منذ استقلالهما في أغسطس سنة 1947، قامت بين باكستان والهند 3 حروب طاحنة (حروب 1947، 1965، 1971)، وعدة مناوشات خطيرة، ونشأ بينهما سباق تسلح رهيب، تحول منذ سنة 1974 إلى سباق تسلح نووي مرعب، ليس بالنسبة للبلدين وحسب، بل وبالنسبة للمنطقة وللعالم ككل. ولو عدنا إلى التاريخ القريب، سنجد أن الهند دخلت النادي النووي عام 1974، وأجرت تجربتها النووية الأولى يوم 17 مايو 1998، وسرعان ما لحقت بها باكستان، التي أجرت التجربة النووية الباكستانية الأولى لها بتاريخ 29 مايو 1998، أي بعد 12 يوما من تجربة الهند الشهيرة. ثم تواصل سباق التسلح النووي بينهما منذ ذلك الحين، وشمل القنابل والصواريخ الباليستية.
صحيح، أن للهند حسابات أخرى (العلاقات مع الصين، وغيرها) وللباكستان حساباتها الخاصة الأخرى، ولكن تظل العلاقات الهندية - الباكستانية المتوترة والعدائية هي: الدافع الأساسي نحو سباق التسلح هذا، بين الدولتين. وقد تفاقم هذا العداء مؤخرا، ونجمت عنه اشتباكات ومناوشات حدودية خطيرة في كشمير (فبراير 2019)، كادت تتطور إلى حرب شاملة بين الجانبين. وما زال هذا العداء سافرا، والتوتر مرشحا للتصعيد في المستقبل المنظور، ما لم ينزع فتيله، وتتم تسوية النزاعات بينهما سلما، وتحل مسألة النزاع على كشمير، عبر الدبلوماسية والوساطات الحميدة.
***
لقد أدى سباق التسلح هذا بالفعل إلى نشوء «توازن رعب»، بين الطرفين... وكان يؤمل أن يقود ذلك التوازن إلى نوع من «الوفاق»، القائم على مبدأ «الردع المتبادل» بينهما... ولكن هذا السباق (الذي يدعي الطرفان أنهما لا يريدانه) لم يزد علاقاتهما حتى الآن إلا سوءا وتدهورا، ويمكن أن تنتج عنه حرب مدمرة، تعيد حضارة شبه القارة الهندية، وما جاورها، إلى ما كانت عليه في العصور القديمة. ويعتقد المراقبون العالميون بأن شبه القارة الهندية هي الآن (وبسبب هذا التسابق الحاد) المرشحة الأولى، لتشهد نشوب أول حرب نووية رهيبة.
وبالإضافة إلى أن هذا السباق يضر كامل البيئة المحيطة، ويستنزف جزءاً هاماً وكبيراً من موارد باكستان والهند، فإن اندلاع حرب نووية بين هذين البلدين – لا سمح الله – سيؤدى إلى دمار جزء كبير من العالم، بفعل الإشعاع النووي الذى سينتج عن هذه الحرب. وسنتحدث في هذا المقال باختصار عن هذا التأثير البيئي والضرر العالمي المتوقع في ما يلي.
***
باستثناء الجيوش والأسلحة التقليدية، وفوق التقليدية، وكذلك الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، وبالتركيز فقط على السلاح النووي لدى الدولتين، نجد أن الهند تمتلك حوالى 110 رؤوس نووية، ولديها من وسائل حمل وقذف الأسلحة النووية صواريخ أرض – أرض حديثة، ذات آماد قصيرة ومتوسطة وطويلة، إضافة إلى غواصات وبوارج وطائرات مهيأة لحمل وقذف قنابل نووية. بينما تمتلك باكستان حوالى 120 رأسا نوويا، ووسائل فعالة لحمل وقذف الرؤوس النووية (صواريخ، مقاتلات، غواصات وبوارج). والواقع، أن كل باكستان تقع ضمن مدى الصواريخ الباليستية الهندية. بينما تستطيع باكستان الآن ضرب الأجزاء الغربية والجنوبية والوسطى من الهند (مساحتها تبلغ حوالى 5 أضعاف مساحة باكستان) بما في ذلك المؤسسات النووية الحيوية، الواقعة في جنوب غرب الهند.
