من أهم قرارات دعم المؤسسات الصغيرة وريادة الأعمال في المملكة إنشاء الشركة السعودية للاستثمار الجريء، ويتساءل الكثير من العامة عن معنى الاستثمار الجريء؛ وهو حسب المفهوم البسيط إحدى قنوات التمويل والاستثمار في المشاريع الريادية في بدايتها، وتاريخيا تعود فكرة استثمار رأس المال الجريء إلى عام (1946م) من الشركة الأمريكية للأبحاث والتطوير أول شركة عامة تستثمر في الشركات الناشئة والتي أسسها الأمريكي من أصول فرنسية (جورج دوريوت)، وفي عام (1968م) استطاعت الشركة أن تحقق نجاحا كبيرا في استثمارها في إحدى شركات معدات وتقنية استثمرت فيها في عام (1957م) (70) ألف دولار وربحت منها (38) مليون دولار، ثم قررت الشركة طرح أسهمها في سوق المال وحققت أسهمها ربحا يوازي 500 ضعف من رأس مالها، ومن هنا سمي هذا النوع من الاستثمار بالاستثمار الجريء، وتعددت الاستثمارات للشركة في أكثر من (155) شركة ناشئة آنذاك، وتطور الأمر إلى إنشاء شركات استثمار جريء صغيرة متخصصة، ويعود الفضل إلى نجاح عوائد الاستثمار الجريء إلى حاضنات الأعمال التي وضعت برامج مصممة لتطوير شركات رواد الأعمال من خلال دعمهم بالخبرات والخدمات المتنوعة من إدارة وتشغيل وتوفير المكاتب والخدمات المساندة، وفي الستينات تطورت حاضنات الأعمال في الولايات المتحدة وتوسع تقديم الخدمات حتى وصلت إلى الجامعات والمجمعات الاقتصادية بحثا عن رواد الأعمال لدعمهم ومساندتهم والشراكة معهم.
وتعتبر شركة (سيكويا كابيتال) و(KPCB) من أوائل الشركات الاستثمارية في هذا المجال، حيث بدأ نشاطها في عام (1972م) حتى أصبح الاستثمار الجريء نوعا من أنواع الأصول الاستثمارية للشركات المالية والخاصة.
ومع تقدم التقنية ونجاح استثمارات المال الجريء ظهرت ما يعرف (بمسرعات الأعمال) تقوم بعمل برامج دعم مالي لفترة قصيرة تتراوح من ثلاثة إلى ستة أشهر لتسريع نمو الشركة الناشئة ومعالجة مشكلاتها الإستراتيجية والتنظيمية والتشغيلية التي تواجهها المنشأة الحديثة مقابل الحصول على حصة في ملكية الشركة ثم بانتهاء فترة تسريع الأعمال تقوم بعرض الفكرة على مستثمرين وصناديق رأس مال جريء للاستثمار فيها وذلك بعد أن تصبح الشركة جاهزة للنمو السريع.
وحيث إن رأس المال الجريء يلعب دورا مهما في دعم نمو المؤسسات الصغيرة والناشئة التي تسهم في نمو الاقتصاد وتحسين المستوى المعيشي لحياة السكان من خلال استحداث الوظائف للمواطنين والمقيمين كما تسهم في تطوير حلول المشكلات التي تعاني منها المشاريع الريادية.
