خطوة رائعة تلك التي اتخذتها وزارة الشؤون الإسلامية أخيراً للحد من عمليات سرقة كهرباء ومياه المساجد في المملكة، إذ قررت أن تحيل اللصوص إلى جهات الاختصاص تمهيداً لمحاكمتهم بحسب التصريح الذي نشرته «عكاظ» أمس الأول لمعالي الوزير الدكتور عبداللطيف آل الشيخ.
والحق أن تصريح الوزير الذي عُرف بصرامته وأمانته في أداء مهامه منذ كان رئيساً لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل سنوات حمل مفاجأة من العيار الثقيل لبعض الطيبين وحسني النوايا الذين ينخدعون بالمظاهر، حيث أشار إلى أن الوزارة اكتشفت عمليات سرقة لكهرباء ومياه المساجد من قبل محال تجارية ومزارع ومساكن بعضها لأئمة ومؤذنين.
مؤسف أن يعرف الناس الذين يصطفون 5 مرات في اليوم خلف إمام مسجد الحي لأداء الصلاة أنه «حرامي»، مؤسف لكنه أمر يقدم درساً مهماً لأولئك الذين يسلمون عقولهم لغيرهم ويتوسمون الخير في كل من أظهر التدين ليقتات به.
«سعيد أخو مبارك» مثل شعبي قديم وشهير في الجزيرة العربية له قصة طريفة تتناسب مع خبر الأئمة اللصوص، إذ يُقال أن «سعيد» المذكور ليس سوى لص أظهر التدين وعمل إماماً لمسجد إحدى قرى نجد قديماً مستغلاً جهل أهل تلك القرية بالدين ومتكسباً من سذاجتهم، وذات يوم بينما هو يؤم الناس في الصلاة تمكن منه الجوع فقرر أن يؤلف كلاماً يوحي بأنه آية قرآنية فقال: «يا أيها المؤمنون أطعموا مطوعكم لحم الدجاج، وزوجوه البنت المغناج، تدخلوا الجنة أفواجا أفواج»، ولكن لسوء حظ سعيد كان من ضمن المصلين زائر للقرية اسمه مبارك لديه بعض الثقافة الدينية، فتنحنح بشدة ليشعر الأمام بأنه كشف لعبته، فما كان من سعيد إلا أن أكمل التأليف قائلاً: «يا أيها المتنحنحون، الشرط أربعون، لكم عشرون ولنا عشرون»، فعرف مبارك أن سعيد سيقتسم معه ما يغنمه من أولئك الجهلة مقابل ألا يفضحه، وسكت عنه لتتحول حكايتهما إلى مثل يردده الناس حتى يومنا هذا.
قبل نحو 6 سنوات كتبت في صحيفة الحياة مقالاً بعنوان «رجع المكيفات يا شيخ» أشرت فيه إلى قصة رواها لي أحد الأصدقاء عن جاره «المطوع» الذي تسنم وظيفة قيادية في جهة خيرية تستقبل التبرعات العينية لدعم الفقراء من أجهزة كهربائية وأثاث وملابس وما إلى ذلك، وقد ذكر لي ذلك الصديق بعد أن أقسم بالله أنه شاهد جاره «الشيخ» في ليلة ظلماء يصل إلى منزله تتبعه سيارة نقل تحمل شعار الجهة الخيرية التي يعمل فيها محملة بالمكيفات الجديدة المخصصة للتبرعات، ثم قام باستبدلها خلال ساعتين بجميع مكيفات بيته المستهلكة، وعندما تنبه إلى وجود هذا الصديق وتأكد من مشاهدته عملية تبديل المكيفات عرض عليه الاستفادة من المكيفات القديمة، إن أراد، لأنها ما زالت تعمل دون مشاكل، فضحك وتركه قائلاً: «رجِّع المكيفات يا شيخ.. فلن تبرِّد عليك حر جهنم». الطريف في الأمر أن الصحيفة تلقت بعد نشرها ذلك المقال اتصالاً من شخص لا أعرفه يزعم أنه يعمل في جهة خيرية بإحدى المحافظات، ويؤكد أنه هو المقصود بقصة المكيفات وأنها قصة مفتراة عليه، وعندما طلبت منه الصحيفة الرد كتابياً على المقال أغلق هاتفه ولم يتصل مرة أخرى، وهو ما جعل السيد رئيس التحرير يعلق ضاحكاً: «كاد المريب أن يقول خذوني».
