-A +A
محمد بن سليمان الأحيدب
في جانب محاربة الفساد المالي حققنا نجاحا مميزا ومتميزا يدل عليه حالة الرعب الذي هز قلوب الفاسدين وشل أركانهم وهم يرون (كائنا من كان) يتم إيقافه ومساءلته وأخذ حق الوطن منه بالتسوية العادلة، فقد أحدثت هذه الخطوة الجبارة إصلاحا عظيما تلمسه في عيون المذنبين وخوف المخالفين وقلق المقاولين الفاسدين وسعادة الصالحين.

بقي علينا كخطوة هامة جدا محاربة شكل آخر من أشكال الفساد لا يقل خطورة ولا يقل تأثيرا في مسيرتنا التنموية وهو ذلك المسؤول الذي يأخذ كثيرا ولا يعطي إطلاقا ولا يحرك ساكنا في مجال عمله معتمدا على قاعدة قديمة مفادها «لا تهش ولا تنش فلا تلفت الأنظار ولا تمش» وهذا النوع من المسؤولين لا يستحق راتبه العالي ولا مميزاته وما يحصل عليه من منصبه ولا يتناسب مطلقا مع روح عصرنا الذي يشهد حراكا كبيرا إيجابيا.


أرجو أن لا يقول قائل إن ثمة قياسا لأداء الجهات ومنجزاتها وما تحقق من نجاح، فهذا الجانب لا يزال قاصرا، والتقارير السنوية للجهات يتم تلميعها وصياغتها بطريقة توهم بأن ثمة عملا، والحقيقة أن ثمة توقفا وسكونا وثباتا على إنجازات سابقة حققها من كان يعطي ولا يأخذ كثيرا، ثم إن التقرير السنوي يشتمل على فقرات تتعلق بالصعوبات التي تواجه الجهة والمقترحات لحلها، والمسؤول غير المنتج الذي أعنيه لا يرد في التقرير السنوي لجهته أي ذكر للصعوبات التي يواجهها لأنه أصلا لم يحاول أن يعمل لتواجهه صعوبات!.

هذا النوع من المديرين يحيط نفسه بمجموعة يثق بها من المقربين ويمنح لهم الصلاحيات والحصانة ويتحوصل هو في منصبه، فيزداد الركود في إدارته ويعاني الموظف المخلص من الإحباط والتجاهل ويعاني المستهدف بالخدمة من قصور الخدمات ويعاني الوطن من صرف دون إنتاج، وأعتقد أن الخطوة القادمة لـ«نزاهة» والمراقبة العامة هي مراجعة ما تحقق من تقدم في الإنجازات ومقارنته بما صرف والسؤال عن السيرة الذاتية للموظفين في المواقع المفصلية للمؤسسة ومؤهلاتهم وكيف تم وصولهم للوظيفة، كما أقترح أن تعقد الجهات الرقابية حوارات مفتوحة مع سائر الموظفين صغارهم قبل كبارهم وستخرج بمحصلة كبيرة وصيد ثمين.