-A +A
إبراهيم إسماعيل كتبي
الحقوق التاريخية وفوق العادة التي أنجزتها القيادة للمرأة السعودية، حققت الفضاء الأرحب للمساواة الطبيعية في المواطنة حقوقا وواجبات وفرصا واسعة للعمل، وستغير الكثير إلى الأفضل بتفعيل قدرات نصف المجتمع لصالح كل المجتمع وحاضر ومستقبل الوطن، لتنهي بذلك كوابح وعقبات في العمل والسفر وإجراء معاملاتها ومصالحها إلا بولاية الرجل بما في ذلك ابنها الذي أنجبته وربته، وتلك كانت مفارقة.

كل هذا تغير وما أعظمه من تغيير بأنظمة جديدة وتعديلات متتالية غاية في الأهمية، صادفت رغبة واسعة ولاقت ترحيبا وتقديرا مجتمعيا هائلا، وثقة واعتزازا بكل أهداف وثمار رؤية 2030 الطموحة في استشراف حاضر ومستقبل الوطن وترسيخ روح المواطنة واستحقاقاتها.. والجميل حقا أن المواطنين ليسوا أقل استبشارا وتفاعلا من شقائقهم، وقد استقبلوا هذه المكتسبات لهن بكل التأييد والامتنان للقيادة وفكر الدولة المتجددة، منذ قيادة السيارة وتتويجها بأنظمة وثائق السفر والأحوال المدنية، التي سيكون لها عظيم الأثر في حياة المرأة والأسرة ودورها وتأصيل حقوقها الخاصة والعامة وواجباتها التي كفلتها الأنظمة.


وبقدر ما كانت نظرة الخارج للمرأة السعودية على أنها قليلة الفرص من الحقوق ومغرضون تاجروا بذلك تشويشا وتشويها، ها هو العالم يتفاعل بكل التقدير لهذه القرارات الجريئة والتشريعات التي جاءت أكثر تقدما عما هو معمول به في دول عديدة.

الترحيب بهذه الخطوات ليس باختزالها في استخراج جواز سفر أو ما يخصها كاملا في الأحوال المدنية وما يرتبط بذلك من تفاصيل حددتها الأنظمة، لكن بقيمة وعمق الأثر لهذه الحقوق في المجتمع بتوفير الحياة الطبيعية السوية للمرأة زوجة وابنة وأما، طالبة أو موظفة وأيا كان موقعها، بعد أن وجدت أمامها أبوابا مغلقة مفتاحها مرهون بالولاية في إجراءات حياتية واقتصادية كثيرة تخصها، وفي هذا الكثير من وقائع وقضايا فردية شاهدة على ما كان يحدث من معاناة لبعض النساء جراء ولاية الرجل من ظلم ومكايدة وتعطيل مصالح وتهميش وحظوظ عاثرة مع تجارب مريرة أزاحتها الحقوق الجديدة.

المعنى والأثر عظيم لكل حق بات متاحا للمرأة أسوة بالرجل تحت مظلة المواطنة، لتستقيم بها حياتها، وتتجذر في ثقافة الأجيال بأن المرأة وهي على هذا القدر من العلم والكفاءة والإرادة تستحق دورها الطبيعي في الحياة، ودائما يظل لمجتمعنا القيم الأصيلة التي تؤكد عليها التشريعات والأنظمة وتكفل معها الحقوق والواجبات للجميع، فالقوانين التي سمحت للمرأة بقيادة السيارة بأخلاق وتعليمات المرور، هي نفسها التي تطبق على قائد السيارة، لكن بيننا من قاوم هذه الخطوة التاريخية وما قبلها قديما وما بعدها حاليا ولا يروق لهم ما يتحقق لها من مكتسبات للعمل ودورها في خدمة الوطن والمشاركة في بناء مستقبله، وثبت دائما أن مشكلة الرافضين للتغيير أو المتوجسين منه على أقل تقدير، تكمن في جمود الفكر وتسطح الفهم لحتمية التغيير وضيق منظورهم لحقوق ودور المرأة كمواطنة وإنسانة سواء بسواء وفق الأنظمة، وأثبت التاريخ وبالتجارب في كل الدنيا أن التغيير سنّة الله في أرضه وخلقه، وتطور الحياة مستمر، ولولاه ما عاشه الرافضون أنفسهم.

التفاصيل كثيرة لثمار هذه الخطوات التاريخية لحاضر ومستقبل المرأة السعودية على الصعيد الشخصي والأسري والحياة العامة، بامتلاكها حقها وخياراتها دون معاناة أو ارتهان لولاية غير مبررة، مثلما هو إحساس رائع ومريح للرجل الإيجابي الذي يطمئن بأن الحياة تكون طبيعية أكثر للجميع بهذه الحقوق المتقدمة.

* كاتب سعودي