هي «البهدلة» في أقوى أدوارها. وتختلف عن أشكالها الأخرى مثل «الجربدة» في مقدار العنف الذي يحدث تغييرات جوهرية في الشكل والمضمون لضحاياها. وللأسف أن العديد من البشر لا يسلم منها. واخترت لكم اليوم إحدى أغرب حالات «الشلفطة» في الطبيعة بعيدا عن عالم الإنسان. معظمنا لا يعرف عنها إلا القليل جدا، رغم أنها الحالة السائدة للمادة في الكون أكثر من أية حالة أخرى. والغريب أن لها بعض الفوائد الرائعة التي غيرت حياتنا، وأضافت وتضيف الكثير بمشيئة الله اليوم وكل يوم. فضلا لاحظ أن معظم العناصر الطبيعية التي أنعم الله علينا بها في حالة صلبة مثل الحديد، والذهب، والنحاس. والقليل منها في حالة غازية مثل الأوكسجين، والنوادر منها في حالة سائلة مثل الزئبق. وتتحول المواد من حالة إلى أخرى عند إضافة الطاقة، فكلنا نعرف أن تسخين المواد الصلبة إلى درجات حرارة عالية يجعلها تنصهر وتتحول إلى سوائل، والمزيد من التسخين الشديد يجعلها تتحول إلى غازات، كل حسب ما حدد الرحمن. وإضافة المزيد من الطاقة يجعلها تغير خصائصها لتدخل مرحلة تسمى «بلازما» وهي مرحلة «الشلفطة» الذرية. والمقصود هنا أن ذرات العناصر تكون في مرحلة مختلفة عن مراحل الاستقرار، وبالتالي فتتغير خصائصها بالكامل: فهي ليست صلبة، ولا سائلة، ولا غازية... ولا تشبه أي من المراحل الثلاث. ويمكن القول إنها المرحلة «الرابعة» التي تتكون عند تسخين الغاز لدرجة حرارة رهيبة. ومن خصائصها أنها تسمح بمرور التيار الكهربائي بيسر. وتتميز البلازما بألوانها الغريبة الساطعة، ومن أشهرها في الطبيعة صواعق البرق، ومن أشهرها في حياتنا اليومية نجد أنوار «النيون». ومن أشهرها أيضا استخدامات تطبيقات أشعة الليزر، وتعقيم البصريات، والمشارط الجراحية الحديثة، وآلات القطع الحديثة التي تقطع الحديد الصلب وكأنه قطعة جنبة «قشقوان». ولكن المفاجأة الكبرى هي أن أكثر من تسعين في المائة من المادة في الكون هي بلازما فهي الأكثر انتشارا في الكون. والليلة، فضلا أنظر إلى السماء، والنجوم التي ستراها تضيء السماء بإرادة الله هي بسبب وجود البلازما. وطبعا حتى أثناء النهار، ستجد أن الشمس هي عبارة عن كومة عملاقة من البلازما، ولكن من النادر أن تجدها منتشرة على الأرض في حالتها الطبيعية.
طيب ولا مؤاخذة ماذا استفدنا من كل هذا؟ والإجابة هي الكثير جدا، فقد طور بعض العلماء العباقرة أساليب مذهلة لصناعة الشرائح الإلكترونية المتناهية الصغر باستخدام تقنيات البلازما. هناك دوائر كهربائية متناهية الصغر بأحجام صغيرة جدا جدا يتم تصنيعها بشرائح نحيفة جدا... الألف منها لا تكفي لتغطية عرض شعرة واحدة. ويمكن أيضا حفر فتحات عبر تلك الطبقات باستخدام تقنيات البلازما لتسمح بمرور الإشارات الكهربائية عبر الطوابق المختلفة. وهناك المزيد، ففي علاج السرطان، تتم «شعبطة» ذرات إشعاعية على خلايا مناعية بداخل جسم المريض للهجوم على الخلايا السرطانية، قمة الدهاء العلمي. وحتى في تصنيع الأقمشة يتم استخدام هذه التقنيات لمعالجة الأنسجة لتكن مقاومة للماء و«البهدلة».
أمنيــــة:
أتمنى أن نتذكر أن جمال «الشلفطة» ينتهي عند مستوى الذرات، فللأسف أن في عالم البشر تم تطوير فنونها للإساءات، فمعظم ما نرى من تطبيقاتها لا داعي لها سواء كانت للأفكار، أو المكاسب الحضارة، أو للبشر أنفسهم. والله يبعدنا عن شرورها،
وهو من وراء القصد.
* كاتب سعودي
طيب ولا مؤاخذة ماذا استفدنا من كل هذا؟ والإجابة هي الكثير جدا، فقد طور بعض العلماء العباقرة أساليب مذهلة لصناعة الشرائح الإلكترونية المتناهية الصغر باستخدام تقنيات البلازما. هناك دوائر كهربائية متناهية الصغر بأحجام صغيرة جدا جدا يتم تصنيعها بشرائح نحيفة جدا... الألف منها لا تكفي لتغطية عرض شعرة واحدة. ويمكن أيضا حفر فتحات عبر تلك الطبقات باستخدام تقنيات البلازما لتسمح بمرور الإشارات الكهربائية عبر الطوابق المختلفة. وهناك المزيد، ففي علاج السرطان، تتم «شعبطة» ذرات إشعاعية على خلايا مناعية بداخل جسم المريض للهجوم على الخلايا السرطانية، قمة الدهاء العلمي. وحتى في تصنيع الأقمشة يتم استخدام هذه التقنيات لمعالجة الأنسجة لتكن مقاومة للماء و«البهدلة».
أمنيــــة:
أتمنى أن نتذكر أن جمال «الشلفطة» ينتهي عند مستوى الذرات، فللأسف أن في عالم البشر تم تطوير فنونها للإساءات، فمعظم ما نرى من تطبيقاتها لا داعي لها سواء كانت للأفكار، أو المكاسب الحضارة، أو للبشر أنفسهم. والله يبعدنا عن شرورها،
وهو من وراء القصد.
* كاتب سعودي