لطالما حرصت الشريعة الإسلامية وأنظمة المملكة على حماية ورعاية حقوق الأطفال عند وقوع الانفصال بين الأم والأب، فإذا صدر حكم قضائي بحق الحضانة لطرف فإنه لا يعني بأي حال من الأحوال إهدار حق الطرف الآخر في زيارة طفله والحفاظ على أواصر العلاقة الأسرية وفق أحكام الشرع والنظام. ومع ذلك فقد يترتب على تطبيق الأنظمة مفارقات تستدعي التوقف وعدة تساؤلات حول احتمالية إهدار حق أحد الأطراف حين تعسف الطرف الآخر. ففي الوقت الذي يحمي النظام حق الأب بعدم مغادرة أطفاله أرض الوطن مع «الأم» حتى وإن كانت حاضنة للأبناء بموجب صك قضائي فلا يمكنها السفر بالأبناء إلا بإذنه أو بإذن من القاضي بعد رفع دعوى إذن سفر مستعجلة وذلك وفق قرار مجلس القضاء رقم (١١٦٧/ ١١/ ٣٥) وتاريخ ٣٠/ ١٠/ ١٤٣٥هـ، وبذلك نجد أن الأم لا تحظى بذات الحماية بمنع مغادرة أطفالها خارج المملكة مع طليقها دون إذنها أو إذن القاضي! هذه المفارقة الغريبة متى مارسها طليق الأم فإنه سوف يحرمها حقها وحقهم في حضانتهم الفعلية لوالدتهم أو يحرمها من رؤيتهم (زيارتهم) إن لم تكن هي الحاضنة، بل قد يستغلها الآباء المتعسفون في بعض القضايا لأبعد من ذلك في سبيل الإضرار بطليقته أو الانتقام والكيد بها. نعم يوجد إجراء لاحق بتعرضه للمسؤولية الجنائية وإحالته للنيابة العامة نتيجة فعله بتعمد حرمان الأم والأبناء من حقوقهم في الحضانة أو في زيارة أبنائها بسبب السفر بهم ما ينتج عنه عدم تطبيق للأحكام القضائية بما يخالف نص المادة الرابعة والسبعين من نظام التنفيذ، والتي تضمنت عقوبات لمن امتنع عن تنفيذ الأحكام وقد تصل إلى السجن لـ ٣ أشهر. ومع ذلك فالأولى من العلاج اللاحق بمعاقبة الأب أن يتم تقرير قاعدة نظامية وقائية بعدم سفر الأطفال حال انفصال الوالدين إلا بعلم وموافقة والدتهم الحاضنة أو بقرار قضائي تتحقق به المصلحة كما هو الحال المعمول بِه في حال رغبت الأم السفر بأبنائها، وبلا شك فإن تطبيق ذلك يعد وقاية كفيلة بعدم تعسف الأب أو احتمالية استغلاله للإضرار بحقوق الأطفال وأمهاتهم.
* محامية وكاتبة
* محامية وكاتبة