في اعتقادي أننا تأخرنا في الدفع باستثماراتنا في الخارج في الوقت والقدر المطلوب وفقاً لحجم المملكة الاقتصادي ومكانتها النفطية على الساحة العالمية، سواء أكان ذلك في مجال الطاقة وتصنيع النفط الخام، أو صناعة البتروكيماويات والصناعات التحويلية المتصلة بها، أو حتى في مجال الاستثمارات الأخرى التي تحتاجها المملكة لأسباب غذائية ومائية، ومن بينها متطلبات «مبادرة الملك عبدالله للاستثمار الزراعي في الخارج»، والتي صدر لها نظام من مجلس الوزراء على ما أتذكر قبل بضع سنوات، ولا أعلم ما تحقق منها من عدمه حتى الآن، كما أستغرب من غياب كيان هيكلي للاستثمار في الخارج، كإقامة مجلس للمستثمرين السعوديين في الخارج يسهم في التنسيق فيما بينهم والدفاع عن مصالحهم، وكحلقة اتصال مع الحكومة في الداخل، مع تبادل التجارب والخبرات فيما بينهم، فكم شركة عملت في الخارج وعادت أدراجها مرة أخرى، ومثل هذا القالب الهيكلي ليس بدعة أو ترفا تنظيميا، ولكنه فكرة معمول بها لدى بعض الدول، فالإمارات مثلاً أسست «مجلس الإمارات للمستثمرين في الخارج» منذ وقت طويل، وهو الذي يشكل اليوم همزة وصل بين المستثمرين الإماراتيين وحكومات تلك الدول التي يستثمرون فيها ويصدر تقريرا سنويا، ولا عجب في كونها دولة تنشط في الاستثمار في الخارج بقوة من خلال 200 شركة تستثمر في 70 دولة، حتى بلغ إجمالي هذه الاستثمارات 5.5 تريليون درهم، وهي استثمارات تتبع لهيئات أو صناديق حكومية، مثل جهاز أبوظبي للاستثمار، أو لشركات شبه حكومية مثل شركات بروج واتصالات وموانئ دبي وإعمار ودبي للاستثمار ودبي القابضة وغيرها، أو أنها استثمارات لشركات عائلية مثل الفطيم والفهيم والحبتور وثاني وشرف والغرير والظاهري، والشركة الأخيرة بالمناسبة التي حققت امتيازاً ناجحاً في مجال الأمن الغذائي والزراعي، يمكن الاستفادة منها في المملكة. الشاهد أن هذه الشركات بالإضافة للفرص الاستثمارية التي اقتنصتها والعائدات المالية التي تجنيها، فقد تحولت أيضا إلى أخطبوط مالي وذراع اقتصادي للدولة التابعة لها، وذات تأثير مباشر في اقتصاديات بعض الدول خصوصاً الاستثمار في بعض القطاعات الهامة كالبنية التحتية والطاقة والاتصالات والسندات والأوراق المالية وغيرها.