يوم لم يكن للتنوير والاعتدال سند ولا منبر، وفي أوج صعود الأصوات المتشددة التي كانت تنقض على كل صوت جديد، حمل الأمير خالد الفيصل قلقه على وطنه وآمن بمسؤوليته الثقافية والوطنية وفتح بابا جديدا للوعي ومواجهة الحزبية والتطرف وتعرض لكثير من الهجوم من أعداء الوطنية وممن أصابهم الذعر وهم يسمعون بكل وضوح حديثا عن (المنهج الخفي).
أدرك الأمير مبكرا أن التطرّف لا يمكن مواجهته فقط من خلال القضاء على الجماعات والخلايا المسلحة بل لا بد من مواجهته فكريا، وكان صاحب أول تحذير من تكرار ما حدث بعد حادثة جهيمان: لقد قضينا على الجماعة ولم نقض على فكرها.
مبكرا أيضا عرف الأمير أهمية الفنون والآداب في بناء الشخصية المعتدلة وعرفت عسير أبرز وأشهر الحفلات الغنائية والمتاحف وكثيرا من الاحتفاء بالفنون والجمال والتراث، بالإضافة إلى النقلة التنموية الضخمة التي شهدتها المنطقة وفي كتابه: (مسافة التنمية وشاهد عيان) ما يعكس التجربة وتحدياتها.
جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر العام 2001 وما تلاها من أحداث العنف والإرهاب التي شهدتها بعض المدن السعودية وحين وجد أصحاب الفكر المتشدد أنهم أصبحوا في دائرة الاتهام غيروا جلودهم ومنطقهم وأصبحوا دعاة تعايش ووسطية، وفي الواقع فقد انطلى على كثير منا ذلك التحول، لكن وفي العام 2004 وفي أحد اللقاءات التلفزيونية تساءل الأمير: ماذا عن خطابهم السابق؟ وكيف تحولوا بين عشية وضحاها؟ حسنا سنقبل تحولهم إذا خرجوا على الملأ وتبرأوا من مواقفهم وخطابهم الذي لا يزال متداولا.
يومها كانت منتديات الإنترنت والأسماء المستعارة لا تتوقف عن الهجوم والتعليق على آراء الأمير ومواقفه، وقليل من أولئك المتنطعين خرجوا بأسمائهم الصريحة في مهاجمة الأمير ودعوته للمناظرة، لكن خالد الفيصل يدرك أن معركته ليست مع هؤلاء بل معركته الحقيقية من أجل وطنه وأمنه واعتداله ومستقبله.
لم تكن الإمارة عنصر القوة الذي استند إليه خالد الفيصل في مواقفه ورؤيته على مدى العقود السابقة لكنها مسؤوليته كسعودي ومثقف ومشغول بالاعتدال والمستقبل، ولذلك وفي ذروة تراجع الخطاب الوطني إبان تصاعد الصوت الحزبي والحركي كان الأمير من أوائل من لفت الأنظار إلى خطورة غياب الوطنية في المناهج والإعلام والمنابر وتغييب الرموز الوطنية والقيم السعودية وبناء ولاءات أممية وخارجية، ولم يعبأ بكل ذلك الهجوم وظل يواصل خطواته من أجل وطنه واعتداله.
مشروعات ثقافية وإعلامية نوعية ومؤثرة وقف خلفها فكر الأمير ورؤيته الواعية، والجميع يدرك كيف مثلت صحيفة الوطن تحولا ضخما في الإعلام السعودي وباتت منبرا وطنيا جديدا.
في الأزمنة التي تراجع فيها التأثير السعودي في الإقليم شراكة وتفاعلا جاءت مؤسسة الفكر العربي لتمثل أضخم وأحدث التجارب في العمل الثقافي الفكري، وأول مشروع أهلي يستهدف بناء وتدعيم الوعي العام في الفضاء العربي، والأهم أنها كانت مبادرة أعادت الوهج للتأثير السعودي الثقافي في المحيط العربي والإقليمي.
من عسير إلى مكة إلى التعليم ثم مستشارا لخادم الحرمين الشريفين وأميرا لمنطقة مكة، طوال تلك العقود من العمل الحكومي ظلت علاقة الأمير خالد الفيصل بملوك هذه البلاد وبالأمراء الكبار نموذجا لرجل الدولة الصادق والمخلص، وفي كل عهد كان له حضوره ودوره النوعي والمؤثر، وطوال تلك السنوات من الجهد والعطاء يمكن ملاحظة مجموعة من القيم الثابتة التي مثلت مشروعه الوطني والتي تدور حول بناء الوعي الوطني والاعتدال والكفاءة والفكر التنويري والاعتزاز بهذه البلاد وبأبنائها وبناتها والتطلع نحو مستقبل سعودي نوعي.
