خلال سفري في الآونة الأخيرة من وإلى المملكة، لاحظت تنامي التواجد النسائي على نحو ملموس في كثير من القطاعات الخدمية كخطوط الطيران، والجوازات والجمارك، وهي القطاعات التي كان التوظيف فيها مقصوراً على الذكور، وقد أصبح من المألوف أن يشاهد المسافر المواطنات السعوديات يعملن في مرافق المطار، وما أثار إعجابي بتلك الظاهرة -والتي كانت سابقاً غير مألوفة- هو أن جهود الدولة في تمكين المرأة بدأت تؤتي ثمارها وأصبحت بادية للعيان، وأن رؤية 2030 والتي تتعلق بعض أهدافها بتقليص البطالة وخاصة للنساء، غدت واقعاً ملحوظاً يرد بذاته على جميع المشككين فيها، لقد غمرتني الفرحة بالفعل وأنا أرى المواطنات السعوديات قد اقتحمن مجالات العمل في المطارات، وأثبتن كفاءتهن وقدرتهن على الإسهام في دعم مسيرة التنمية بالمجتمع.
لقد أصبح تمكين المرأة السعودية حالياً من الانخراط في المجتمع والإسهام في تنميته، وفتح أبواب العمل للنساء السعوديات لشغل الوظائف التي تليق بهن، مع الاهتمام بزيادة حصصهن في بعض المناصب القيادية، هدفاً استراتيجياً للدولة، وتتويجاً لجهود الملك سلمان وولي عهده حفظهما الله، ولم يكن قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة سوى حلقة أولى من سلسلة إصلاحات متتابعة أكثر عمقاً وجدوى، تعكس احتراماً عميقاً لنصف المجتمع الذي تتشكل منه النساء، وتمثل رؤية حصيفة لإعادة دمج وتأهيل النساء للانخراط في تطوير وتنمية المجتمع ككل بجميع قطاعاته ولكل شرائحه وفئاته، ولا تكاد تمر عدة أيام إلا ونجد مجالاً جديداً اقتحمته النساء بجسارة مدعومات من القيادة العليا للبلاد، ونحن على يقين من أن الأيام والسنوات القليلة القادمة ستشهد دمجاً للنساء في الكثير من خطط الدولة الاستراتيجية.
تعتبر تلك الإنجازات الخاصة بالنساء نوعاً من الانتصار التاريخي لقضية طال انتظارها لعقود طويلة، فقضية تمكين المرأة كانت من أشد المعضلات التي واجهتها الدولة منذ تأسيسها، وذلك لأسباب لا مجال لذكرها وحصرها في هذا الحيز من السطور، ولم تكن هناك أسباب مقنعة في ما مضى للقيود المفروضة على عمل المرأة، والتي كانت تدور جميعها في فلك واحد، لا يخرج عن كونها مجرد إرث توارثته الأجيال، حتى بات عُرفاً راسخاً لا يعتمد على مقومات دينية أو حتى عقلية، ومن الجدير بالذكر أن جهود الدولة لتمكين المرأة بدأت منذ الستينات وتركزت في قضية تعليم النساء؛ بدأها الملك فيصل رحمه الله حيث تم في عهده افتتاح مدارس حكومية لتعليم الفتيات، وظل بعدها قطاع العمل مغلقاً أمامهن بفضل جهود المتشددين الذين فرضوا قيوداً على عمل النساء وتوظيفهن إلا في بعض التخصصات المحدودة كالطب والتعليم، وظل مجال تمكينهن مغلقاً ويتقدم ببطء وبدون جدوى ملموسة تقريباً.
أما الإنجاز الحقيقي فقد تمثل في الطفرات التي كللت الجهود السابقة، وقد بدأت هذه المرة من خلال ترسيخ مفهوم مشاركة المرأة في الرؤية التي تبناها الأمير الشاب محمد بن سلمان، وقد انفتح على إثرها باب العمل أمام النساء للتوظيف في الكثير من القطاعات، وبدأت المرأة تتقلد المناصب المرموقة مؤكدة على ذلك المفهوم، ومرسخة مبدأ مفاده أن عمل المرأة في هذه القطاعات هو القاعدة وليس الاستثناء، فالطبيعى أن تعمل المرأة لأنها نصف المجتمع، والذي يحتاج بدوره لجهودها وإسهاماتها وإنجازاتها، ومن الطبيعي ألا يتقدم مجتمع يعمل بنصف طاقته فحسب، ويوظف نصف مؤهلاته فقط، ولا يعتمد إلا على نصف موارده البشرية ونصف كفاءاته.
ولعله من الأمور المثيرة للسخرية، أنه في خضم الجهود الشاقة والجذرية والمستمرة لتمكين المرأة السعودية والنهوض بها، نجد عدداً من المنابر المشبوهة والحملات المسعورة التي تتهم المملكة بمعاداة المرأة أو هضم حقوقها! في تغاضٍ مستفز -ومثير للريبة- لنجاح الجهود التي لم تتوقف طيلة السنوات الأربع الأخيرة الماضية، وتكللت بالكثير من الإنجازات الفعلية، غير أنه في واقع الأمر، واستقراءً لكافة الوقائع، لا تجد هذه الحملات صدى شعبياً قوياً أو دعماً حقيقياً، لأن ما تم تحقيقه وإنجازه يصعب تجاهله بالفعل، فالإنجازات تتحدث عن نفسها ولا تحتاج لمن يروج لها، ونحن على يقين أن الدولة لا تلتفت لتلك الحملات ولا تعيرها الكثير من الانتباه، فهى تعمل بصمت وثقة، ويكفيها أنها تصنع الإنجازات الحقيقية وتحقق النجاحات الباهرة انطلاقاً من مسؤوليتها ودورها الذي تضطلع به بحزم وكفاءة، ولذلك فلن يفت من عضدها أبداً حقد الحاقدين ولا تآمر الناقمين.
