في كتاب (التكتل الاقتصادي الآسيوي يقود العالم) كتبت مقدمتي قائلا: «لم تعد التكتلات الأوروبية والأمريكية هي الوحيدة القادرة بالسيطرة على الاقتصاد العالمي، ولم تعد تستطيع المنافسة على المراتب المتقدمة لأكبر اقتصاديات العالم، لأن الفيل الآسيوي والأسود الآسيوية بدأت تلحق بركب التقدم الاقتصادي العالمي، فتقدمت الصين على الولايات المتحدة في مراتب الاقتصادات العالمية الأكبر نموا في بعض السنوات، وتتسابق اليابان وكوريا والهند وسنغافورة على اللحاق بهم»، وهذا ما دفعني إلى إصدار كتابي الذي أدعو فيه دول الخليج إلى تكوين تكتلات اقتصادية وشراكات تجارية وصناعية وخدمية وعقد اتفاقات اقتصادية وعسكرية وسياسية طويلة المدى مع بعض الدول الصناعية في آسيا وعلى رأسها الصين.
وكانت رؤيتي تنطلق من تجربتنا الطويلة في العلاقات الخليجية أو السعودية مع أوروبا وأمريكا أظهرت لنا مدى قوة وضعف العلاقات وأثر العلاقات السياسية على نمو وتراجع اقتصادنا، وفي الغالب والأعم أن المصلحة الأولى تصب في مصلحة الطرف الآخر، وأصبحنا تحت سيطرة الشريك الأوحد وأغفلنا أهمية التكتلات الاقتصادية الآسيوية في الماضي كبديل نبني فيه أسواقا جديدة وشراكات طويلة لأهم منتج لنا وهو البترول والغاز والصناعات البتروكيماوية.
ورغم أهمية العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة وأوروبا إلا أنه يصعب علينا إغفال أهمية العلاقات الاقتصادية مع دول آسيا الصناعية المتقدمة وعلى رأسها الصين والهند واليابان وسنغافورة وكوريا، وهذا لم تكن تغفل عنه سياسة الأمير محمد بن سلمان الاقتصادية، فكانت زيارته الاقتصادية مؤخرا إلى كل من الصين والهند وباكستان وكانت نتائجها الإيجابية في توقيع اتفاقيات استثمار بحوالى 148 مليار دولار في أهم دول آسيا، وهي مؤشرات إيجابية نحو التوجه إلى تعزيز العلاقات مع القارة الآسيوية التي ننتمي جغرافيا لها.
وتؤكد هذه الزيارة سياسة التنوع الاقتصادي في استثمارات المملكة الخارجية، والتي لها ارتباط كبير بتطوير العلاقات السياسية الدولية مع أقطاب قارة آسيا.
لقد كانت المحطة الأولى (باكستان) في زيارة ولي العهد بداية الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لمشاريع مشتركة تجاوزت 20 مليار دولار، ومن أبرز هذه المشروعات في باكستان إنشاء مصفاة لتكرير النفط بمبلغ 10 مليارات دولار في ميناء (جوادار) الباكستاني المطل على بحر العرب.
وتأتي المحطة الثانية في رحلة ولي العهد (الهند)، والتي التزمت فيها المملكة العربية السعودية باستثمار 100 مليار دولار في مشروعات البنية التحتية والخدمات، هذا بالإضافة إلى استثمار المملكة حوالى 44 مليار دولار في الهند على مدى العامين الماضيين، وكانت رؤية ولي العهد توسيع نطاق التعاون بين السعودية والهند في عدة قطاعات اقتصادية مثل الطاقة والزراعة والتقنية، بالإضافة إلى التعاون في مجال الثقافة والخدمات الاجتماعية.
أما الزيارة الأهم في الجولة الآسيوية لولي العهد فكانت في الصين، وهي الزيارة التي أيقظت أعين الغرب وأمريكا لمتابعة نتائجها والتي تمخضت عن إبرام 35 اتفاقية تعاون اقتصادي بين المملكة والصين تقدر قيمتها الإجمالية بحوالى 28 مليار دولار.
