إنك لتتوقع من أديب وناقد بحجم الدكتور عبدالله الغذامي، أن يكون حديثه في أي محفل من المحافل، ثقيل الميزان في مراجيح المعرفة، قوي الحجّة في معرض النقد البصير، صقيل العبارة في ميدان البلاغة والإيضاح، وإنه لكذلك في خاطري، قبل أن أسمع له مقطعاً مصوّراً، تتداوله منصّات التواصل الاجتماعي ذكر فيه مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، في معرض تدليله على مثالب الخصخصة، فيما يبدو، ولأن المجتزأ الذي اطلعت عليه لا يحمل كل أفكاره عن الخصخصة، فمن البديهي أن أنصرف عن إبداء الرأي حيال موقفه منها، رغم قناعتي بأهمية الخصخصة في رفع كفاءة الأداء وتقديم خدمات مميزة وهي تأتي اليوم انطلاقاً من برنامج التحول الوطني ورؤية 2030 المميزة، غير أنّ ما وجهه للمستشفى من نقد، في المقطع المتداول، بدا أقرب إلى روح التشفّي وتصفية الحسابات منه إلى حديث العارف، وأجد من الضروري الرد عليه، لما انطوى عليه كلامه من «تسطيح»، غير خليق بناقد، نتوسّم فيه القدرة على النظر في كلّ الاتجاهات، وإعمال العقل بشكل يستوفي كل جوانب المسائل، وعليه من بعد أن يرجّح ما يشاء، ويأنس لما يريد، وهو عين ما افتقده حديثه في اتكائه على إرسال الكلام عفو الخاطر، متوسّلاً التصديق بإرسال «القسم بالله»، مصحوباً ذلك بشيء من أسلوب ساخر، حاز به على التصفيق والضحكات المحفّزة على إرسال مزيد من سهامه الطوائش في تلك الليلة..
لا أجد تعبيراً أنسب من «السهم الطائش»، لمن يزعم أنّ «التخصصي» أسس لعلاج فئة من الناس، بإشارة الغذامي إلى نفسه، وسامعيه: «التخصصي وجد أصلاً لعلاج فئة من الناس، ولا يستطيع دخوله أحد، فلا أنا ولا المشاهد يستطيع أن يتعالج فيه، ويقدر عليه»..
وساق لهذه «الفرضية القلقة»، موقفاً أشار بأنه: «غلط مرة واحدة في حياته» ولم يذهب للعلاج في بريطانيا، كعادته حيث يتشافى، بل ذهب إلى التخصصي لعمل أشعة مقطعية (CT Scan)، فكلّفه ذلك (14) ألف ريال، في حين أنها كانت تكلفه في بريطانيا (6) آلاف ريال، رافضاً -بشكل دراماتيكي- تسديد ما عليه من دين لـ«التخصصي» ما دام حياً، مفضّلاً أن تبقى «في ذمته»، مشيراً إلى أن أجرة الطبيب في التخصصي تكلّفه (1200) ريال، وأنه يدفع المال حتى حين يراجع الطبيب، على خلاف ما هو عليه الحال في بريطانيا، التي تجعل المراجعة مجانية، على حد قوله..
