-A +A
عيسى الحليان
مع استحواذ شركة «أوبر» المتخصصة في النقل التشاركي على شركة «كريم»، اتجهت أنظار مجتمع رأس المال والأعمال إلى دبي حيث مقر الشركة، وذلك بحكم القيمة السوقية التي وصلت إليها الصفقة، وهي قيمة من العيار الثقيل إذا علمنا أن الشركة بدأت من الصفر مع بداية تكوينها، ومثل هذه الصفقة المدوية تعيدنا إلى عملية استحواذ عملاق التجارة الإلكترونية (أمازون) على موقع «سوق كوم» في دبي أيضاً، والذي بلغت قيمه شرائه هو الآخر 2.1 مليار درهم.

ينبغي أن نتوقف عند هذه النوعية من المشاريع التي تصدرها دبي والتي لم تعد مدينة للسياحة أو التجارة والخدمات فحسب، وإنما تحولت إلى منصة لإطلاق الأفكار الذكية والمشاريع التي تعتمد على التطبيقات الرقمية، والتي ولدت وترعرعت في بيئة مثالية لرواد الأعمال الحقيقيين من الداخل والخارج، واستطاعت معها جذب استثمارات وتمويلات محلية ودولية لا تقوم على الاستهلاك في مجال البرمجيات فقط كما هو حال معظم الأسواق العربية، وإنما على إنتاج وتشغيل مثل هذه المبادرات والمشاريع التي تعتمد على تطبيقات الهاتف النقال ومن ثم تصديرها وعلى من ؟ شركات دولية! المسألة هنا لا تتوقف على «كريم» أو «سوق كوم» وإلا لاعتبرت من باب المصادفة، لكن سبق ذلك جملة من الاستحواذات الدولية المماثلة وبأثمان عالية، فموقع «مكتوب دوت كوم» استحوذت عليه شركة «ياهو» بعد أن تحول إلى أكبر موقع إلكتروني في العالم العربي، ومن بعده موقع «دوبيزل» للإعلانات المبوبة، وهناك قائمه طويلة لا يتسع المجال لذكرها في هذا العمود، ومن بينها «فيشر» لخدمات التوصيل، و«نمشي» للتجارة الإلكترونية والتي تم الاستحواذ عليها بقيمة تبلغ 1.29 مليار درهم من قبل شركة إعمار.


الشاهد أن تنافسية أي بلد لم يعد مرهوناً باستقطاب رؤوس الأموال أو تشغيلها كيفما اتفق، وفي قطاعات تقليدية، وإنما في تطوير برامج التعليم وتشجيع الإبداع واستقطاب المواهب من الداخل والخارج، واعتبار توليد مثل هذه المشاريع في أي بلد هو الترمومتر الحقيقي لمدى كفاءة البيئة القانونية والتشريعية، ومدى التقدم والنجاح الحقيقي التي تحرزه حاضنات أعمالها.