***
البلدان يعتبران من أقل الدول النووية امتلاكا للرؤوس النووية. فمجموع ما يمتلكانه من هذه القنابل هو حوالى 230 قنبلة، معظم قدرة كل منها 20 - 40 كيلو طن. يقول الخبراء إن مجموع ما تمتلكه الدول النووية من رؤوس نووية يصل إلى حوالى 20300 رأس، يمكنها – يا للهول – لو استخدمت كلها أن تدمر العالم كما نعرفه الآن 6 مرات متكررة (Six times over)...! ومعروف أن حجم قنبلة هيروشيما، التي تستخدم كمقياس كان 20 كيلو طن متفجر. ولكن هذا العدد من القنابل لو استعمل (لا سمح الله) فإنه غالبا ما سيقضي ويدمر كل جنوب آسيا، ويصل ضرره إلى كل أنحاء العالم، الأمر الذي سينتج عنه – كما يقول خبراء السلاح النووي – دمار حوالى ثلث العالم، بشرا وحجرا.
***
لو قامت حرب نووية بين الهند وباكستان – لا سمح الله – واستخدم كل منهما نصف ما لديه فقط من قنابل نووية، فماذا سيحصل؟!
معظم شبه القارة الهندية ستدمر، ويموت الملايين من سكانها، إما فورا، أو بعد حين قصير. وستصبح شبه القارة غير قابلة لعيش بشر فيها لسنوات طويلة قادمة. وبالطبع، لن يقتصر الضرر على شبه القارة الهندية وما جاورها، بل سيمتد ليشمل كل العالم تقريبا. لن يكون هناك أحد في مأمن من الموت أو المرض، أينما كان. سيموت أناس يعيشون في بلدان أخرى تبعد آلاف الأميال عن الهند وباكستان. جزء كبير من الحضارة البشرية سيصبح في خبر كان.
بعد أسبوعين من التفجيرات، سيغطي «الدخان النووي» (الإشعاع النووي القاتل) كل الكرة الأرضية تقريبا. سيكون على ارتفاع 20 – 50 ميلا فوق سطح الأرض. وهذه السحابة ستمنع سقوط الأمطار، وتحجب الضوء، فينتشر الجفاف هنا وهناك، ويفنى الزرع وكل الكائنات الحية. وتسبب هذه السحابة ما يعرف بـ«الشتاء النووي»... حيث يصبح هناك انخفاض هائل في درجات الحرارة، ولا مطر، ولا ضوء، ومن ثم لا حياة لكائنات.
ستتحول المزارع الخضراء في أوروبا وأمريكا وآسيا وأفريقيا إلى هشيم، بفعل الجفاف الناجم عن الدخان النووي المتحرك والعالق بالأجواء. ويقدر الخبراء بأن العالم سيفقد 10-40% من إنتاجه من الحبوب لمدة سنوات، بسبب تبعات هذه الحرب. يستطيع العالم الحالي أن يوفر الطعام لسكانه (هم الآن حوالى 7.3 بليون نسمة) لمدة 60 يوما، حتى يتم إنتاج أغذية جديدة. ولكن، عندما لا يمكن إنتاج أغذية جديدة، بسبب وجود الدخان النووي، فإن ذلك سيؤدي إلى وجود مجاعة قاتلة. يقول الخبراء إن 1-2 بليون (نعم بليون) شخص يحتمل أن يموتوا، مرضا أو جوعا، جراء حرب نووية مدمرة بين الهند وباكستان.