ومن أهم النتائج الثقافية الإعلان عن الرغبة الأكيدة في تعليم الطلبة السعوديين اللغة الصينية في المدارس العامة، علما بأن الصين تدعم تعليم 50 ألف طالب صيني لتعلم اللغة العربية سنويا.
إن تطوير العلاقات الصينية السعودية هو أحد التوجهات الأساسية للاقتصاد السعودي، وأتمنى أن لا تكون مقتصرة على التعاون في تطوير التجارة والتبادل التجاري، لأنه مهما تساوت كفتا الميزان التجاري إلا أن اختلاف نوعية الصادرات السعودية عن نوعية الصادرات الصينية لأسواقنا يجعل الكفة في صالح الصين، لأن منتجاتها أسرع غزوا للأسواق وأقوى تنافسا في السعر لأي منتجات أخرى محلية أو دولية، إلا أن الدخول في شراكات صناعية في المملكة قد يعادل كفتي الميزان، كما أتمنى أن نعمل على تطوير العلاقات الثقافية مع الصين من خلال مضاعفة البعثات الخارجية في تخصصات محددة، وعلى وجه الخصوص في مجالات الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وهي الأكثر نجاحا في الصين، إن إدارة الأعمال بالطريقة الصينية هي علم وفن يتخصص به الصينيون، متمنيا أن نرى قريبا فرعا لإحدى الجامعات أو كلية من كليات إدارة الأعمال الصينية لنقل التجربة الصينية في بناء رواد الأعمال، لقد انتهى عهد الاستخفاف بالمنتجات الصينية وبالعلم والمعرفة الصينية.
إن دولة الصين أصبحت ثقلا اقتصاديا وسياسيا وعلميا في ميزان القوى العالمية، وإن بناء شراكات قوية معها سوف يسند موقف دول الخليج وعلى رأسها المملكة في جميع المواقف والمحافل الدولية، وتعتبر الصين دولة وشعبا من أوائل الدول والشعوب التي تحترم مبادئها وتحافظ على أصدقائها.
خطوات إيجابية في الطريق الصحيح اقتصاديا وسياسيا يقودها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وتتماشى مع كثير من التوجهات الآمنة لاقتصاد المملكة.
* كاتب اقتصادي سعودي
وكانت رؤيتي تنطلق من تجربتنا الطويلة في العلاقات الخليجية أو السعودية مع أوروبا وأمريكا أظهرت لنا مدى قوة وضعف العلاقات وأثر العلاقات السياسية على نمو وتراجع اقتصادنا، وفي الغالب والأعم أن المصلحة الأولى تصب في مصلحة الطرف الآخر، وأصبحنا تحت سيطرة الشريك الأوحد وأغفلنا أهمية التكتلات الاقتصادية الآسيوية في الماضي كبديل نبني فيه أسواقا جديدة وشراكات طويلة لأهم منتج لنا وهو البترول والغاز والصناعات البتروكيماوية.
ورغم أهمية العلاقات الاقتصادية مع الولايات المتحدة وأوروبا إلا أنه يصعب علينا إغفال أهمية العلاقات الاقتصادية مع دول آسيا الصناعية المتقدمة وعلى رأسها الصين والهند واليابان وسنغافورة وكوريا، وهذا لم تكن تغفل عنه سياسة الأمير محمد بن سلمان الاقتصادية، فكانت زيارته الاقتصادية مؤخرا إلى كل من الصين والهند وباكستان وكانت نتائجها الإيجابية في توقيع اتفاقيات استثمار بحوالى 148 مليار دولار في أهم دول آسيا، وهي مؤشرات إيجابية نحو التوجه إلى تعزيز العلاقات مع القارة الآسيوية التي ننتمي جغرافيا لها.
