بعد مكاشفته بعدم الرضا عن حال التعليم، جاءت البداية السريعة من وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ، بورشة عمل مطولة ومتشعبة عن تحديات مستقبل التعليم، وزمن حدده معاليه بمائة يوم من العمل الميداني لرصد وتقييم مكامن الخلل، وتحديد ثغرات الفاقد التعليمي، والمبتغى في ذلك بلورة خطة عمل دقيقة لا تغرق في دوامة التنظير.
بالتأكيد أمام الوزارة تحديات كبيرة ومشوار طويل ومتشعب على امتداد أجهزة وميدان التعليم، خاصة مع تجربة الاختبارات الدولية في الربع الأول من العام الحالي 2019، بعد أن جاءت من قبل نتائج اختبارات (TIMSS) في الرياضيات والعلوم للطلاب السعوديين المشتركين مُخيبة للآمال والتطلعات وكاشفة عن مخرجات تعليمية لهذين الصفين كنموذج دون المستوى المرضي والمقبول.
أيضاً تقرير المركز الوطني للقياس المنشور مؤخراً أشار إلى فجوة كبيرة بين الاختبارات التحصيلية التي يجريها واختبارات الثانوية العامة، وهذا أحد المظاهر الكاشفة للفاقد التعليمي الناجم عن ضعف الأداء، ويمكن بسهولة رصد أسبابه، هذا ضمن سياق سلبيات واقع العمل وضعف ثقافته في أجهزة عديدة وليست منظومة التعليم استثناءً في ذلك، من حيث اعتياد النمطية وبعض مظاهر عدم الانضباط وهدر في ساعات الدوام.
الشفافية وجدية الانضباط والمتابعة والمحاسبة عوامل مهمة لإنجاز الأهداف، وهذا ينطبق على التعليم، وتصبح أكثر إلحاحاً عندما يتوارى الفكر والأداء التطويري، مع ضعف أو غياب دور الأسرة الذي يطول فيه الشرح، والمحصلة السلبية لكل ذلك على الجودة التعليمية والتربوية، طالما كان الشعار (ليس في الإمكان أبدع مما كان) ولا أعني اتهاماً لجهة إنما هي طبيعة الأشياء، وعلاجها يكون في رؤية واضحة للأهداف وشفافية عالية ومحاسبة حاضرة، وإرادة عالية في تقييم الواقع بما له وما عليه والعمل على جودة الأهداف.
إذا كانت الوزارة تنشد جودة المخرجات وهي بالفعل كذلك، لا بد وأن تتوفر في المرحلة القادمة آليات وأدوات الرصد والقياس وخطط التجويد من خلال القاعدة التعليمية وأعني الفصول المدرسية، وأخذ ذلك على محمل الجد والمسؤولية، وليس الاعتماد على تقارير تجيد فنون البلاغة و(إكليشيهات) جاهزة بأن كل شيء على ما يرام.
اعتمدنا طويلاً وكثيراً أن تكون تقارير احتياجات الصيانة واستكمال النواقص العينية هي الأكثر تعاملاً وحضوراً عبر القنوات الإدارية المختصة، لاعتماد ما يمكن اعتماده، وأن ما يتعلق بالمستوى التعليمي والمخرجات هو مسؤولية الطالب والطالبة عندما تقرر الاختبارات مصيراً إجبارياً للكثيرين في بقية مسارات التعليم وسوق العمل، بينما من حقهم مناهج علمية ومهنية ونظام تعليمي متقدم.
المائة يوم التي حددها الوزير هي أولى خطوات المشوار وستقود حتماً إلى مرحلة عمل مكثفة، لا بد فيها من بلورة رؤية لمستقبل التعليم وفق ما حددته الرؤية الأشمل للمملكة 2030، وأظنها مرحلة مهمة عندما يكون هذا التحرك للوزارة ومسؤوليها ومؤسساتها التعليمية خارج الصندوق وفق خطط مقرونة بالعمل الميداني والقياس العلمي ونموذج تعليمي متقدم، لا مجال فيه لأداء تقليدي أو تقارير معلبة الديباجات، فما أجمل الإنجاز عندما يقترن القول بالعمل والشفافية وفق رؤية واضحة، ويبقى التحدي في أن يشهد الواقع بصمات قوية في المنتج التعليمي، وهي مسؤولية دقيقة لا تحتمل التأجيل ولا التراخي، ومهمة شاقة حقاً لكنها ستثمر، إن شاء الله، عندما تقول شواهد الواقع إنه حقاً بالإمكان أبدع مما كان لمواكبة المعايير العالمية للتعليم.