***
ذلك ما قد يحصل في حالة اندلاع اشتباك نووي بين هذين البلدين. فما بالنا بما قد يحصل من الحروب النووية الأكبر؟ لقد اخترع البشر – باختراع أو اكتشاف هذا السلاح – أفدح الأسلحة على الإطلاق، سلاح يدمر حياتهم من جذورها. وهناك كتب وأفلام توضح ما قد ينجم عن أي تفجير نووي من موت ودمار، لا أعتقد أن هناك حاجة ماسة للاطلاع عليها... أملا في نجاة مستحيلة. وأعتذر، بصدق، من القارئ الكريم على ما اضطررت لإيراده في هذا المقال من معلومات رهيبة ومرعبة.
* كاتب سعودي
صحيح، أن للهند حسابات أخرى (العلاقات مع الصين، وغيرها) وللباكستان حساباتها الخاصة الأخرى، ولكن تظل العلاقات الهندية - الباكستانية المتوترة والعدائية هي: الدافع الأساسي نحو سباق التسلح هذا، بين الدولتين. وقد تفاقم هذا العداء مؤخرا، ونجمت عنه اشتباكات ومناوشات حدودية خطيرة في كشمير (فبراير 2019)، كادت تتطور إلى حرب شاملة بين الجانبين. وما زال هذا العداء سافرا، والتوتر مرشحا للتصعيد في المستقبل المنظور، ما لم ينزع فتيله، وتتم تسوية النزاعات بينهما سلما، وتحل مسألة النزاع على كشمير، عبر الدبلوماسية والوساطات الحميدة.
***
لقد أدى سباق التسلح هذا بالفعل إلى نشوء «توازن رعب»، بين الطرفين... وكان يؤمل أن يقود ذلك التوازن إلى نوع من «الوفاق»، القائم على مبدأ «الردع المتبادل» بينهما... ولكن هذا السباق (الذي يدعي الطرفان أنهما لا يريدانه) لم يزد علاقاتهما حتى الآن إلا سوءا وتدهورا، ويمكن أن تنتج عنه حرب مدمرة، تعيد حضارة شبه القارة الهندية، وما جاورها، إلى ما كانت عليه في العصور القديمة. ويعتقد المراقبون العالميون بأن شبه القارة الهندية هي الآن (وبسبب هذا التسابق الحاد) المرشحة الأولى، لتشهد نشوب أول حرب نووية رهيبة.
وبالإضافة إلى أن هذا السباق يضر كامل البيئة المحيطة، ويستنزف جزءاً هاماً وكبيراً من موارد باكستان والهند، فإن اندلاع حرب نووية بين هذين البلدين – لا سمح الله – سيؤدى إلى دمار جزء كبير من العالم، بفعل الإشعاع النووي الذى سينتج عن هذه الحرب. وسنتحدث في هذا المقال باختصار عن هذا التأثير البيئي والضرر العالمي المتوقع في ما يلي.
***
باستثناء الجيوش والأسلحة التقليدية، وفوق التقليدية، وكذلك الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، وبالتركيز فقط على السلاح النووي لدى الدولتين، نجد أن الهند تمتلك حوالى 110 رؤوس نووية، ولديها من وسائل حمل وقذف الأسلحة النووية صواريخ أرض – أرض حديثة، ذات آماد قصيرة ومتوسطة وطويلة، إضافة إلى غواصات وبوارج وطائرات مهيأة لحمل وقذف قنابل نووية. بينما تمتلك باكستان حوالى 120 رأسا نوويا، ووسائل فعالة لحمل وقذف الرؤوس النووية (صواريخ، مقاتلات، غواصات وبوارج). والواقع، أن كل باكستان تقع ضمن مدى الصواريخ الباليستية الهندية. بينما تستطيع باكستان الآن ضرب الأجزاء الغربية والجنوبية والوسطى من الهند (مساحتها تبلغ حوالى 5 أضعاف مساحة باكستان) بما في ذلك المؤسسات النووية الحيوية، الواقعة في جنوب غرب الهند.
