دون تربص لمخالفتها هو نوع من الوعي العميق بالفلسفة الكامنة خلف إقرار تلك القواعد، يعكس وعياً أعمق بالمفهوم الشامل لحماية النفس والروح والممتلكات العامة والخاصة.
وعندما يفسح قائدو المركبات الطريق أمام سيارات المطافئ والإسعاف عن طيب خاطر، فإن ذلك يعد أيضاً نوعاً من أنواع السلوك الراقي، لكنه بخلاف ذلك يكشف عن إدراك عميق لمفهوم المسؤولية تجاه الآخرين وتجاه المجتمع بأكمله، وكذلك عندما لا يسارع المواطن لنيل دعم لا يستحقه؛ كأن يتهافت على الحصول على العلاج بالمراكز الصحية بسبب وبدون سبب، أو يقوم بالتسجيل في برنامج حافز دون استحقاق، فإن ذلك يعني أيضاً تفهم المواطن لآلية الدعم في بلده، والتي تعني في نهاية المطاف ترك الدعم لمستحقيه كونهم أولى به، وسيؤدي ذلك تباعاً إلى تحقيق العدالة الاجتماعية المنشودة، وإتاحة الفرص المتكافئة في المجتمع، كخطوة أولية ومبدئية لازدهاره ورفاهيته.
لاشك أن المسؤولية الاجتماعية للمواطن هي جزء لا يتجزأ من المسؤولية الاجتماعية لفئات عديدة في المجتمع، وهي حلقة وصل في سلسلة عميقة ومتشابكة تجمع ما بين الدولة والمواطن، وبرأيي أن كل نشاط يخص المواطن يعد نوعاً من أنواع المسؤولية الاجتماعية، فإتقان العمل واحترام الآخرين، وتربية الأبناء بشكل صحي، ومحاربة الأفكار المتطرفة وعدم تصديق الشائعات، كلها سلوكيات حياتية عامة تعكس المسؤولية الاجتماعية للمواطن، والتي في حال ترسيخها وتحويلها لنوع من الثقافة العامة والمظاهر الحضارية المميزة للمجتمع، ستصبح طاقة إيجابية قوية ووطيدة من شأنها تغيير المجتمع برمته، وستسهم في نقله إلى مستوى آخر من التطور والتميز معاً، وبالتالي فإن التزام المواطن بمسؤوليته الاجتماعية يعتبر أرقى نوع من أنواع الانتماء الوطني، وأشدها صلابة وتلاحمًا.
* كاتب سعودي