شرع معرض الرياض للكتاب أبوابه لمئات الآلاف من الزائرين، في حالة رائعة ومدهشة متجددة تقول إن الكتاب لا يزال بخير رغم المتغيرات الجارفة، إقبال من الرجال والنساء، شباب وفتيات، وبراعم بصحبة أسرها تجد نفسها جزءاً من هذا المشهد الجميل، في عصر لا يرون فيه سوى هواتف في أيدي البشر على مدار الساعة.
الذين يرتادون المعارض داخل المملكة، ومنهم من يسافر إلى مثيلاتها في الخارج، هؤلاء يحملون بين جوانحهم توقاً إلى جديد الفكر ونتاج المطابع.. فمن نشأ على حب القراءة والاطلاع يرى في الكتاب ثروة وكنزاً معرفياً، في علوم الدين والأخلاق، والسياسة والاقتصاد، وإصدارات علمية متخصصة بالعربية والإنجليزية، وكتب ومراجع في علم الاجتماع وعلم النفس والسلوك وتجارب البشر والفلسفة، وكلٌّ يبحث عن مراده من هذه المعارف بين دفتي الكتاب.
فالقراءة المتعمقة مجالها الكتب الهادفة على عكس الوجبات السريعة والمعلبة والسطحية التي تعج بها معظم مواقع الشبكة العنكبوتية، وتستنزف الوقت ولا طاقة لمدمنيها على الصبر والوقت في قراءة الجاد والمتعمق من الفكر، ولا ضمان بها لدقة وموضوعية ولا مشاركة جادة ولا استفادة حقيقية، إنما قراءات سريعة وخواطر لا أثر لها، وفي الأغلب الأعم مجاملات خادعة على شبكات التواصل دون قراءات جادة. الكتاب المطبوع ولزمن طويل ظل مصدر الإشعاع الثقافي والفكري والعلمي، وأجيال كثيرة ارتبطت بأسماء كبيرة أسهمت كثيراً في إثراء الثقافة الوطنية والعربية، بإبداعاتهم ومكنون وجدانهم الإنساني، فكان الخيال خصباً وأكثر تأثيراً في القراء وترطيباً لحياة المجتمعات، وما أجمل الخيال عندما يأتي من الكتاب، وهكذا كانت الإذاعة والكلمة المسموعة الأكثر سحراً وإلى اليوم عندما نستمع إليها في السيارة مثلاً، من برامج معرفية دينية واجتماعية وحوارية ونشرات إخبارية وأعمال درامية هادفة، وهكذا كانت الصحف والمجلات استراحة يومية وأسبوعية وقت نهضة الكلمة المطبوعة. لذلك يظل الكتاب هو نبع الخيال الأوسع والفكر الأعمق في إثراء العقل، والمعين الأهم للفكر والثقافة، والارتقاء باللغة والأسلوب والفهم والإشباع للفكرة، مثلما الكتاب منهل للعلوم في كل تخصص، لكن التحدي كبير ومتسارع وكما هو واقع يتزايد التأثير الهائل لطوفان وسائل التواصل ومواقع الإعلام الجديد والعالم الافتراضي بإيجابياته وسلبياته، وهو واقع يصعب تجنبه، لكنه يحتاج إلى ترشيد ووعي مستمرين بمخاطر لم تعد خفية وتأثيرات سلبية على الأمن الفكري والتشكيل النفسي والذهني والاجتماعي، خاصة أن التطور متسارع كالتلفزيون التفاعلي أو صندوق العجائب القادم الذي بدأ في دول غربية وسيجتاح العالم قريباً، من هنا يجب أن لا نخرج الكتاب المطبوع من اهتمام الأجيال رغم صعوبة ذلك، باعتباره قيمة عالية في بناء وتغذية العقل. جانب آخر في متعة القراءة لا يدركه إلا عشاقها، وهو أن الكتاب وسيلة تواصل أيضاً لكن عبر الفكر والمنتج العقلي الذي قد تتفق معه أو تختلف، فتقبل ما فيه أو بعضه، أو تنقضه عقلاً بالمزيد من القراءة والتفكير والاستنتاج.. والكتاب يوثق التاريخ والثقافات والحضارات ويحمل العلوم، ويستشرف أيضاً المستقبل برؤى فكرية ونظريات، وفي كل الأحوال تجده بين يديك متى شئت، وحتى (كتيبات الجيب) بات لها أركانها في المعرض والمكتبات الكبرى منها تحمل خلاصات مفيدة لفكر علماء وأساتذة وملهمين في كل مجال حول الشخصية وإدارة الحياة، فلنعلِّم أجيالنا حب القراءة الهادفة التي تثري العقل والحياة.