وبناء على نجاح فكرة رأس المال الجريء في العالم فإن المملكة العربية السعودية قد بادرت في إنشاء إحدى أهم الشركات المتخصصة للاستثمار الجريء وهي الشركة السعودية للاستثمار الجريء، إحدى مبادرات تنمية القطاع الخاص وتنفذها الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت) ووحدة المحتوى المحلي وتنمية القطاع الخاص (نماء)، حيث تم تخصيص (2.8) مليار ريال للاستثمار الجريء ضمن خطة تحفيز القطاع الخاص التي تقدر قيمتها بـ(200) مليار ريال وذلك للمساهمة في نمو وتنويع اقتصاد المملكة بالإضافة إلى تمكين ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة واستكشاف مجالات استثمارية جديدة لهم والعمل على مضاعفة أعداد رواد الأعمال السعوديين من خلال ضخ المزيد من الصناديق الاستثمارية وإطلاق البرامج والمبادرات المحفزة للاستثمار الجريء في الشركات الناشئة والعمل على سد الفجوات التمويلية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة لزيادة ورفع مساهمتها في الناتج المحلي من 20 إلى 35% بحلول عام 2030.
ومن هذه البرامج المحفزة للاستثمار الجريء: برنامج الاستثمار في الصناديق الذي يهدف إلى دعم وتحفيز انتشار صناديق الملكية الخاصة ورأس المال الجريء وتوفير التمويل الرأسمالي لرواد الأعمال ونشر ثقافة الوعي لدى المستثمرين لتقليل المخاطر، وبرنامج الاستثمار بالمشاركة مع القطاع الخاص. كما وقعت الشركة السعودية للاستثمار الجريء مؤخرا مذكرة تفاهم مع المستثمر الأمريكي (تيم دريبر) أحد أهم المستثمرين في رأس المال الجريء والبلوكتشين والتقنيات المالية في العالم، وساهم في تأسيس العديد من الشركات وصناديق الاستثمار مثل شركة (DFJ) لرأس المال الجريء، وتهدف مذكرة التفاهم إلى تأسيس صندوق استثمار لرأس المال الجريء في المنشآت الصغيرة والمتوسطة في قطاع الصحة والزراعة والتعليم والطاقة وغيرها.
ومما يضاعف تفاؤلي بنجاح هذه الشركة لتحقيق أهدافها تعيين معالي الدكتور نبيل كوشك أحد أبرز المتخصصين في هذا المجال، وإذا جاز لي الاقتراح فإنني أتمنى أن يكون لهذه الشركة فرع في كل جامعة حكومية أو خاصة لاستقطاب رواد الأعمال وتهيئتهم في السنة الأخيرة من دراستهم الجامعية قبل تخرجهم.
وإنني أقدم شكري وتقديري لهذا التوجه الذي سيسهم في بناء جيل جديد من رواد الأعمال وهذا ما تحتاجه بلادنا لبناء اقتصاد يعتمد على قاعدة عريضة من المؤسسات الصغيرة وليس بالضرورة أن تكون فرص عمل خريجي الجامعات منحصرة بالوظائف فقط، وإنما الأجدى أن تكون أكبر فرصة مستقبلية لهم في إنشاء مشاريع صغيرة تخلق وظائف لهم ولغيرهم، كما أتمنى أن يتم الإعلان والإعلام المستمر عن نشاط شركة الاستثمار الجريء ليستفيد منه رواد الأعمال والشركات الناشئة.
كاتب اقتصادي سعودي
وتعتبر شركة (سيكويا كابيتال) و(KPCB) من أوائل الشركات الاستثمارية في هذا المجال، حيث بدأ نشاطها في عام (1972م) حتى أصبح الاستثمار الجريء نوعا من أنواع الأصول الاستثمارية للشركات المالية والخاصة.
ومع تقدم التقنية ونجاح استثمارات المال الجريء ظهرت ما يعرف (بمسرعات الأعمال) تقوم بعمل برامج دعم مالي لفترة قصيرة تتراوح من ثلاثة إلى ستة أشهر لتسريع نمو الشركة الناشئة ومعالجة مشكلاتها الإستراتيجية والتنظيمية والتشغيلية التي تواجهها المنشأة الحديثة مقابل الحصول على حصة في ملكية الشركة ثم بانتهاء فترة تسريع الأعمال تقوم بعرض الفكرة على مستثمرين وصناديق رأس مال جريء للاستثمار فيها وذلك بعد أن تصبح الشركة جاهزة للنمو السريع.