* كاتب سعودي
Hani_DH@
gm@mem-sa.com
والحق أن تصريح الوزير الذي عُرف بصرامته وأمانته في أداء مهامه منذ كان رئيساً لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل سنوات حمل مفاجأة من العيار الثقيل لبعض الطيبين وحسني النوايا الذين ينخدعون بالمظاهر، حيث أشار إلى أن الوزارة اكتشفت عمليات سرقة لكهرباء ومياه المساجد من قبل محال تجارية ومزارع ومساكن بعضها لأئمة ومؤذنين.
مؤسف أن يعرف الناس الذين يصطفون 5 مرات في اليوم خلف إمام مسجد الحي لأداء الصلاة أنه «حرامي»، مؤسف لكنه أمر يقدم درساً مهماً لأولئك الذين يسلمون عقولهم لغيرهم ويتوسمون الخير في كل من أظهر التدين ليقتات به.
«سعيد أخو مبارك» مثل شعبي قديم وشهير في الجزيرة العربية له قصة طريفة تتناسب مع خبر الأئمة اللصوص، إذ يُقال أن «سعيد» المذكور ليس سوى لص أظهر التدين وعمل إماماً لمسجد إحدى قرى نجد قديماً مستغلاً جهل أهل تلك القرية بالدين ومتكسباً من سذاجتهم، وذات يوم بينما هو يؤم الناس في الصلاة تمكن منه الجوع فقرر أن يؤلف كلاماً يوحي بأنه آية قرآنية فقال: «يا أيها المؤمنون أطعموا مطوعكم لحم الدجاج، وزوجوه البنت المغناج، تدخلوا الجنة أفواجا أفواج»، ولكن لسوء حظ سعيد كان من ضمن المصلين زائر للقرية اسمه مبارك لديه بعض الثقافة الدينية، فتنحنح بشدة ليشعر الأمام بأنه كشف لعبته، فما كان من سعيد إلا أن أكمل التأليف قائلاً: «يا أيها المتنحنحون، الشرط أربعون، لكم عشرون ولنا عشرون»، فعرف مبارك أن سعيد سيقتسم معه ما يغنمه من أولئك الجهلة مقابل ألا يفضحه، وسكت عنه لتتحول حكايتهما إلى مثل يردده الناس حتى يومنا هذا.
قبل نحو 6 سنوات كتبت في صحيفة الحياة مقالاً بعنوان «رجع المكيفات يا شيخ» أشرت فيه إلى قصة رواها لي أحد الأصدقاء عن جاره «المطوع» الذي تسنم وظيفة قيادية في جهة خيرية تستقبل التبرعات العينية لدعم الفقراء من أجهزة كهربائية وأثاث وملابس وما إلى ذلك، وقد ذكر لي ذلك الصديق بعد أن أقسم بالله أنه شاهد جاره «الشيخ» في ليلة ظلماء يصل إلى منزله تتبعه سيارة نقل تحمل شعار الجهة الخيرية التي يعمل فيها محملة بالمكيفات الجديدة المخصصة للتبرعات، ثم قام باستبدلها خلال ساعتين بجميع مكيفات بيته المستهلكة، وعندما تنبه إلى وجود هذا الصديق وتأكد من مشاهدته عملية تبديل المكيفات عرض عليه الاستفادة من المكيفات القديمة، إن أراد، لأنها ما زالت تعمل دون مشاكل، فضحك وتركه قائلاً: «رجِّع المكيفات يا شيخ.. فلن تبرِّد عليك حر جهنم». الطريف في الأمر أن الصحيفة تلقت بعد نشرها ذلك المقال اتصالاً من شخص لا أعرفه يزعم أنه يعمل في جهة خيرية بإحدى المحافظات، ويؤكد أنه هو المقصود بقصة المكيفات وأنها قصة مفتراة عليه، وعندما طلبت منه الصحيفة الرد كتابياً على المقال أغلق هاتفه ولم يتصل مرة أخرى، وهو ما جعل السيد رئيس التحرير يعلق ضاحكاً: «كاد المريب أن يقول خذوني».
* كاتب سعودي
Hani_DH@
gm@mem-sa.com