وتؤكد هذه الزيارة سياسة التنوع الاقتصادي في استثمارات المملكة الخارجية، والتي لها ارتباط كبير بتطوير العلاقات السياسية الدولية مع أقطاب قارة آسيا.
لقد كانت المحطة الأولى (باكستان) في زيارة ولي العهد بداية الاتفاقيات ومذكرات التفاهم لمشاريع مشتركة تجاوزت 20 مليار دولار، ومن أبرز هذه المشروعات في باكستان إنشاء مصفاة لتكرير النفط بمبلغ 10 مليارات دولار في ميناء (جوادار) الباكستاني المطل على بحر العرب.
وتأتي المحطة الثانية في رحلة ولي العهد (الهند)، والتي التزمت فيها المملكة العربية السعودية باستثمار 100 مليار دولار في مشروعات البنية التحتية والخدمات، هذا بالإضافة إلى استثمار المملكة حوالى 44 مليار دولار في الهند على مدى العامين الماضيين، وكانت رؤية ولي العهد توسيع نطاق التعاون بين السعودية والهند في عدة قطاعات اقتصادية مثل الطاقة والزراعة والتقنية، بالإضافة إلى التعاون في مجال الثقافة والخدمات الاجتماعية.
أما الزيارة الأهم في الجولة الآسيوية لولي العهد فكانت في الصين، وهي الزيارة التي أيقظت أعين الغرب وأمريكا لمتابعة نتائجها والتي تمخضت عن إبرام 35 اتفاقية تعاون اقتصادي بين المملكة والصين تقدر قيمتها الإجمالية بحوالى 28 مليار دولار.
ومن أهم النتائج الثقافية الإعلان عن الرغبة الأكيدة في تعليم الطلبة السعوديين اللغة الصينية في المدارس العامة، علما بأن الصين تدعم تعليم 50 ألف طالب صيني لتعلم اللغة العربية سنويا.
إن تطوير العلاقات الصينية السعودية هو أحد التوجهات الأساسية للاقتصاد السعودي، وأتمنى أن لا تكون مقتصرة على التعاون في تطوير التجارة والتبادل التجاري، لأنه مهما تساوت كفتا الميزان التجاري إلا أن اختلاف نوعية الصادرات السعودية عن نوعية الصادرات الصينية لأسواقنا يجعل الكفة في صالح الصين، لأن منتجاتها أسرع غزوا للأسواق وأقوى تنافسا في السعر لأي منتجات أخرى محلية أو دولية، إلا أن الدخول في شراكات صناعية في المملكة قد يعادل كفتي الميزان، كما أتمنى أن نعمل على تطوير العلاقات الثقافية مع الصين من خلال مضاعفة البعثات الخارجية في تخصصات محددة، وعلى وجه الخصوص في مجالات الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وهي الأكثر نجاحا في الصين، إن إدارة الأعمال بالطريقة الصينية هي علم وفن يتخصص به الصينيون، متمنيا أن نرى قريبا فرعا لإحدى الجامعات أو كلية من كليات إدارة الأعمال الصينية لنقل التجربة الصينية في بناء رواد الأعمال، لقد انتهى عهد الاستخفاف بالمنتجات الصينية وبالعلم والمعرفة الصينية.
إن دولة الصين أصبحت ثقلا اقتصاديا وسياسيا وعلميا في ميزان القوى العالمية، وإن بناء شراكات قوية معها سوف يسند موقف دول الخليج وعلى رأسها المملكة في جميع المواقف والمحافل الدولية، وتعتبر الصين دولة وشعبا من أوائل الدول والشعوب التي تحترم مبادئها وتحافظ على أصدقائها.
خطوات إيجابية في الطريق الصحيح اقتصاديا وسياسيا يقودها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وتتماشى مع كثير من التوجهات الآمنة لاقتصاد المملكة.
* كاتب اقتصادي سعودي