* كاتب سعودي
لقد أصبح تمكين المرأة السعودية حالياً من الانخراط في المجتمع والإسهام في تنميته، وفتح أبواب العمل للنساء السعوديات لشغل الوظائف التي تليق بهن، مع الاهتمام بزيادة حصصهن في بعض المناصب القيادية، هدفاً استراتيجياً للدولة، وتتويجاً لجهود الملك سلمان وولي عهده حفظهما الله، ولم يكن قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة سوى حلقة أولى من سلسلة إصلاحات متتابعة أكثر عمقاً وجدوى، تعكس احتراماً عميقاً لنصف المجتمع الذي تتشكل منه النساء، وتمثل رؤية حصيفة لإعادة دمج وتأهيل النساء للانخراط في تطوير وتنمية المجتمع ككل بجميع قطاعاته ولكل شرائحه وفئاته، ولا تكاد تمر عدة أيام إلا ونجد مجالاً جديداً اقتحمته النساء بجسارة مدعومات من القيادة العليا للبلاد، ونحن على يقين من أن الأيام والسنوات القليلة القادمة ستشهد دمجاً للنساء في الكثير من خطط الدولة الاستراتيجية.
تعتبر تلك الإنجازات الخاصة بالنساء نوعاً من الانتصار التاريخي لقضية طال انتظارها لعقود طويلة، فقضية تمكين المرأة كانت من أشد المعضلات التي واجهتها الدولة منذ تأسيسها، وذلك لأسباب لا مجال لذكرها وحصرها في هذا الحيز من السطور، ولم تكن هناك أسباب مقنعة في ما مضى للقيود المفروضة على عمل المرأة، والتي كانت تدور جميعها في فلك واحد، لا يخرج عن كونها مجرد إرث توارثته الأجيال، حتى بات عُرفاً راسخاً لا يعتمد على مقومات دينية أو حتى عقلية، ومن الجدير بالذكر أن جهود الدولة لتمكين المرأة بدأت منذ الستينات وتركزت في قضية تعليم النساء؛ بدأها الملك فيصل رحمه الله حيث تم في عهده افتتاح مدارس حكومية لتعليم الفتيات، وظل بعدها قطاع العمل مغلقاً أمامهن بفضل جهود المتشددين الذين فرضوا قيوداً على عمل النساء وتوظيفهن إلا في بعض التخصصات المحدودة كالطب والتعليم، وظل مجال تمكينهن مغلقاً ويتقدم ببطء وبدون جدوى ملموسة تقريباً.
أما الإنجاز الحقيقي فقد تمثل في الطفرات التي كللت الجهود السابقة، وقد بدأت هذه المرة من خلال ترسيخ مفهوم مشاركة المرأة في الرؤية التي تبناها الأمير الشاب محمد بن سلمان، وقد انفتح على إثرها باب العمل أمام النساء للتوظيف في الكثير من القطاعات، وبدأت المرأة تتقلد المناصب المرموقة مؤكدة على ذلك المفهوم، ومرسخة مبدأ مفاده أن عمل المرأة في هذه القطاعات هو القاعدة وليس الاستثناء، فالطبيعى أن تعمل المرأة لأنها نصف المجتمع، والذي يحتاج بدوره لجهودها وإسهاماتها وإنجازاتها، ومن الطبيعي ألا يتقدم مجتمع يعمل بنصف طاقته فحسب، ويوظف نصف مؤهلاته فقط، ولا يعتمد إلا على نصف موارده البشرية ونصف كفاءاته.
ولعله من الأمور المثيرة للسخرية، أنه في خضم الجهود الشاقة والجذرية والمستمرة لتمكين المرأة السعودية والنهوض بها، نجد عدداً من المنابر المشبوهة والحملات المسعورة التي تتهم المملكة بمعاداة المرأة أو هضم حقوقها! في تغاضٍ مستفز -ومثير للريبة- لنجاح الجهود التي لم تتوقف طيلة السنوات الأربع الأخيرة الماضية، وتكللت بالكثير من الإنجازات الفعلية، غير أنه في واقع الأمر، واستقراءً لكافة الوقائع، لا تجد هذه الحملات صدى شعبياً قوياً أو دعماً حقيقياً، لأن ما تم تحقيقه وإنجازه يصعب تجاهله بالفعل، فالإنجازات تتحدث عن نفسها ولا تحتاج لمن يروج لها، ونحن على يقين أن الدولة لا تلتفت لتلك الحملات ولا تعيرها الكثير من الانتباه، فهى تعمل بصمت وثقة، ويكفيها أنها تصنع الإنجازات الحقيقية وتحقق النجاحات الباهرة انطلاقاً من مسؤوليتها ودورها الذي تضطلع به بحزم وكفاءة، ولذلك فلن يفت من عضدها أبداً حقد الحاقدين ولا تآمر الناقمين.
* كاتب سعودي