* كاتب سعودي
الذين يرتادون المعارض داخل المملكة، ومنهم من يسافر إلى مثيلاتها في الخارج، هؤلاء يحملون بين جوانحهم توقاً إلى جديد الفكر ونتاج المطابع.. فمن نشأ على حب القراءة والاطلاع يرى في الكتاب ثروة وكنزاً معرفياً، في علوم الدين والأخلاق، والسياسة والاقتصاد، وإصدارات علمية متخصصة بالعربية والإنجليزية، وكتب ومراجع في علم الاجتماع وعلم النفس والسلوك وتجارب البشر والفلسفة، وكلٌّ يبحث عن مراده من هذه المعارف بين دفتي الكتاب.
فالقراءة المتعمقة مجالها الكتب الهادفة على عكس الوجبات السريعة والمعلبة والسطحية التي تعج بها معظم مواقع الشبكة العنكبوتية، وتستنزف الوقت ولا طاقة لمدمنيها على الصبر والوقت في قراءة الجاد والمتعمق من الفكر، ولا ضمان بها لدقة وموضوعية ولا مشاركة جادة ولا استفادة حقيقية، إنما قراءات سريعة وخواطر لا أثر لها، وفي الأغلب الأعم مجاملات خادعة على شبكات التواصل دون قراءات جادة. الكتاب المطبوع ولزمن طويل ظل مصدر الإشعاع الثقافي والفكري والعلمي، وأجيال كثيرة ارتبطت بأسماء كبيرة أسهمت كثيراً في إثراء الثقافة الوطنية والعربية، بإبداعاتهم ومكنون وجدانهم الإنساني، فكان الخيال خصباً وأكثر تأثيراً في القراء وترطيباً لحياة المجتمعات، وما أجمل الخيال عندما يأتي من الكتاب، وهكذا كانت الإذاعة والكلمة المسموعة الأكثر سحراً وإلى اليوم عندما نستمع إليها في السيارة مثلاً، من برامج معرفية دينية واجتماعية وحوارية ونشرات إخبارية وأعمال درامية هادفة، وهكذا كانت الصحف والمجلات استراحة يومية وأسبوعية وقت نهضة الكلمة المطبوعة. لذلك يظل الكتاب هو نبع الخيال الأوسع والفكر الأعمق في إثراء العقل، والمعين الأهم للفكر والثقافة، والارتقاء باللغة والأسلوب والفهم والإشباع للفكرة، مثلما الكتاب منهل للعلوم في كل تخصص، لكن التحدي كبير ومتسارع وكما هو واقع يتزايد التأثير الهائل لطوفان وسائل التواصل ومواقع الإعلام الجديد والعالم الافتراضي بإيجابياته وسلبياته، وهو واقع يصعب تجنبه، لكنه يحتاج إلى ترشيد ووعي مستمرين بمخاطر لم تعد خفية وتأثيرات سلبية على الأمن الفكري والتشكيل النفسي والذهني والاجتماعي، خاصة أن التطور متسارع كالتلفزيون التفاعلي أو صندوق العجائب القادم الذي بدأ في دول غربية وسيجتاح العالم قريباً، من هنا يجب أن لا نخرج الكتاب المطبوع من اهتمام الأجيال رغم صعوبة ذلك، باعتباره قيمة عالية في بناء وتغذية العقل. جانب آخر في متعة القراءة لا يدركه إلا عشاقها، وهو أن الكتاب وسيلة تواصل أيضاً لكن عبر الفكر والمنتج العقلي الذي قد تتفق معه أو تختلف، فتقبل ما فيه أو بعضه، أو تنقضه عقلاً بالمزيد من القراءة والتفكير والاستنتاج.. والكتاب يوثق التاريخ والثقافات والحضارات ويحمل العلوم، ويستشرف أيضاً المستقبل برؤى فكرية ونظريات، وفي كل الأحوال تجده بين يديك متى شئت، وحتى (كتيبات الجيب) بات لها أركانها في المعرض والمكتبات الكبرى منها تحمل خلاصات مفيدة لفكر علماء وأساتذة وملهمين في كل مجال حول الشخصية وإدارة الحياة، فلنعلِّم أجيالنا حب القراءة الهادفة التي تثري العقل والحياة.
* كاتب سعودي