احتفل مشاهير العالم بيوم الموضة العالمي «ميت غالا» الذي يقام منذ سبعين عاما في يوم الإثنين الأول من شهر آيار/ مايو، وهو حفل خيري ينظمه معهد الأزياء التابع لمتحف ميتروبوليتان للفنون في نيوورك، حيث يذهب ريع هذا الحفل للمتحف بشكل سنوي، وفي أحد التقارير بينت أن ريع هذا الحفل يتجاوز العشرة ملايين دولار، حيث يبلغ سعر التذكرة ثلاثين ألف دولار، تقوم دور الأزياء العالمية عادة بشرائها وتقديمها للمشاهير للحضور وتمثيل الدور من خلال أزيائهم، بجانب سيطرة أسماء عالمية على الحفل بشكل واضح مثل دار فيرزاتشي ودولتشي اند غابانا، لا يمكن الحديث عن حفل الميت غالا دون أن نتطرق لأمرين الأول هيمنة الصحافة على المشهد الثقافي الغربي، والعقول العبقرية التي تصنع الأموال لرعاية الثقافة.
عندما أتحدث هنا عن هيمنة الصحافة فمن المهم أن نعرف أن هذا الحدث العالمي نشأ بواسطة أيقونة الموضة إيلينور لامبرت والتي ساهمت في بناء مفهوم «صناعة الأزياء» وابتكرت عددا من الجوائز العالمية في المجال وكان لها خط مختلف عن السائد في هذا المجال، ليس هذا فحسب يتشكل حفل الميت غالا في كل عام تحت شعار معين مرة عن التقنية وأخرى عن الأديان، في هذا العام تم استقاء الشعار من مقال للكاتبة سوزان سونغ بعنوان «معسكر: ملاحظات على الموضة» والذي نشر في عام ١٩٦٤! تخيل أن يختار العالم عنوان مقالة لك ليقام حولها حدث بهذه الضخامة! شعور جامح، أخيرا لا يخفى سيطرة مجلة فوغ ومديرات تحريرها عبر السنوات على أدق التفاصيل في هذا الحفل ومراجعة قائمة المدعوين، لا أحتاج أن أقول إن النسخة العربية من فوغ هشة جدا ولم تقدم أي نشاط ثقافي ملفت للنظر بعد.
نعم إن العالم الحقيقي يجعل لصوت الكتاب وأهل الرأي قيمة فنية وثقافية خالدة، تتجاوز الحدود الزمنية والفكرية، لا أعلم إن كان سيقام في المستقبل معرض ويحمل عنوان ما كتبت «منيرة ستايل» في يوم ما! ربما، لكن بالتأكيد استحضار هذا الأمر للمشهد أمر له دلالته الاجتماعية، بجانب كل هذا تأملوا الأرقام الفلكية التي تجنيها الثقافة متمثلة في متحف ميتروبوليتان للفنون! يوم واحد يغطي مصاريف المتحف لعام كامل، تخيلوا ماذا خسرنا من الملايين لسنوات بسبب غياب الثقافة كفعل ممارس ورافد اقتصادي أولي للدول.
ما زلت أدعو للاستثمار في الفنان السعودي وإقامة متاحف دائمة وممتدة، وأن تكون هناك معارض سنوية على غرار الميت غالا وبمستوى عالمي، أقولها وبكل صراحة معضلة مشاريعنا الثقافية والتنموية بالمجمل هي «الديمومة والاستمرارية»، نعم هذه هي الحقيقة نحن ما زلنا لا نشجع العمل المؤسسي وفي الثقافة بالذات مهم جدا أن لا نجامل طالما انطلقت وزارة الثقافة برؤية مبدعة وغير تقليدية، نحن هنا لدعمها وتقديم هذه المقترحات على الطاولة، الحضور الثقافي داخل وخارج المملكة مهمة عظمى وتحتاج حراكا دائما.
ببساطة، المشاريع الثقافية والفنية هي الرهان القادم ولدينا طاقات وعقول قادرة على تغيير المشهد السائد البائد، ليس من المهم أن نستنسخ ونقترض من العالم أفكارهم لنصنع نحن مشاريعنا الخاصة وننطلق!.
* كاتبة سعودية
areejaljahani@gmail.com
عندما أتحدث هنا عن هيمنة الصحافة فمن المهم أن نعرف أن هذا الحدث العالمي نشأ بواسطة أيقونة الموضة إيلينور لامبرت والتي ساهمت في بناء مفهوم «صناعة الأزياء» وابتكرت عددا من الجوائز العالمية في المجال وكان لها خط مختلف عن السائد في هذا المجال، ليس هذا فحسب يتشكل حفل الميت غالا في كل عام تحت شعار معين مرة عن التقنية وأخرى عن الأديان، في هذا العام تم استقاء الشعار من مقال للكاتبة سوزان سونغ بعنوان «معسكر: ملاحظات على الموضة» والذي نشر في عام ١٩٦٤! تخيل أن يختار العالم عنوان مقالة لك ليقام حولها حدث بهذه الضخامة! شعور جامح، أخيرا لا يخفى سيطرة مجلة فوغ ومديرات تحريرها عبر السنوات على أدق التفاصيل في هذا الحفل ومراجعة قائمة المدعوين، لا أحتاج أن أقول إن النسخة العربية من فوغ هشة جدا ولم تقدم أي نشاط ثقافي ملفت للنظر بعد.
نعم إن العالم الحقيقي يجعل لصوت الكتاب وأهل الرأي قيمة فنية وثقافية خالدة، تتجاوز الحدود الزمنية والفكرية، لا أعلم إن كان سيقام في المستقبل معرض ويحمل عنوان ما كتبت «منيرة ستايل» في يوم ما! ربما، لكن بالتأكيد استحضار هذا الأمر للمشهد أمر له دلالته الاجتماعية، بجانب كل هذا تأملوا الأرقام الفلكية التي تجنيها الثقافة متمثلة في متحف ميتروبوليتان للفنون! يوم واحد يغطي مصاريف المتحف لعام كامل، تخيلوا ماذا خسرنا من الملايين لسنوات بسبب غياب الثقافة كفعل ممارس ورافد اقتصادي أولي للدول.
ما زلت أدعو للاستثمار في الفنان السعودي وإقامة متاحف دائمة وممتدة، وأن تكون هناك معارض سنوية على غرار الميت غالا وبمستوى عالمي، أقولها وبكل صراحة معضلة مشاريعنا الثقافية والتنموية بالمجمل هي «الديمومة والاستمرارية»، نعم هذه هي الحقيقة نحن ما زلنا لا نشجع العمل المؤسسي وفي الثقافة بالذات مهم جدا أن لا نجامل طالما انطلقت وزارة الثقافة برؤية مبدعة وغير تقليدية، نحن هنا لدعمها وتقديم هذه المقترحات على الطاولة، الحضور الثقافي داخل وخارج المملكة مهمة عظمى وتحتاج حراكا دائما.
ببساطة، المشاريع الثقافية والفنية هي الرهان القادم ولدينا طاقات وعقول قادرة على تغيير المشهد السائد البائد، ليس من المهم أن نستنسخ ونقترض من العالم أفكارهم لنصنع نحن مشاريعنا الخاصة وننطلق!.
* كاتبة سعودية
areejaljahani@gmail.com