قفزت المملكة قفزات سريعة ولافتة على الصعيد التقني خلال السنوات القليلة الماضية، ولم تكتف بما حققته من إنجازات على هذا الصعيد؛ بل قامت بدمجه في رؤيتها الطموح 2030 باعتبار أن البنية التحتية الرقمية هي الركن الأول والأساسي لتحديث وتطوير اقتصادها، في إدراك عميق للدور المحوري الذي تلعبه تكنولوجيا الاتصالات وتقنية المعلومات في جذب المستثمرين وتأسيس قطاع اقتصادي قوي يساعد في تطوير السمات التنافسية لاقتصادها المستقبلي.
وبخلاف ذلك ركزت المملكة بصورة كبيرة على تطوير مجال الخدمات الحكومية الرقمية، فطورت تلك الخدمات كماً وكيفاً لتشمل خدمات المرور والجوازات والأحوال المدنية، وكذلك التوظيف والقبول في الجامعات جنباً إلى جنب مع خدمات التعليم الإلكتروني والكثير من الخدمات المالية والبنكية، وتلك الخدمات تهدف جميعها لتبسيط الإجراءات وتأسيس بنية تحتية رقمية قوية تسهم في تحويل المجتمع بكافة قطاعاته لمجتمع أكثر حيوية وطموحاً وازدهاراً.
لم تضع الجهود التي بذلت بالفعل لتحديث المجتمع هباء، فخلال عشر سنوات فقط انتقلت المملكة من رقم 90 إلى رقم 36 في مؤشر الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية، ولم تتقدم المملكة في كل هذه المراكز إلا بفضل خدماتها الإلكترونية، ومن المؤكد أن ما يمنح هذا القطاع استدامته ويسهم في استمرار تحديثه هو أنه غدا هدفاً إستراتيجياً للمملكة عليها تحقيقه، ومن ناحية أخرى أصبح قاعدة أساسية تُبنى عليها قاطرة التنمية في المملكة على كافة الأصعدة، سواء في مجال الاقتصاد أو التعليم أو الصحة أو النقل والمواصلات وغيرها.
يمكننا القول بثقة إذن إن الخدمات الحكومية الإلكترونية باتت تضاهي ما توفره حكومات الدول المتقدمة لمواطنيها في هذا المجال، وما يدهشنا في هذا السياق هو تلك الحملة المستعرة التي تدور في أروقة بعض وسائل الإعلام الغربية وعبر منظمات حقوقية غربية (من المؤكد أنها مسيسة) ضد تطبيق أبشر، الذي تم تدشينه من قبل وزارة الداخلية، وذلك بدعوى أنه أداة رقابية، ومن الواضح للجميع أن تلك الحملات الغريبة تفرغ التقنية من محتواها التقني نفسه، لتسلط الضوء على بعض الخدمات المحددة فيه، والتي يحق لنا القول إنها تمثل في الأساس مطلباً مجتمعياً، استجابت الحكومة له تيسيراً على المواطنين، وليست كما يحلو للبعض تصويره على أنه فرض وتعسف حكومي ضد المرأة السعودية.
في واقع الأمر تطبيق أبشر هو تطبيق خدمي بالدرجة الأولى، وهو يحتوي على الكثير من الخدمات التي تهدف جميعها للتيسير على المواطنين والقضاء على قوائم الانتظار، ومن ضمنها منح رب الأسرة تصاريح السفر لأفراد الأسرة من خلاله، ودون الحاجة لذهابه للمطار بنفسه وتوقيع إقرارات التصاريح تلك من خلال تعامل مباشر قد يستغرق الكثير من الوقت، والجدير بالذكر أن منح رب الأسرة حق الموافقة على سفر أحد أفراد الأسرة موجود ومطبق بالمملكة قبل تطبيق أبشر، وليس له علاقة بالتطبيق نفسه من بعيد أو قريب، ولم يبتكره التطبيق، وكل ما تم إنجازه هو تسهيل الإجراءات وتيسيرها على أولياء الأمور، ولم يثر هذا الأمر مشكلات من قبل؛ فالكل متفق على أهمية رعاية ولي الأمر لأفراد أسرته ومتابعة أحوالهم سواء داخل أو خارج المملكة.
