إن كان هناك من عنوان جامع لمسيرة تكريس الذات الإنسانية الفردية والجماعية على المثاليات الراقية فسيكون بالتأكيد «التحضر» والتحضر مسيرة تبدأ بالبنيان المادي للمدن ومرافقها الحيوية ويمتد إلى مرافقها المعنوية متمثلة بالكيانات الإعلامية والمعلوماتية والثقافية والحقوقية والتطوعية.
وكلما كانت المجتمعات أكثر رسوخا في التطور الحضاري كلما كانت أكثر رقيا أخلاقيا وسلوكيا سواء على مستوى الفرد أو الجماعة وهذا يفسر سبب تصدر الدول الأوروبية قوائم أكثر الدول نزاهة وأقل الدول في معدلات الفساد المالي والإداري والجرائم الجنائية والحقوقية وأقلها إرهابا وحربا، بينما الأقل تحضرا وتطورا هي أكثرها معاناة من الفساد المالي والجرائم الجنائية والحقوقية والإرهاب والحروب، وتبقى الدول الراسخة في التطور الحضاري تتابع مسيرة زيادة وعيها وسلوكها الأخلاقي ليشمل كل نواحي الحياة، ورهافة الحساسية الأخلاقية هذه يمكن رؤية مظاهرها حتى في مجال يعتبر ربما مبتذلا لكثرة ما هو معتاد مثل السلع الاستهلاكية، ولن يكتشفه من لم يتعود مطالعة المعلومات التي على السلع ليختارها بناء على اعتبارات أعمق من مجرد التعود والشهوة سواء أكانت اعتبارات تتعلق بالمعلومات الصحية أو بالمعلومات الأخلاقية، وعلى سبيل المثال؛ بعد افتضاح مقاطع وصور للآثار الصادمة لتجربة مستحضرات التجميل على الحيوانات ألغت كبريات الشركات الغربية تلك التجارب وصارت تضع على منتجاتها إشعارا مصدقا أنه لم تتم تجربتها على الحيوانات، وبعد افتضاح سوء ظروف العمل وضعف رواتب العاملين في زراعة وجني ثمار الكاكاو في أفريقيا عملت شركات الشوكولاتة الغربية على تحسين ظروف عملهم ورواتبهم وصارت تضع إشعارا مصدقا بذلك على كل لوح شوكولاتة تنتجه، وعندما انتشر الوعي الأخلاقي البيئي صارت الشركات أيضا تضع على منتجاتها إشعارا بسياستها لمنع تلويث البيئة، وما شابه من معلومات أخلاقية، ودول أوروبا الغربية هي الأفضل عالميا في هذا المجال.
بينما في أمريكا وبسبب نفوذ جماعات ضغط الشركات فليس لديها ذات الدرجة من الالتزام القيمي، فعلى سبيل المثال؛ في أوروبا الشركات العاملة في المنتجات الغذائية ملزمة بكتابة أن المنتج دخلته مواد معدلة جينيا، بينما في أمريكا لا يوجد إلزام بكتابة هذا التصريح وغالب الذرة الأمريكية هي معدلة جينيا وهي أكبر منتج لها عالميا، كما أن الشركات الأوروبية المصنعة لحلوى الأطفال بعكس الأمريكية ملزمة بوضع أضرارها الجانبية على مغلفاتها مثل تسببها بمتلازمة فرط النشاط والاضطرابات العصبية، وتدريب الكبار كما الصغار على أن يكون لديهم محددات قيمية حتى في السلع التي يختارونها يكرس المنظور القيمي الأخلاقي لديهم.
* كاتبة سعودية
bushra.sbe@gmail.com
وكلما كانت المجتمعات أكثر رسوخا في التطور الحضاري كلما كانت أكثر رقيا أخلاقيا وسلوكيا سواء على مستوى الفرد أو الجماعة وهذا يفسر سبب تصدر الدول الأوروبية قوائم أكثر الدول نزاهة وأقل الدول في معدلات الفساد المالي والإداري والجرائم الجنائية والحقوقية وأقلها إرهابا وحربا، بينما الأقل تحضرا وتطورا هي أكثرها معاناة من الفساد المالي والجرائم الجنائية والحقوقية والإرهاب والحروب، وتبقى الدول الراسخة في التطور الحضاري تتابع مسيرة زيادة وعيها وسلوكها الأخلاقي ليشمل كل نواحي الحياة، ورهافة الحساسية الأخلاقية هذه يمكن رؤية مظاهرها حتى في مجال يعتبر ربما مبتذلا لكثرة ما هو معتاد مثل السلع الاستهلاكية، ولن يكتشفه من لم يتعود مطالعة المعلومات التي على السلع ليختارها بناء على اعتبارات أعمق من مجرد التعود والشهوة سواء أكانت اعتبارات تتعلق بالمعلومات الصحية أو بالمعلومات الأخلاقية، وعلى سبيل المثال؛ بعد افتضاح مقاطع وصور للآثار الصادمة لتجربة مستحضرات التجميل على الحيوانات ألغت كبريات الشركات الغربية تلك التجارب وصارت تضع على منتجاتها إشعارا مصدقا أنه لم تتم تجربتها على الحيوانات، وبعد افتضاح سوء ظروف العمل وضعف رواتب العاملين في زراعة وجني ثمار الكاكاو في أفريقيا عملت شركات الشوكولاتة الغربية على تحسين ظروف عملهم ورواتبهم وصارت تضع إشعارا مصدقا بذلك على كل لوح شوكولاتة تنتجه، وعندما انتشر الوعي الأخلاقي البيئي صارت الشركات أيضا تضع على منتجاتها إشعارا بسياستها لمنع تلويث البيئة، وما شابه من معلومات أخلاقية، ودول أوروبا الغربية هي الأفضل عالميا في هذا المجال.
بينما في أمريكا وبسبب نفوذ جماعات ضغط الشركات فليس لديها ذات الدرجة من الالتزام القيمي، فعلى سبيل المثال؛ في أوروبا الشركات العاملة في المنتجات الغذائية ملزمة بكتابة أن المنتج دخلته مواد معدلة جينيا، بينما في أمريكا لا يوجد إلزام بكتابة هذا التصريح وغالب الذرة الأمريكية هي معدلة جينيا وهي أكبر منتج لها عالميا، كما أن الشركات الأوروبية المصنعة لحلوى الأطفال بعكس الأمريكية ملزمة بوضع أضرارها الجانبية على مغلفاتها مثل تسببها بمتلازمة فرط النشاط والاضطرابات العصبية، وتدريب الكبار كما الصغار على أن يكون لديهم محددات قيمية حتى في السلع التي يختارونها يكرس المنظور القيمي الأخلاقي لديهم.
* كاتبة سعودية
bushra.sbe@gmail.com