وأقول: أمَا وأنّ المستشفى التخصصي يختصّ بعلاج فئة دون أخرى، فهذا كلام مرسل على عواهنه، ننكره أشد النكير حين يصدر عن «الغذامي»، وهو من هو؛ في اشتغاله النقدي، وما يتطلبه من حيطة وحذر في استقاء مصادر المعلومة، فقد كان حرياً به أن يقف على هذه المعلومة من مظانها، وأن يمد بصره إلى المبسوط من معلومات وفيرة للعامة في «قوقل»، لأدرك أن أبواب المستشفى مفتوحة للعامة من أبناء هذا الوطن، لتلقّي العلاج عن طريق إدارة أهلية العلاج، باشتراطات محددة تتسق مع مقاصده وأهدافه، كونه «منذورا لعلاج الحالات المستعصية، التي يعزّ علاجها في المستشفيات الأخرى»، ويبدو أن هذه الاشتراطات هي التي حملت «الغذامي» إلى الاعتقاد بأن المستشفى مخصص لفئة دون أخرى، فالمطلوب ممن يقصد المستشفى أن: يقدم تقريراً طبياً مفصّلاً بالحالة، مرفقاً معه بطاقة الهوية الوطنية، وتعبئة نموذج بيانات المريض الشخصية، وإقرار الموافقة على العلاج، ومن ثمّ يعرض التقرير على اللجنة الطبية المختصة في داخل المستشفى، وهي من الكفاءات الموثوقة، لتقييم الحالة، وحال قبولها فإنها تعالج «مجاناً»، في كافة مراحل العلاج.. وإذا أراد «الغذامي» الاستيثاق من ذلك، فمرحباً به، وسنزيده «من الشعر بيتاً»، ونفتح له سجل الإنجازات التي حققها المستشفى التخصصي، في سعيه نحو توطين العلاج للأمراض المستعصية في داخل الوطن، ومن ذلك توسّعه في زراعة الأعضاء بأنواعها مستخدماً أحدث التقنيات، ومنها الروبوت، مثل زراعة الكلى والكبد والقلب والرئة والأمعاء الدقيقة، وزاد «التخصصي» إنجازاً يحسب للقائمين على أمره، بالتوسع في زراعة النخاع العظمي لكبار السن والصغار، والتوسع في زراعة الكلى بنسب نجاح فاقت العالمية، فضلاً عن أن مركزه البحثي لا يزال يرفد العالم بأبحاثه القيمة عن أمراض السرطان والعلاج بالخلايا الجذعية، وهناك «بنك دم الحبل السري»، لزراعة الخلايا الجذعية، و«بنك عظام» لتوفير رقع عظمية..
وحين يقلّب «الغذامي» السجلات، سيدرك أن المستشفى استطاع محاصرة ما يزيد على (224) مرضاً وراثياً عبر تقنية التشخيص الوراثي قبل الانغراس، وأنه يقدم بشكل دوري برامج تدريبية وتأهيلية سواء على المستوى الطبي أو التمريضي أو الإداري لشباب وفتيات هذا الوطن، مع حضوره المبهر في المحافل الوطنية والعالمية..
بوسع الغذامي أن يفتح خزانة المستشفى ليطالع شهادات التفوق، ونياشين التميز التي كللت جبين هذا الصرح الوطني العملاق، وأنا ضامن له أنه سيخرج منشرح الصدر، مرتاح الضمير..
فهل كل هذا الإنجاز وجّهه التخصصي لفئة من الناس دون أخرى، وجعله «نخبوياً» و«صفوياً»!.. لا يستطيع أحد أن يغمض تفوق التخصصي ومسيرته الصحية التخصصية وعلى ناقدنا الكبير وكل من استمع إلى مقطعه أن يعلم أن تكلفة العلاج في المملكة بما فيها زراعات الأعضاء أقل تكلفة مما هي عليه في دول أوروبا وأمريكا وأن التخصصي استطاع أن يوطن التقنية الطبية ويستورد أجهزتها المتقدمة ويدرب عليها السعوديين. فالمقارنة هنا ضرب من المحال بين نظامين صحيين مختلفين تماماً، فالتخصصي قدم الكثير وما زال يقدم وشواهده الصحية العالية في الرياض وجدة والمدينة المنورة شاهد ودليل.
* كاتب سعودي
لا أجد تعبيراً أنسب من «السهم الطائش»، لمن يزعم أنّ «التخصصي» أسس لعلاج فئة من الناس، بإشارة الغذامي إلى نفسه، وسامعيه: «التخصصي وجد أصلاً لعلاج فئة من الناس، ولا يستطيع دخوله أحد، فلا أنا ولا المشاهد يستطيع أن يتعالج فيه، ويقدر عليه»..
وساق لهذه «الفرضية القلقة»، موقفاً أشار بأنه: «غلط مرة واحدة في حياته» ولم يذهب للعلاج في بريطانيا، كعادته حيث يتشافى، بل ذهب إلى التخصصي لعمل أشعة مقطعية (CT Scan)، فكلّفه ذلك (14) ألف ريال، في حين أنها كانت تكلفه في بريطانيا (6) آلاف ريال، رافضاً -بشكل دراماتيكي- تسديد ما عليه من دين لـ«التخصصي» ما دام حياً، مفضّلاً أن تبقى «في ذمته»، مشيراً إلى أن أجرة الطبيب في التخصصي تكلّفه (1200) ريال، وأنه يدفع المال حتى حين يراجع الطبيب، على خلاف ما هو عليه الحال في بريطانيا، التي تجعل المراجعة مجانية، على حد قوله..