تزويد التطبيق بجميع خدماته الحالية هو مطلب شعبي لا يختلف عليه أحد، ذلك أنه وفر الكثير من العناء والوقت للجميع، وإثارة هذا الأمر بشكل سلبي يشكل علامة استفهام كبيرة فيمن يقف وراء هذه الحملات غير المبررة، وما يزيد الأمر ريبة هو أن الخدمات الرقابية الإلكترونية التي تتحدث عنها بعض الدوائر الغربية موجودة في تطبيقاتهم هم مثل خرائط Google بل وضمن أجهزة شركة Apple نفسها وفي نظم تشغيلها، فبعد شراء أحد منتجات هذه الشركة وتسجيلها، يتم تحديد كافة خطوات وخط سير مالكها، وتقوم الشركة بتقديم هذه الخدمة لعملائها لحمايتهم من السرقة، وبإمكان أي شخص يهدي أحد أفراد أسرته هاتفاً من أن يتتبع خطاهم ويعرف طرق سيرهم.
لعل المملكة ليست الدولة الوحيدة التي تم توجيه سهام النقد التقني لها على هذا النحو، فالولايات المتحدة على سبيل المثال تشن الآن حملة شعواء ضد بعض الدول ومنها الصين، بدعوى أن هواتف شركة هواوي تتضمن بعض وسائل المراقبة والتجسس، وتدعو لحظرها في أوروبا واليابان، والحرب التقنية التي تشنها بعض الدوائر ضد المملكة هي حرب سياسية في المقام الأول، وعلينا أن نعي أن هناك أيدي خفية تسعى دوماً للنفخ في النيران لتأجيجها، فلا تمر عدة أشهر حتى نجد الغرب وقد تلقف قضية تافهة خالية من المضمون وأعادها للحياة، ولكن تتضح الحقائق دوماً ولو بعد حين، ولن تتمكن تلك الحملة مهما بلغت حدتها أن تهز سلسلة الإصلاحات القوية والجذرية والحقيقية التي تتحقق بالمملكة الآن، وهي ليست مجرد إصلاحات عابرة أو وقتية أو منفردة، بل هي إستراتيجية جديدة وواعدة للمجتمع السعودي، ولحاضره ومستقبله أيضاً.
* كاتب سعودي
وبخلاف ذلك ركزت المملكة بصورة كبيرة على تطوير مجال الخدمات الحكومية الرقمية، فطورت تلك الخدمات كماً وكيفاً لتشمل خدمات المرور والجوازات والأحوال المدنية، وكذلك التوظيف والقبول في الجامعات جنباً إلى جنب مع خدمات التعليم الإلكتروني والكثير من الخدمات المالية والبنكية، وتلك الخدمات تهدف جميعها لتبسيط الإجراءات وتأسيس بنية تحتية رقمية قوية تسهم في تحويل المجتمع بكافة قطاعاته لمجتمع أكثر حيوية وطموحاً وازدهاراً.
لم تضع الجهود التي بذلت بالفعل لتحديث المجتمع هباء، فخلال عشر سنوات فقط انتقلت المملكة من رقم 90 إلى رقم 36 في مؤشر الأمم المتحدة للحكومة الإلكترونية، ولم تتقدم المملكة في كل هذه المراكز إلا بفضل خدماتها الإلكترونية، ومن المؤكد أن ما يمنح هذا القطاع استدامته ويسهم في استمرار تحديثه هو أنه غدا هدفاً إستراتيجياً للمملكة عليها تحقيقه، ومن ناحية أخرى أصبح قاعدة أساسية تُبنى عليها قاطرة التنمية في المملكة على كافة الأصعدة، سواء في مجال الاقتصاد أو التعليم أو الصحة أو النقل والمواصلات وغيرها.
