كنتُ قد شهدت حفل تدشين الخطوط السعودية فجر 6 يونيو الجاري تشغيل أولى رحلاتها المباشرة والمنتظمة إلى «مراكش» ثاني وجهاتها في المملكة المغربية بعد الدار البيضاء وبواقع 3 رحلات أسبوعياً، وكان الحفل المصغر بحضور سعادة المهندس صالح الجاسر مدير عام الخطوط السعودية الذي كرم المسافرين وودعهم وأهداهم الورد والكعك. أكثر ما أعجبني في الموضوع أن بلادي المملكة العربية السعودية ظلت، منذ تأسيسها وحتى اليوم، في منأىً عالٍ عن اللعب مع الصغار حيث تترفع عن الدخول في حوارات عبثية مع كارهيها، وكل ما تفعله هو المضي قدماً في تحقيق خططها وانبلاج رؤاها من الورق أو الأجهزة التقنية إلى الواقع إنجازاً يضيف إليها وإلى كل مؤسساتها الرسمية والأهلية أيضاً. في الفترة الماضية كانت الأقاويل والشائعات تنتشر بوجود مؤشرات لخلافات بين السعودية والمغرب، وهي ليست إلا محض أوهام كارهة من كثير من أولئك المرضى بالمملكة والذين لا يريدون بها ولا لها خيراً، حتى وهي تدعم بلدانهم في أزماتهم الاقتصادية والسياسية دون منّ أو أذى، وتفتح أبوابها لكل عمالاتهم للعمل والرزق، ولمرضاهم للعلاج، ولمسلميهم لقضاء مناسكهم في الحرمين الشريفين. المهم أن خطوة «الخطوط السعودية» بافتتاح وجهة مباشرة إلى مراكش أثبتت أن البلدين، بقيادتيهما الحكيمتين، أكبر من تخرصات أولئك الذين لا يصطادون في المياه العكرة وحسب، بل إنهم، في استمرارهم باتباع موضة الهجوم على السعودية، يعكرون الماء أولاً ثم يصطادون فيه كما يفعل الخبثاء محترفو اللؤم الشرير، غير أن الاستقبال الذي جرى لطائرة السعودية في مراكش كان احتفاءً كبيراً من قيادات المدينة وأجهزتها الرسمية وأرفع المسؤولين في المدينة الحمراء والسفير السعودي في الرباط معالي الأستاذ عبدالله الغريري ثم مهندس هذه التظاهرة المبهجة التي وصفها بعيد آخر مدير محطة «السعودية» في المغرب الأكاديمي الشاب الأنيق الدكتور محمد السمراني، وتم فرش السجادة الحمراء من سلم طائرة الخطوط السعودية «دريملاينر 787» وحتى مبنى مطار المنارة وسط الورود وتنويعات غنية من الفلكلور المغربي وابتسامات سعودية مغربية صافية كالينابيع.
أعود إلى ناقلنا الوطني الذي تأتي هذه الوجهة الجديدة له ضمن برنامج الخطوط السعودية للتحول الوطني التي بدأته مؤسستنا العملاقة عام 2015 بهدف زيادة السعة المقعدية والتوسع في التشغيل الدولي بما يخدم الجميع ويسهم في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030، بعد دراسات مستفيضة قامت بها «السعودية» لخدمة المعتمرين والحجاج ورجال الأعمال والسّياح الآخرين إضافة إلى الركاب المسافرين والمواصلين على رحلات أخرى. ولم تكن «مراكش» هي الوجهة الجديدة الوحيدة، فهي من ضمن 13 وجهة جديدة بدأت فيها خطوطنا الوطنية في السنتين الأخيرتين منها المالديف وموريشيوس وبورسودان وبغداد وأربيل وأنقرة وميونيخ وفيينا وملقا وأثينا، فضلاً عن 5 وجهات جديدة في شبه القارة الهندية ستنطلق من وإلى 7 أو 8 محطات في الهند، وهكذا زاد عدد الركاب في الرحلات الدولية لأول مرة على الرحلات الداخلية -(في المغرب مثلاً وخلال العامين الماضيين شهدت الخطوط السعودية نمواً بزيادة تقارب 19% مقارنة مع عامي 2015 و2016 في حركة المسافرين القادمين والمغادرين حيث بلغ عددهم في 2018 تحديداً 402808 ضيفاً)- خاصة بعد تحديث السعودية لأسطولها بما يصل إلى 150 طائرة أو أكثر بقليل، وهو العدد الذي زاد ووصل إلى نحو 250 طائرة بعد أن وقعت الخطوط السعودية أمس الأول اتفاقية مع شركة إيرباص لشراء 100 طائرة حديثة من فئتي neo-A320/A321.
بقي أن أؤكد هنا أن كل النقد الذي يوجه للخطوط السعودية يجب أن لا تتحمله وحدها، بل تتحمل جزءاً كبيراً منه مؤسسة الطيران المدني المسؤولة عن المطارات بكل بناها التحتية، ومع ذلك لم نر أحداً يشير إليها بخطأ أو نقد، لأن الخطوط السعودية هي دائماً في الواجهة ويطالها الكثير من النقد واللوم دون إدراك إلى أيّ حدّ تنتهي مسؤولياتها، ومع كل هذا الضعف الواضح في آليات وأعمال الطيران المدني وعدم قدرتها حتى الآن على مواكبة أو الاقتراب ولو قليلاً مما يقدمه الناقل الوطني من إنجازات مضيئة، إلا أن الخطوط السعودية، على الرغم من كل ذلك، ما تزال تصفّق أو تبرع في التصفيق بيدٍ واحدة!
alimakki2@