-A +A
عبده خال
أيام وتهل علينا مسلسلات رمضان، وهي العادة التي أسستها القنوات العربية، فحولت الشهر إلى سباق حكائي تفشل فيه جل تلك المسلسلات، ونخرج بمسلسل أو مسلسلين من ذلك الطوفان.

ويبدو أن المسلسلات استعارت من الأفلام السينمائية الجانب السيئ في إظهار فحش القول والفعل مما جعل المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في دولة مصر (لجنة الدراما) تضع معايير حازمة وغرامات مالية ومنع عرض كل مسلسل يتعدى على الذوق العام من خلال الألفاظ الفاحشة أو الأفعال العنترية، وكان منع ظهور الشخصية العسكرية في الجانب السلبي مدعاة لأن يموج الشارع السياسي، معتبراً أن تلك المعايير تكبل الحريات مما حدا بالأستاذ مكرم محمد أحمد رئيس المجلس الأعلى للإعلام أن يذهب الى القول:


- «لسنا لجنة فاشية، كل هدفنا العودة للقيم، لسنا فاشيين ولا نكبل الحريات».

وبعيداً عن السياسة وما تنتجه من تداخلات حادة بين تكميم الأفواه وحرية الرأي فإن الواقع المعاش يؤكد التجرد من قيم أساسية ساهمت الأفلام والمسلسلات في حدوثها وجعلت من الفحش القولي والعنف الجسدي أمراً معتاداً..

ووجود المعايير على المسلسلات يختلف تماماً عن الأفلام، فالمسلسل يصل إلى كل بيت عنوة بينما في الأفلام يصل إلى من استهدف الحضور إلى صالات عرض الفيلم؛ ولهذا يكون من حق الناس عدم التعدى على حرياتهم الشخصية بعرض ما لا يحبون.. ومن البديهي تطبيق قاعدة من يرفض مشاهدة المسلسلات الخادشة أن يغلق جهاز التلفزيون أو الانتقال إلى قناة أخرى إلا أن البلاء قد عم وأقل الاحترازات أن يمنع المسلسل من الأساس..

فهل هذه المعايير مدعاة لتكميم الأفواه؟

أنا مع حرية الإنسان في جميع تصرفاته وأقواله إلا أن يتعدى على الآخرين في حرياتهم الشخصية، وهنا مسألة دقيقة للغاية، فما ينتج من أفلام أو مسلسلات هي حرية المنفذين وعرضها يتداخل مع حرية جميع أفراد المجتمع، والحل الأمثل ترك الناس في الإقبال أو الإدبار عما يستحسنون أو يرفضون.

وهذا الحل -الذي أرى أنه الأمثل- يتعارض مع مؤسسات ترى أنها المعنية باستقامة المثل والقيم لمجتمعاتها، وتكون وصية الحصين هي إحدى المفردات المخاتلة، إذ يمكن سحبها من الجانب الإيجابي كما يمكن تثبيتها في جانبها السلبي.

* كاتب سعودي

Abdookhal2@yahoo.com