ومع مرور السنين يزداد الأمير عطاء وتوهجا، ويمثل في كل عهد محورا للدولة بفكره ونموذجه ووطنيته الصادقة. إنه رجل الدولة والاعتدال والفكر والأدب والرمز الوطني الكبير الذي لا يشيخ، إنه الأمير خالد الفيصل.
* كاتب سعودي
أدرك الأمير مبكرا أن التطرّف لا يمكن مواجهته فقط من خلال القضاء على الجماعات والخلايا المسلحة بل لا بد من مواجهته فكريا، وكان صاحب أول تحذير من تكرار ما حدث بعد حادثة جهيمان: لقد قضينا على الجماعة ولم نقض على فكرها.
مبكرا أيضا عرف الأمير أهمية الفنون والآداب في بناء الشخصية المعتدلة وعرفت عسير أبرز وأشهر الحفلات الغنائية والمتاحف وكثيرا من الاحتفاء بالفنون والجمال والتراث، بالإضافة إلى النقلة التنموية الضخمة التي شهدتها المنطقة وفي كتابه: (مسافة التنمية وشاهد عيان) ما يعكس التجربة وتحدياتها.
جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر العام 2001 وما تلاها من أحداث العنف والإرهاب التي شهدتها بعض المدن السعودية وحين وجد أصحاب الفكر المتشدد أنهم أصبحوا في دائرة الاتهام غيروا جلودهم ومنطقهم وأصبحوا دعاة تعايش ووسطية، وفي الواقع فقد انطلى على كثير منا ذلك التحول، لكن وفي العام 2004 وفي أحد اللقاءات التلفزيونية تساءل الأمير: ماذا عن خطابهم السابق؟ وكيف تحولوا بين عشية وضحاها؟ حسنا سنقبل تحولهم إذا خرجوا على الملأ وتبرأوا من مواقفهم وخطابهم الذي لا يزال متداولا.
يومها كانت منتديات الإنترنت والأسماء المستعارة لا تتوقف عن الهجوم والتعليق على آراء الأمير ومواقفه، وقليل من أولئك المتنطعين خرجوا بأسمائهم الصريحة في مهاجمة الأمير ودعوته للمناظرة، لكن خالد الفيصل يدرك أن معركته ليست مع هؤلاء بل معركته الحقيقية من أجل وطنه وأمنه واعتداله ومستقبله.
لم تكن الإمارة عنصر القوة الذي استند إليه خالد الفيصل في مواقفه ورؤيته على مدى العقود السابقة لكنها مسؤوليته كسعودي ومثقف ومشغول بالاعتدال والمستقبل، ولذلك وفي ذروة تراجع الخطاب الوطني إبان تصاعد الصوت الحزبي والحركي كان الأمير من أوائل من لفت الأنظار إلى خطورة غياب الوطنية في المناهج والإعلام والمنابر وتغييب الرموز الوطنية والقيم السعودية وبناء ولاءات أممية وخارجية، ولم يعبأ بكل ذلك الهجوم وظل يواصل خطواته من أجل وطنه واعتداله.
مشروعات ثقافية وإعلامية نوعية ومؤثرة وقف خلفها فكر الأمير ورؤيته الواعية، والجميع يدرك كيف مثلت صحيفة الوطن تحولا ضخما في الإعلام السعودي وباتت منبرا وطنيا جديدا.
في الأزمنة التي تراجع فيها التأثير السعودي في الإقليم شراكة وتفاعلا جاءت مؤسسة الفكر العربي لتمثل أضخم وأحدث التجارب في العمل الثقافي الفكري، وأول مشروع أهلي يستهدف بناء وتدعيم الوعي العام في الفضاء العربي، والأهم أنها كانت مبادرة أعادت الوهج للتأثير السعودي الثقافي في المحيط العربي والإقليمي.
من عسير إلى مكة إلى التعليم ثم مستشارا لخادم الحرمين الشريفين وأميرا لمنطقة مكة، طوال تلك العقود من العمل الحكومي ظلت علاقة الأمير خالد الفيصل بملوك هذه البلاد وبالأمراء الكبار نموذجا لرجل الدولة الصادق والمخلص، وفي كل عهد كان له حضوره ودوره النوعي والمؤثر، وطوال تلك السنوات من الجهد والعطاء يمكن ملاحظة مجموعة من القيم الثابتة التي مثلت مشروعه الوطني والتي تدور حول بناء الوعي الوطني والاعتدال والكفاءة والفكر التنويري والاعتزاز بهذه البلاد وبأبنائها وبناتها والتطلع نحو مستقبل سعودي نوعي.
ومع مرور السنين يزداد الأمير عطاء وتوهجا، ويمثل في كل عهد محورا للدولة بفكره ونموذجه ووطنيته الصادقة. إنه رجل الدولة والاعتدال والفكر والأدب والرمز الوطني الكبير الذي لا يشيخ، إنه الأمير خالد الفيصل.
* كاتب سعودي