يمكننا القول بثقة إذن إن الخدمات الحكومية الإلكترونية باتت تضاهي ما توفره حكومات الدول المتقدمة لمواطنيها في هذا المجال، وما يدهشنا في هذا السياق هو تلك الحملة المستعرة التي تدور في أروقة بعض وسائل الإعلام الغربية وعبر منظمات حقوقية غربية (من المؤكد أنها مسيسة) ضد تطبيق أبشر، الذي تم تدشينه من قبل وزارة الداخلية، وذلك بدعوى أنه أداة رقابية، ومن الواضح للجميع أن تلك الحملات الغريبة تفرغ التقنية من محتواها التقني نفسه، لتسلط الضوء على بعض الخدمات المحددة فيه، والتي يحق لنا القول إنها تمثل في الأساس مطلباً مجتمعياً، استجابت الحكومة له تيسيراً على المواطنين، وليست كما يحلو للبعض تصويره على أنه فرض وتعسف حكومي ضد المرأة السعودية.
في واقع الأمر تطبيق أبشر هو تطبيق خدمي بالدرجة الأولى، وهو يحتوي على الكثير من الخدمات التي تهدف جميعها للتيسير على المواطنين والقضاء على قوائم الانتظار، ومن ضمنها منح رب الأسرة تصاريح السفر لأفراد الأسرة من خلاله، ودون الحاجة لذهابه للمطار بنفسه وتوقيع إقرارات التصاريح تلك من خلال تعامل مباشر قد يستغرق الكثير من الوقت، والجدير بالذكر أن منح رب الأسرة حق الموافقة على سفر أحد أفراد الأسرة موجود ومطبق بالمملكة قبل تطبيق أبشر، وليس له علاقة بالتطبيق نفسه من بعيد أو قريب، ولم يبتكره التطبيق، وكل ما تم إنجازه هو تسهيل الإجراءات وتيسيرها على أولياء الأمور، ولم يثر هذا الأمر مشكلات من قبل؛ فالكل متفق على أهمية رعاية ولي الأمر لأفراد أسرته ومتابعة أحوالهم سواء داخل أو خارج المملكة.
تزويد التطبيق بجميع خدماته الحالية هو مطلب شعبي لا يختلف عليه أحد، ذلك أنه وفر الكثير من العناء والوقت للجميع، وإثارة هذا الأمر بشكل سلبي يشكل علامة استفهام كبيرة فيمن يقف وراء هذه الحملات غير المبررة، وما يزيد الأمر ريبة هو أن الخدمات الرقابية الإلكترونية التي تتحدث عنها بعض الدوائر الغربية موجودة في تطبيقاتهم هم مثل خرائط Google بل وضمن أجهزة شركة Apple نفسها وفي نظم تشغيلها، فبعد شراء أحد منتجات هذه الشركة وتسجيلها، يتم تحديد كافة خطوات وخط سير مالكها، وتقوم الشركة بتقديم هذه الخدمة لعملائها لحمايتهم من السرقة، وبإمكان أي شخص يهدي أحد أفراد أسرته هاتفاً من أن يتتبع خطاهم ويعرف طرق سيرهم.
لعل المملكة ليست الدولة الوحيدة التي تم توجيه سهام النقد التقني لها على هذا النحو، فالولايات المتحدة على سبيل المثال تشن الآن حملة شعواء ضد بعض الدول ومنها الصين، بدعوى أن هواتف شركة هواوي تتضمن بعض وسائل المراقبة والتجسس، وتدعو لحظرها في أوروبا واليابان، والحرب التقنية التي تشنها بعض الدوائر ضد المملكة هي حرب سياسية في المقام الأول، وعلينا أن نعي أن هناك أيدي خفية تسعى دوماً للنفخ في النيران لتأجيجها، فلا تمر عدة أشهر حتى نجد الغرب وقد تلقف قضية تافهة خالية من المضمون وأعادها للحياة، ولكن تتضح الحقائق دوماً ولو بعد حين، ولن تتمكن تلك الحملة مهما بلغت حدتها أن تهز سلسلة الإصلاحات القوية والجذرية والحقيقية التي تتحقق بالمملكة الآن، وهي ليست مجرد إصلاحات عابرة أو وقتية أو منفردة، بل هي إستراتيجية جديدة وواعدة للمجتمع السعودي، ولحاضره ومستقبله أيضاً.
* كاتب سعودي