* كاتب سعودي
بالتأكيد أمام الوزارة تحديات كبيرة ومشوار طويل ومتشعب على امتداد أجهزة وميدان التعليم، خاصة مع تجربة الاختبارات الدولية في الربع الأول من العام الحالي 2019، بعد أن جاءت من قبل نتائج اختبارات (TIMSS) في الرياضيات والعلوم للطلاب السعوديين المشتركين مُخيبة للآمال والتطلعات وكاشفة عن مخرجات تعليمية لهذين الصفين كنموذج دون المستوى المرضي والمقبول.
أيضاً تقرير المركز الوطني للقياس المنشور مؤخراً أشار إلى فجوة كبيرة بين الاختبارات التحصيلية التي يجريها واختبارات الثانوية العامة، وهذا أحد المظاهر الكاشفة للفاقد التعليمي الناجم عن ضعف الأداء، ويمكن بسهولة رصد أسبابه، هذا ضمن سياق سلبيات واقع العمل وضعف ثقافته في أجهزة عديدة وليست منظومة التعليم استثناءً في ذلك، من حيث اعتياد النمطية وبعض مظاهر عدم الانضباط وهدر في ساعات الدوام.
الشفافية وجدية الانضباط والمتابعة والمحاسبة عوامل مهمة لإنجاز الأهداف، وهذا ينطبق على التعليم، وتصبح أكثر إلحاحاً عندما يتوارى الفكر والأداء التطويري، مع ضعف أو غياب دور الأسرة الذي يطول فيه الشرح، والمحصلة السلبية لكل ذلك على الجودة التعليمية والتربوية، طالما كان الشعار (ليس في الإمكان أبدع مما كان) ولا أعني اتهاماً لجهة إنما هي طبيعة الأشياء، وعلاجها يكون في رؤية واضحة للأهداف وشفافية عالية ومحاسبة حاضرة، وإرادة عالية في تقييم الواقع بما له وما عليه والعمل على جودة الأهداف.
إذا كانت الوزارة تنشد جودة المخرجات وهي بالفعل كذلك، لا بد وأن تتوفر في المرحلة القادمة آليات وأدوات الرصد والقياس وخطط التجويد من خلال القاعدة التعليمية وأعني الفصول المدرسية، وأخذ ذلك على محمل الجد والمسؤولية، وليس الاعتماد على تقارير تجيد فنون البلاغة و(إكليشيهات) جاهزة بأن كل شيء على ما يرام.
اعتمدنا طويلاً وكثيراً أن تكون تقارير احتياجات الصيانة واستكمال النواقص العينية هي الأكثر تعاملاً وحضوراً عبر القنوات الإدارية المختصة، لاعتماد ما يمكن اعتماده، وأن ما يتعلق بالمستوى التعليمي والمخرجات هو مسؤولية الطالب والطالبة عندما تقرر الاختبارات مصيراً إجبارياً للكثيرين في بقية مسارات التعليم وسوق العمل، بينما من حقهم مناهج علمية ومهنية ونظام تعليمي متقدم.
المائة يوم التي حددها الوزير هي أولى خطوات المشوار وستقود حتماً إلى مرحلة عمل مكثفة، لا بد فيها من بلورة رؤية لمستقبل التعليم وفق ما حددته الرؤية الأشمل للمملكة 2030، وأظنها مرحلة مهمة عندما يكون هذا التحرك للوزارة ومسؤوليها ومؤسساتها التعليمية خارج الصندوق وفق خطط مقرونة بالعمل الميداني والقياس العلمي ونموذج تعليمي متقدم، لا مجال فيه لأداء تقليدي أو تقارير معلبة الديباجات، فما أجمل الإنجاز عندما يقترن القول بالعمل والشفافية وفق رؤية واضحة، ويبقى التحدي في أن يشهد الواقع بصمات قوية في المنتج التعليمي، وهي مسؤولية دقيقة لا تحتمل التأجيل ولا التراخي، ومهمة شاقة حقاً لكنها ستثمر، إن شاء الله، عندما تقول شواهد الواقع إنه حقاً بالإمكان أبدع مما كان لمواكبة المعايير العالمية للتعليم.
* كاتب سعودي