وحيث إن رأس المال الجريء يلعب دورا مهما في دعم نمو المؤسسات الصغيرة والناشئة التي تسهم في نمو الاقتصاد وتحسين المستوى المعيشي لحياة السكان من خلال استحداث الوظائف للمواطنين والمقيمين كما تسهم في تطوير حلول المشكلات التي تعاني منها المشاريع الريادية.
وبناء على نجاح فكرة رأس المال الجريء في العالم فإن المملكة العربية السعودية قد بادرت في إنشاء إحدى أهم الشركات المتخصصة للاستثمار الجريء وهي الشركة السعودية للاستثمار الجريء، إحدى مبادرات تنمية القطاع الخاص وتنفذها الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة (منشآت) ووحدة المحتوى المحلي وتنمية القطاع الخاص (نماء)، حيث تم تخصيص (2.8) مليار ريال للاستثمار الجريء ضمن خطة تحفيز القطاع الخاص التي تقدر قيمتها بـ(200) مليار ريال وذلك للمساهمة في نمو وتنويع اقتصاد المملكة بالإضافة إلى تمكين ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة واستكشاف مجالات استثمارية جديدة لهم والعمل على مضاعفة أعداد رواد الأعمال السعوديين من خلال ضخ المزيد من الصناديق الاستثمارية وإطلاق البرامج والمبادرات المحفزة للاستثمار الجريء في الشركات الناشئة والعمل على سد الفجوات التمويلية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة لزيادة ورفع مساهمتها في الناتج المحلي من 20 إلى 35% بحلول عام 2030.
ومن هذه البرامج المحفزة للاستثمار الجريء: برنامج الاستثمار في الصناديق الذي يهدف إلى دعم وتحفيز انتشار صناديق الملكية الخاصة ورأس المال الجريء وتوفير التمويل الرأسمالي لرواد الأعمال ونشر ثقافة الوعي لدى المستثمرين لتقليل المخاطر، وبرنامج الاستثمار بالمشاركة مع القطاع الخاص. كما وقعت الشركة السعودية للاستثمار الجريء مؤخرا مذكرة تفاهم مع المستثمر الأمريكي (تيم دريبر) أحد أهم المستثمرين في رأس المال الجريء والبلوكتشين والتقنيات المالية في العالم، وساهم في تأسيس العديد من الشركات وصناديق الاستثمار مثل شركة (DFJ) لرأس المال الجريء، وتهدف مذكرة التفاهم إلى تأسيس صندوق استثمار لرأس المال الجريء في المنشآت الصغيرة والمتوسطة في قطاع الصحة والزراعة والتعليم والطاقة وغيرها.
ومما يضاعف تفاؤلي بنجاح هذه الشركة لتحقيق أهدافها تعيين معالي الدكتور نبيل كوشك أحد أبرز المتخصصين في هذا المجال، وإذا جاز لي الاقتراح فإنني أتمنى أن يكون لهذه الشركة فرع في كل جامعة حكومية أو خاصة لاستقطاب رواد الأعمال وتهيئتهم في السنة الأخيرة من دراستهم الجامعية قبل تخرجهم.
وإنني أقدم شكري وتقديري لهذا التوجه الذي سيسهم في بناء جيل جديد من رواد الأعمال وهذا ما تحتاجه بلادنا لبناء اقتصاد يعتمد على قاعدة عريضة من المؤسسات الصغيرة وليس بالضرورة أن تكون فرص عمل خريجي الجامعات منحصرة بالوظائف فقط، وإنما الأجدى أن تكون أكبر فرصة مستقبلية لهم في إنشاء مشاريع صغيرة تخلق وظائف لهم ولغيرهم، كما أتمنى أن يتم الإعلان والإعلام المستمر عن نشاط شركة الاستثمار الجريء ليستفيد منه رواد الأعمال والشركات الناشئة.
كاتب اقتصادي سعودي