***
البلدان يعتبران من أقل الدول النووية امتلاكا للرؤوس النووية. فمجموع ما يمتلكانه من هذه القنابل هو حوالى 230 قنبلة، معظم قدرة كل منها 20 - 40 كيلو طن. يقول الخبراء إن مجموع ما تمتلكه الدول النووية من رؤوس نووية يصل إلى حوالى 20300 رأس، يمكنها – يا للهول – لو استخدمت كلها أن تدمر العالم كما نعرفه الآن 6 مرات متكررة (Six times over)...! ومعروف أن حجم قنبلة هيروشيما، التي تستخدم كمقياس كان 20 كيلو طن متفجر. ولكن هذا العدد من القنابل لو استعمل (لا سمح الله) فإنه غالبا ما سيقضي ويدمر كل جنوب آسيا، ويصل ضرره إلى كل أنحاء العالم، الأمر الذي سينتج عنه – كما يقول خبراء السلاح النووي – دمار حوالى ثلث العالم، بشرا وحجرا.
***
لو قامت حرب نووية بين الهند وباكستان – لا سمح الله – واستخدم كل منهما نصف ما لديه فقط من قنابل نووية، فماذا سيحصل؟!
معظم شبه القارة الهندية ستدمر، ويموت الملايين من سكانها، إما فورا، أو بعد حين قصير. وستصبح شبه القارة غير قابلة لعيش بشر فيها لسنوات طويلة قادمة. وبالطبع، لن يقتصر الضرر على شبه القارة الهندية وما جاورها، بل سيمتد ليشمل كل العالم تقريبا. لن يكون هناك أحد في مأمن من الموت أو المرض، أينما كان. سيموت أناس يعيشون في بلدان أخرى تبعد آلاف الأميال عن الهند وباكستان. جزء كبير من الحضارة البشرية سيصبح في خبر كان.
بعد أسبوعين من التفجيرات، سيغطي «الدخان النووي» (الإشعاع النووي القاتل) كل الكرة الأرضية تقريبا. سيكون على ارتفاع 20 – 50 ميلا فوق سطح الأرض. وهذه السحابة ستمنع سقوط الأمطار، وتحجب الضوء، فينتشر الجفاف هنا وهناك، ويفنى الزرع وكل الكائنات الحية. وتسبب هذه السحابة ما يعرف بـ«الشتاء النووي»... حيث يصبح هناك انخفاض هائل في درجات الحرارة، ولا مطر، ولا ضوء، ومن ثم لا حياة لكائنات.
ستتحول المزارع الخضراء في أوروبا وأمريكا وآسيا وأفريقيا إلى هشيم، بفعل الجفاف الناجم عن الدخان النووي المتحرك والعالق بالأجواء. ويقدر الخبراء بأن العالم سيفقد 10-40% من إنتاجه من الحبوب لمدة سنوات، بسبب تبعات هذه الحرب. يستطيع العالم الحالي أن يوفر الطعام لسكانه (هم الآن حوالى 7.3 بليون نسمة) لمدة 60 يوما، حتى يتم إنتاج أغذية جديدة. ولكن، عندما لا يمكن إنتاج أغذية جديدة، بسبب وجود الدخان النووي، فإن ذلك سيؤدي إلى وجود مجاعة قاتلة. يقول الخبراء إن 1-2 بليون (نعم بليون) شخص يحتمل أن يموتوا، مرضا أو جوعا، جراء حرب نووية مدمرة بين الهند وباكستان.
***
ذلك ما قد يحصل في حالة اندلاع اشتباك نووي بين هذين البلدين. فما بالنا بما قد يحصل من الحروب النووية الأكبر؟ لقد اخترع البشر – باختراع أو اكتشاف هذا السلاح – أفدح الأسلحة على الإطلاق، سلاح يدمر حياتهم من جذورها. وهناك كتب وأفلام توضح ما قد ينجم عن أي تفجير نووي من موت ودمار، لا أعتقد أن هناك حاجة ماسة للاطلاع عليها... أملا في نجاة مستحيلة. وأعتذر، بصدق، من القارئ الكريم على ما اضطررت لإيراده في هذا المقال من معلومات رهيبة ومرعبة.
* كاتب سعودي