زمن يطويه زمن، ووعي يلفظه ويتخطاه وعي، ولا تزال الزراعة تعيد سيرتها الأولى بعد أن تغيرت أدواتها واختلفت أساليبها وانقلبت أهدافها رأسا على عقب.
إن أول ما لفت انتباهي بلقائي وبعض الزملاء الكتاب مع وزير البيئة والمياه والزراعة ومجموعة من الوكلاء والخبراء، هو أن هذا اللقاء تمت الدعوة له يوم السبت (إجازة الأسبوع)، وهذا له دلالته حسبما شاهدت من حماس وإيمان وفهم يتحدث به الوزير وكل الفريق الذي يحمل مشعل التبشير بعهد زراعي جديد تحفه البيئة والحفاظ على الثروة المائية.
فمنذ كان القمح شعارا للخبز والأمن الغذائي، ومنذ أصبحت الأعلاف والإنتاج الحيواني عنواناً لمرحلة، ومنذ كانت الأرض الصالحة وغير الصالحة للزراعة توزع على المزارعين وغير المزارعين، أصبحت الزراعة اليوم عضويةً وصحيّةً ومائيةً وذكيةً وتنميةً ريفيةً.
مرت الزراعة والسياسات الزراعية في المملكة بالعديد من المحطات التاريخية المهمة، وتعاقبت خلالها مدارس زراعية متعددة وذلك إما انسجاما مع كل ثقافة ومعرفة زراعية جديدة متوفرة في كل مرحلة، أو أن تكون تناغما مع متغيرات اجتماعية تشهدها المجتمعات المحلية خاصة في المناطق الريفية، أو بغية الوصول إلى التوازن بين الموارد الطبيعية وعدم الاندفاع وراء إحداها على حساب موارد طبيعية أخرى. فمن دمج الزراعة والمياه في وزارة واحدة إلى فصل الزراعة عن المياه في وزارتين إلى دمج الزراعة والمياه في وزارة واحدة.
يبدو أن إضافة «البيئة» إلى الوزارة قد مكن فريق الوزارة من إعادة التوازن بين مدرسة الأمن المائي ومدرسة الأمن الغذائي، وقد تكون أسهمت البيئة فعليا بحسم إشكالية الماء والغذاء بالوصول إلى بلورة واعتماد أربع إستراتيجيات نجح فريق الوزارة ببلورتها والتوصل لها، وهي إستراتيجية الماء وإستراتيجية البيئة وإستراتيجية الغذاء وإستراتيجية الزراعة.
ما لفت انتباهي أن بلورة تلك الإستراتيجيات تم بتنسيق وتكامل كل واحدة من تلك الإستراتيجيات مع بقية الإستراتيجيات، وليس على حسابها أو بمعزل عنها وهنا الفرق الجوهري الذي سيصحح مسارات الوزارة وعثرات غيرها من الوزارات تبعا لبوصلة الأهداف التي رسمتها رؤية 2030 وبرامج التحول.
لفت انتباهي أن الوزارة الحالية للبيئة والمياه والزراعة لم تعد تعتنق الأرقام القياسية بإنتاج محاصيل على حساب محاصيل أخرى أو على حساب مصادر طبيعية أو قيمة بيئية.
لم تعد الوزارة مسكونة بهاجس إنتاج الكميات المطلقة من الورود، ولم يعد يعني الوزارة كم ننتج من القمح والشعير والفواكه، أو كم ننتج من الأغنام أو التمور أو الهكتارات المترامية من الأعلاف أو الذرة، بقدر ما يعنيها هل هذه الكميات من المحاصيل على حساب الماء؟ وهل هي الأغنام والإبل التي يتم تربيتها تتسبب بمزيد من الحاجة للأعلاف واستنزاف كميات كبيرة من المياه؟.
أصبحت وزارة البيئة والمياه والزراعة معنية بخلق فرص العمل وفرص الاستثمار خاصة في المناطق الزراعية والريفية تماما مثلها مثل كافة الوزارات التي تعمل في ضوء رؤية 2030.
فلا تكاد تخلو منطقة من مناطق المملكة أو ريف من أريافها الشاسعة والمترامية من المشروعات السمكية والدواجن أو مشروعات الفواكه أو الخضار أو مشروعات القهوة ومشروعات الزيتون.
كما أصبحت الزراعة العضوية ثقافة تتنامى وتنتشر في السنوات الأخيرة وذلك لضرورات صحية وغذائية، ناهيك عن تنامي الزراعة المائية التي تمليها الحاجة لتوفير المياه وتدويرها وعدم استهلاك الكثير منها.
أعرف أن هناك الكثير من العمل الذي على الوزارة القيام به خلال المرحلة المقبلة، وأعرف أن الوزارة عازمة على تحقيق الأهداف، إلا أنني أحيي ما قامت به الوزارة حتى الآن في كافة القطاعات المسؤولة عنها وعلى امتداد جغرافية الوطن، لأن البداية التي سمعتها ولمستها من حديث الوزير وزملائه من الخبراء وإجاباتهم المعبرة عن إيمان وحماس وقناعة على كل أسئلتنا كانت مؤشرا واعدا على عصر جديد واعد للزراعة والبيئة والمياه.
فاتني أن أسأل الوزير سؤالا واحدا وهو: هل هناك مغزى في ترتيب (1 البيئة و2 المياه و3 الزراعة) في مسمى الوزارة أم أنه مجرد صياغة لغوية؟.
* كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org
إن أول ما لفت انتباهي بلقائي وبعض الزملاء الكتاب مع وزير البيئة والمياه والزراعة ومجموعة من الوكلاء والخبراء، هو أن هذا اللقاء تمت الدعوة له يوم السبت (إجازة الأسبوع)، وهذا له دلالته حسبما شاهدت من حماس وإيمان وفهم يتحدث به الوزير وكل الفريق الذي يحمل مشعل التبشير بعهد زراعي جديد تحفه البيئة والحفاظ على الثروة المائية.
فمنذ كان القمح شعارا للخبز والأمن الغذائي، ومنذ أصبحت الأعلاف والإنتاج الحيواني عنواناً لمرحلة، ومنذ كانت الأرض الصالحة وغير الصالحة للزراعة توزع على المزارعين وغير المزارعين، أصبحت الزراعة اليوم عضويةً وصحيّةً ومائيةً وذكيةً وتنميةً ريفيةً.
مرت الزراعة والسياسات الزراعية في المملكة بالعديد من المحطات التاريخية المهمة، وتعاقبت خلالها مدارس زراعية متعددة وذلك إما انسجاما مع كل ثقافة ومعرفة زراعية جديدة متوفرة في كل مرحلة، أو أن تكون تناغما مع متغيرات اجتماعية تشهدها المجتمعات المحلية خاصة في المناطق الريفية، أو بغية الوصول إلى التوازن بين الموارد الطبيعية وعدم الاندفاع وراء إحداها على حساب موارد طبيعية أخرى. فمن دمج الزراعة والمياه في وزارة واحدة إلى فصل الزراعة عن المياه في وزارتين إلى دمج الزراعة والمياه في وزارة واحدة.
يبدو أن إضافة «البيئة» إلى الوزارة قد مكن فريق الوزارة من إعادة التوازن بين مدرسة الأمن المائي ومدرسة الأمن الغذائي، وقد تكون أسهمت البيئة فعليا بحسم إشكالية الماء والغذاء بالوصول إلى بلورة واعتماد أربع إستراتيجيات نجح فريق الوزارة ببلورتها والتوصل لها، وهي إستراتيجية الماء وإستراتيجية البيئة وإستراتيجية الغذاء وإستراتيجية الزراعة.
ما لفت انتباهي أن بلورة تلك الإستراتيجيات تم بتنسيق وتكامل كل واحدة من تلك الإستراتيجيات مع بقية الإستراتيجيات، وليس على حسابها أو بمعزل عنها وهنا الفرق الجوهري الذي سيصحح مسارات الوزارة وعثرات غيرها من الوزارات تبعا لبوصلة الأهداف التي رسمتها رؤية 2030 وبرامج التحول.
لفت انتباهي أن الوزارة الحالية للبيئة والمياه والزراعة لم تعد تعتنق الأرقام القياسية بإنتاج محاصيل على حساب محاصيل أخرى أو على حساب مصادر طبيعية أو قيمة بيئية.
لم تعد الوزارة مسكونة بهاجس إنتاج الكميات المطلقة من الورود، ولم يعد يعني الوزارة كم ننتج من القمح والشعير والفواكه، أو كم ننتج من الأغنام أو التمور أو الهكتارات المترامية من الأعلاف أو الذرة، بقدر ما يعنيها هل هذه الكميات من المحاصيل على حساب الماء؟ وهل هي الأغنام والإبل التي يتم تربيتها تتسبب بمزيد من الحاجة للأعلاف واستنزاف كميات كبيرة من المياه؟.
أصبحت وزارة البيئة والمياه والزراعة معنية بخلق فرص العمل وفرص الاستثمار خاصة في المناطق الزراعية والريفية تماما مثلها مثل كافة الوزارات التي تعمل في ضوء رؤية 2030.
فلا تكاد تخلو منطقة من مناطق المملكة أو ريف من أريافها الشاسعة والمترامية من المشروعات السمكية والدواجن أو مشروعات الفواكه أو الخضار أو مشروعات القهوة ومشروعات الزيتون.
كما أصبحت الزراعة العضوية ثقافة تتنامى وتنتشر في السنوات الأخيرة وذلك لضرورات صحية وغذائية، ناهيك عن تنامي الزراعة المائية التي تمليها الحاجة لتوفير المياه وتدويرها وعدم استهلاك الكثير منها.
أعرف أن هناك الكثير من العمل الذي على الوزارة القيام به خلال المرحلة المقبلة، وأعرف أن الوزارة عازمة على تحقيق الأهداف، إلا أنني أحيي ما قامت به الوزارة حتى الآن في كافة القطاعات المسؤولة عنها وعلى امتداد جغرافية الوطن، لأن البداية التي سمعتها ولمستها من حديث الوزير وزملائه من الخبراء وإجاباتهم المعبرة عن إيمان وحماس وقناعة على كل أسئلتنا كانت مؤشرا واعدا على عصر جديد واعد للزراعة والبيئة والمياه.
فاتني أن أسأل الوزير سؤالا واحدا وهو: هل هناك مغزى في ترتيب (1 البيئة و2 المياه و3 الزراعة) في مسمى الوزارة أم أنه مجرد صياغة لغوية؟.
* كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org