وأقول: أمَا وأنّ المستشفى التخصصي يختصّ بعلاج فئة دون أخرى، فهذا كلام مرسل على عواهنه، ننكره أشد النكير حين يصدر عن «الغذامي»، وهو من هو؛ في اشتغاله النقدي، وما يتطلبه من حيطة وحذر في استقاء مصادر المعلومة، فقد كان حرياً به أن يقف على هذه المعلومة من مظانها، وأن يمد بصره إلى المبسوط من معلومات وفيرة للعامة في «قوقل»، لأدرك أن أبواب المستشفى مفتوحة للعامة من أبناء هذا الوطن، لتلقّي العلاج عن طريق إدارة أهلية العلاج، باشتراطات محددة تتسق مع مقاصده وأهدافه، كونه «منذورا لعلاج الحالات المستعصية، التي يعزّ علاجها في المستشفيات الأخرى»، ويبدو أن هذه الاشتراطات هي التي حملت «الغذامي» إلى الاعتقاد بأن المستشفى مخصص لفئة دون أخرى، فالمطلوب ممن يقصد المستشفى أن: يقدم تقريراً طبياً مفصّلاً بالحالة، مرفقاً معه بطاقة الهوية الوطنية، وتعبئة نموذج بيانات المريض الشخصية، وإقرار الموافقة على العلاج، ومن ثمّ يعرض التقرير على اللجنة الطبية المختصة في داخل المستشفى، وهي من الكفاءات الموثوقة، لتقييم الحالة، وحال قبولها فإنها تعالج «مجاناً»، في كافة مراحل العلاج.. وإذا أراد «الغذامي» الاستيثاق من ذلك، فمرحباً به، وسنزيده «من الشعر بيتاً»، ونفتح له سجل الإنجازات التي حققها المستشفى التخصصي، في سعيه نحو توطين العلاج للأمراض المستعصية في داخل الوطن، ومن ذلك توسّعه في زراعة الأعضاء بأنواعها مستخدماً أحدث التقنيات، ومنها الروبوت، مثل زراعة الكلى والكبد والقلب والرئة والأمعاء الدقيقة، وزاد «التخصصي» إنجازاً يحسب للقائمين على أمره، بالتوسع في زراعة النخاع العظمي لكبار السن والصغار، والتوسع في زراعة الكلى بنسب نجاح فاقت العالمية، فضلاً عن أن مركزه البحثي لا يزال يرفد العالم بأبحاثه القيمة عن أمراض السرطان والعلاج بالخلايا الجذعية، وهناك «بنك دم الحبل السري»، لزراعة الخلايا الجذعية، و«بنك عظام» لتوفير رقع عظمية..
وحين يقلّب «الغذامي» السجلات، سيدرك أن المستشفى استطاع محاصرة ما يزيد على (224) مرضاً وراثياً عبر تقنية التشخيص الوراثي قبل الانغراس، وأنه يقدم بشكل دوري برامج تدريبية وتأهيلية سواء على المستوى الطبي أو التمريضي أو الإداري لشباب وفتيات هذا الوطن، مع حضوره المبهر في المحافل الوطنية والعالمية..
بوسع الغذامي أن يفتح خزانة المستشفى ليطالع شهادات التفوق، ونياشين التميز التي كللت جبين هذا الصرح الوطني العملاق، وأنا ضامن له أنه سيخرج منشرح الصدر، مرتاح الضمير..
فهل كل هذا الإنجاز وجّهه التخصصي لفئة من الناس دون أخرى، وجعله «نخبوياً» و«صفوياً»!.. لا يستطيع أحد أن يغمض تفوق التخصصي ومسيرته الصحية التخصصية وعلى ناقدنا الكبير وكل من استمع إلى مقطعه أن يعلم أن تكلفة العلاج في المملكة بما فيها زراعات الأعضاء أقل تكلفة مما هي عليه في دول أوروبا وأمريكا وأن التخصصي استطاع أن يوطن التقنية الطبية ويستورد أجهزتها المتقدمة ويدرب عليها السعوديين. فالمقارنة هنا ضرب من المحال بين نظامين صحيين مختلفين تماماً، فالتخصصي قدم الكثير وما زال يقدم وشواهده الصحية العالية في الرياض وجدة والمدينة المنورة شاهد ودليل.
* كاتب سعودي