-A +A
حمود أبو طالب
كل عام والجميع بخير. الجميع دون استثناء لأحد من بني البشر على هذا الكوكب الذي أتعبهم وأتعبوه. كلنا يجب أن نتمنى الخير لبعضنا البعض بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى لأننا في النهاية لا بد أن نعلي قيم التعايش والمحبة والسلام والوئام، ونحاول بضمير مخلص أن نعلو ونتسامى على بواعث الضغائن والكراهية والأحقاد.

هي أمنيات نرددها مع نهاية كل عام وبداية عام جديد، لكن المشكلة أن هذا الإنسان الذي يتمنى الخير للعالم والإنسانية هو نفسه الذي يتفنن في صنع الشرور ونشرها، هو الذي يمارس أشد المتناقضات وأسوأها، هو الذي يجعل العالم جميلاً في لحظة وشديد القبح في لحظة أخرى. يعمل ليل نهار في مختبرات العلوم لتخليص البشرية من الأمراض والأوبئة واختراع منتجات التقنية المتطورة التي تجعل الحياة أفضل، لكنه على الرصيف المقابل وفي ذات الوقت يجتهد ويتفنن في تصنيع وتطوير أسلحة الدمار التي بإمكانها تحويل كوكب الأرض بكل من عليه إلى يباب في لحظات. يزرع حقول الورد وينثر الجمال، وفي مكان آخر يزرع الألغام والدمار والفناء. يتغنى بجمال الحياة لكنه لا يتورع عن تحويلها إلى جحيم لا يطاق.


صنفان متضادان من البشر منذ بدء الخليقة إلى نهايتها يجعلان الحياة زاخرة باللامعقول واللامفهوم، لكن كلما تطور الإنسان زادت شراسته وأصبحت الكفة تميل أكثر إلى الشر والقلق والخوف والاستخفاف بالحياة، ورغم ذلك ستظل التهاني والأمنيات والأحلام تداعب بداية كل عام، لعل كفة الخير والمحبة والسلام تكون أرجح.