-A +A
علي بن محمد الرباعي
فقدت (درويشة) بنفسها وبحالها وحلالها وعيالها ما فاضت من ثمها، وحوطت على نفسها في ظلة المسيد بعد عصر الجمعة بدائرة وجلست وسطها، وقالت للجماعة الخارجين من الصلاة «يلوي لساني عن الشهادة إن كان قلتها يا لُقاة الخير».

قال الفقيه: يا بنت الحلال، أنحن ما حضرنا بينك وبين (جرادة). ما كان معكنّه إلا (جمعة الصنقاء)، وكما ما تلحوستي بالتربان تلحوست قبلك عصر أمس قدام الله وخلقه وأقسمت أنك قلت (ملّاطة).


تناولت حزامها الفضة ضحى اليوم التالي ونادت على العريفة بأعلى صوت «انصفني يا منصف الضعيف من القوي»، قال: هات علمك يا لغلوغة. فروت له ما جاء وما جرى، وقالت: يا كبيرنا سرحنا نحتطب من الشرق أنا وجرادة وجمعة الصنقاء، وشفت لي جذنة قرض وما أمداني أحط إيدي إلا وهي حامشة حمشة الشرّ. تلّتني لا وني مزقنبي على جنبي في الساقية. حذفتها بحجر ما وقع فيها وسبيتها وقلت: يا مطّاطة، وأنت أعرف مني بها ما غير تمط الكلام. إلا وغير فهذا حزامي الفضة معدال إن كان رفيقتي أوجعتها الكلمة وكانت عند أهل الشامية معيبة وعار.

استدعى العريفة جمعة الصنقاء وجرادة. وقال لزوجته وزوجة الفقيه: الطحن بين نسوان وما يحل مشكلة الحرائر إلا الحرائر وفيكُن باب السداد، وأنا باطلع أتقهوى مع الربع في المسطح وأنتن سُدّين في العلم.

تغفّلت جرادة درويشة والتقطت كعمورة ملهلبة، وطشتها جنب صفحها، فصاح الصائح. عوّد العريفة متحزم ثوبه في وسطه وعندما شاف زغد درويشة مقرمش من النار لمح في جرادة وقال: اعقبي يا المجمهر سود الله وجهك.

انقلبت القرية عاليها سافلها وتحرك المناديب واستدعو المطهّر من قرية مجاورة ليعالج وجه المرة المحروقة، وجمعة الصنقاء من بيت في بيت تولول، فأجلستها زوجة الفقيه وكرّبتها بحنجرتها وأمرتها ما عاد تقول كلمة، علّقت زوجة العريفة: حرام عليك. فردّت: حُرم عليها جلدها «جمعة النطّاطة، تطّرّد القوّاطة، م الجوف إلى بطاطا».

حكم العريفة بتحميل جرادة خاتمة قلادة ظفار. ومحابس فضة. وشاة تذبحها عشاء للقرية. احتجت قائلة: يا عريفتنا تعايرني «القومانية» واختّم لها. فقال: أولا والله لاقدت فيك لانك مطّاطة هروج. وثانياً ما أحد يأخذ حقه بيده في قريتنا. كان الحق لك، فانقلب عليك. علمي وسلامتكم.