-A +A
محمد الدليمي
ربما مثلي كثير من القراء لا يعرف كثيرا عن الأرجنتين سوى أنها دولة في أمريكا الجنوبية عانت وتعاني من مصاعب اقتصادية، إلا أن رحلة سمو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد في المملكة العربية السعودية إلى بوينس آيرس للمشاركة في قمة مجموعة العشرين سلط عليها كثيرا من الأضواء ليس لأنها عاصمة جميلة ونشيطة، لكن الإعلام المعادي لتوجهات المملكة العربية السعودية وسياساتها صنع حملة إعلامية حاقدة رسمت خطوطها في الدوحة وإسطنبول وعواصم أخرى للتشويش على هذه المشاركة التاريخية لقائد عربي يتألق في كل المواقع والمحطات مسكونا بهموم أمته وطموحات بلده في ولوج عصر التحولات الاقتصادية الكبرى.

ذهبت السعودية إلى الأرجنتين مرتكزة إلى مكان ومكانة، فالمكان هو قلب العالم الإسلامي ورئته تلك البقعة المقدسة التي يتنفس حبها ويتوق إليها وتهفو لها نفوس ما يزيد على مليار ونصف من المسلمين في العالم، أما المكانة فقد حازت عليها من خلال عدة معطيات أولها السياسة الخارجية الكيسة والمتزنة للمملكة العربية السعودية القائمة على الاحترام المتبادل بين الدول وتبادل المصالح المشروعة والحفاظ على الأمن الإقليمي والدولي وثانيا.. موقع السعودية المحوري في سوق الطاقة العالمي جعل من قراراتها ميزانا دقيقا لقياس حرارة الأسواق الاقتصادية في العالم واتجاهاتها، وثالثا.. إن المملكة تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ومتابعة وتخطيط ولي عهده الأمير محمد بن سلمان قد امتلكت رؤية إستراتيجية للنهضة العملاقة التي يتطلع إليها شعب المملكة عبر السنوات القادمة فوضعت الخطط للمشاريع الكبرى وتوطين التكنولوجيا المتطورة ودخول عالم التصنيع الحقيقي ووضع معالجات حاسمة للعديد من المشكلات.


ذهب الأمير محمد بن سلمان في محطات المغادرة والعودة الميمونة وهو موضع احتفاء واحتفال وترحيب منقطع النظير من جميع الدول التي زارها والتقى قادتها، ثم كان حضوره الكبير للقمة الكبرى لقمم العالم في الأرجنتين وكل كاميرات العالم وعيونه مصوبة، على مشيته، على حديثه، على حركاته، بل قل حتى سكناته، أذهلهم بهذه الكاريزما القيادية والشخصية الباسمة والوازنة وتصرفات رجل الدولة البارز، فلم تسجل عليه هفوة دبلوماسية واحدة، ولم يرتكب خطأ بروتوكوليا واحدا على الرغم من الجو المخيم والمشحون والحساسيات في هذا الاجتماع الدوري لكبراء العالم وسط حملة من أبواق الشر الموتورين وزعيقهم الذي ارتد عليهم، فكان حضور الأمير السعودي مذهلا ونال إعجاب العالم بأجمعه وأشادت به وسائل إعلام عربية وعالمية عديدة، ويمكنني أن أصفه خلال القمة ورحلة عودته قمرا بين نجوم.

لقد حققت رحلة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان المظفرة ما لم تستطع تحقيقه وزارات خارجية ولا بعثات دبلوماسية في أية دولة لو اشتغلت عشرات السنين، فقد تألق سموه واحدا من أقطاب العالم متسلحا برؤية إستراتيجية وعزيمة قائد قوي يستند إلى إيمانه العميق بدينه الحنيف والتفاف شعبه حوله وكل أبناء الأمة العربية والإسلامية، فقد أصبحت مملكة العزم سياج الحزم تذود عن حياض الأمة العربية وأمنها القومي ضد أخطار الشر القادمة من قم وطهران، ومن نتوءات جغرافية تسمي نفسها دولا للأسف، فخابت كل سهامهم وارتدت عليهم خذلانا وفشلا وبزغ نجم القائد العربي الشهم والعقل الإستراتيجي والسياسي المحنك محمد بن سلمان.

لله درك يا أميرنا الملهم، فأنت في موضع القيادة لأجيال عربية باتت تنظر إليك أنموذجا مشرقا ومشعا وعنوانا يدفع نحو العمل والإبداع والحماسة والابتكارلأجيال عربية افتقدت مصدر الإلهام والقدوة. واسمح لي أن أعيد ما قلت، لقد كنت في بوينس آيرس قمرا بين نجوم.

* كاتب عراقي