عنوان مستفز ويطرح أسئلة كثيرة ! فهل المطلوب من المثقف لكي لا يصبح خائنا أن يكون فدائيا ! أو أن يتحول إلى مطبل ! أو إلى حالة من الخرس ويلتزم الصمت ! وهل أي من هذه الحالات تستطيع أن تبني مجتمعا ؟ وهل نستطيع أن نبني بلا مثقف عضوي ؟
الفیلسوف الفرنسى «جولیان بندا» وصف المثقف بأن أدواره تصوغها فكرة الضمیر قبل أي التزام آخر وهذا هو «المثقف النبي»، ولكن ما بین «المثقف العضوي» و«المثقف النبي» تتبدى صور عدیدة ومتناقضة، فـ«بندا» نفسه هو من صك عبارة «خیانة المثقفین» التي يصعب الإمساك بحقائقها ولكن من الأكيد أنها إذا تفشت خیانات الأدوار والأفكار فإن الثقة تتبدد ویدخل المجتمع فى متاهات بلا نهایة.
ولكن كيف نكسب المثقف العضوي ونعزز من قيمة الحقيقة التي تبني داخل المجتمعات ولا تهد ؟ فأي تطلع للمستقبل يحتاج إلى مهمة المثقفين من أفكار ونقد ورؤى حقيقية يعمل المجتمع معاً على تجاوزها من غير خوف ولا إكراه. بيئة عامة تدعم الحريات ضمن أمن وأمان الوطن، وتحتضن الكفاءات والمواهب الشابة، وتبقى على مسافة واحدة من الكل بضمير.
«أنیمیا الأفكار» هو ما أخافه اليوم، مصطلح أعجبني وتكلم عن خطورته كتاب حذروا من فراغ موحش داخل دولنا العربية، فراغ تنمو فیه جماعات الإحباط وتتغذى علیه الفتن، فلا یمكن إنكار حالة الانكفاء التي یبدو علیها المثقف، أو التقلیل من مستوى خطورتها. والمثقف اليوم قد يكون في كل بيت عربي وإحباطه يحبط وطنا.. فلا یوجد تعریف واحد للمثقف، ولكنها اجتمعت أنه رؤیة وموقف قبل أي شىء آخر. فقد تنطبق صفة المثقف على مواطنین بسطاء یقرأون ویتابعون الشأن الحالي، یتفاعلون مع حركة الفكر، یتذوقون الفنون، ولدیهم إحساس بالجمال بقدر ما تسمح ظروفهم. فالمثقف هو من یمتلك القدرة على استیعاب حقائق الموقف العام وبناء رؤى وتصورات ومواقف على قدر من التماسك.
العلاقة مع السلطة إحدى الإشكالیات الكبرى فى النظر إلى دور المثقف. ففي رأي «إدوارد سعید» أن الاقتراب من السلطة ینفي صفة المثقف، الذي هو بالتعریف ناقد لها، وهذا برأيي تعسف وظلم آخر على المثقف العربي، فلكل حالة ظروفها، مثل العلاقة ما بین «شارل دیجول»، الرجل الذي قاد المقاومة الفرنسیة ضد الاحتلال النازي، و«أندریه مالرو» وزیر ثقافته صاحب روایة «الأمل» عن الحرب الأهلیة الإسبانیة التي ألهمت أجيالا. ولكن من المؤكد والمتفق عليه أن أسوأ أنواع المثقفین من یطلق علیهم «الطبالون». هؤلاء الكائنات التي تعتقد أن الناس لا تشم رائحة الكلام وتفرق تماماً بين المطبل والمثقف والآخر المخذول.
لا تدفعوا بالمثقف للسكوت وتجبروه أن يخون وطنه خوفاً من التخوين لتترك الساحة للمطبلين.
* كاتبة سعودية
WwaaffaaA@
الفیلسوف الفرنسى «جولیان بندا» وصف المثقف بأن أدواره تصوغها فكرة الضمیر قبل أي التزام آخر وهذا هو «المثقف النبي»، ولكن ما بین «المثقف العضوي» و«المثقف النبي» تتبدى صور عدیدة ومتناقضة، فـ«بندا» نفسه هو من صك عبارة «خیانة المثقفین» التي يصعب الإمساك بحقائقها ولكن من الأكيد أنها إذا تفشت خیانات الأدوار والأفكار فإن الثقة تتبدد ویدخل المجتمع فى متاهات بلا نهایة.
ولكن كيف نكسب المثقف العضوي ونعزز من قيمة الحقيقة التي تبني داخل المجتمعات ولا تهد ؟ فأي تطلع للمستقبل يحتاج إلى مهمة المثقفين من أفكار ونقد ورؤى حقيقية يعمل المجتمع معاً على تجاوزها من غير خوف ولا إكراه. بيئة عامة تدعم الحريات ضمن أمن وأمان الوطن، وتحتضن الكفاءات والمواهب الشابة، وتبقى على مسافة واحدة من الكل بضمير.
«أنیمیا الأفكار» هو ما أخافه اليوم، مصطلح أعجبني وتكلم عن خطورته كتاب حذروا من فراغ موحش داخل دولنا العربية، فراغ تنمو فیه جماعات الإحباط وتتغذى علیه الفتن، فلا یمكن إنكار حالة الانكفاء التي یبدو علیها المثقف، أو التقلیل من مستوى خطورتها. والمثقف اليوم قد يكون في كل بيت عربي وإحباطه يحبط وطنا.. فلا یوجد تعریف واحد للمثقف، ولكنها اجتمعت أنه رؤیة وموقف قبل أي شىء آخر. فقد تنطبق صفة المثقف على مواطنین بسطاء یقرأون ویتابعون الشأن الحالي، یتفاعلون مع حركة الفكر، یتذوقون الفنون، ولدیهم إحساس بالجمال بقدر ما تسمح ظروفهم. فالمثقف هو من یمتلك القدرة على استیعاب حقائق الموقف العام وبناء رؤى وتصورات ومواقف على قدر من التماسك.
العلاقة مع السلطة إحدى الإشكالیات الكبرى فى النظر إلى دور المثقف. ففي رأي «إدوارد سعید» أن الاقتراب من السلطة ینفي صفة المثقف، الذي هو بالتعریف ناقد لها، وهذا برأيي تعسف وظلم آخر على المثقف العربي، فلكل حالة ظروفها، مثل العلاقة ما بین «شارل دیجول»، الرجل الذي قاد المقاومة الفرنسیة ضد الاحتلال النازي، و«أندریه مالرو» وزیر ثقافته صاحب روایة «الأمل» عن الحرب الأهلیة الإسبانیة التي ألهمت أجيالا. ولكن من المؤكد والمتفق عليه أن أسوأ أنواع المثقفین من یطلق علیهم «الطبالون». هؤلاء الكائنات التي تعتقد أن الناس لا تشم رائحة الكلام وتفرق تماماً بين المطبل والمثقف والآخر المخذول.
لا تدفعوا بالمثقف للسكوت وتجبروه أن يخون وطنه خوفاً من التخوين لتترك الساحة للمطبلين.
* كاتبة سعودية
WwaaffaaA@