لست في موقع من يستطيع أن يصنف موضوعيا وعلميا الأجهزة الحكومية الخدمية والعامة حسب مستوى خدماتها المقدمة للجمهور، لكن المستوى الممتاز وغير المألوف والذي أظهرته كثير من الأجهزة الحكومية الخدمية والعامة في السنوات الأخيرة من حيث حجم الخدمات ونوعية تلك الخدمات وسرعة وتوقيت تقديم الخدمات للمستهدفين بتلك الخدمات، جعل الكثير من الأجهزة الحكومية الخدمية والعامة في المقابل مكشوفا للجمهور وللرأي العام بسوء خدماته وتدني مستوياتها، وتباطئه.
البريد السعودي أحد أكثر المؤسسات الحكومية فشلا في مستوى الخدمات، ولا ينقصني سوى الأرقام والإحصاءات لكي أقول إنه أفشل الأجهزة الحكومية على الإطلاق، منذ «صفقة صناديق العصافير» وإلى الآن.
على ما يبدو أن فيروسا إداريا ماليا فاسدا من تلك الإدارة السابقة ظل ينخر إدارة البريد السعودي رغم رحيل تلك الإدارة، وما صاحبها من عاصفة لأسئلة حول دوافع تلك الإدارة من تغيير أحدث رياحا غير مصحوبة بمطر وما تسببت به تلك الزوابع من اقتلاع المتبقي من خدمات البريد القليلة آنذاك. أقول فيروسا إداريا ماليا فاسدا، لأن هناك تلازما بين زيادة مداخيل البريد وسوء خدماته، ولو كانت واحدة من الاثنتين، لقلت إنها إما مشكلة إدارية أو مشكلة مالية وليست الاثنتين معا وبالتالي ليست متلازمة فساد.
فرغم زيادة رسوم الاشتراك البريدية، ورغم رسوم خدمة البريد، ورغم ما يتمتع به البريد السعودي من دعم حكومي غير محدود، ورغم أكبر موجة توظيف الشباب الكبيرة في البريد، ورغم السماح للبريد السعودي بتخصيص ثلاث شركات آنذاك منذ سنوات، لا تزال حالة البريد تتردى من سيئ لأسوأ. ولا يزال مستوى خدمات البريد خارج رادار الرؤية.
لقد وقّع البريد السعودي عشرات الاتفاقات مع أجهزة ومؤسسات حكومية كبيرة ومتوسطة وصغيرة، ناهيك عما وقّعه البريد السعودي من اتفاقات مع القطاع الخاص. ولا يزال البريد السعودي مستمرا يعلن في كل موسم عن خدمة من الخدمات، كان آخرها ما أعلن عنه في موسم حج هذا العام على ما أظن. فليسمح لي البريد السعودي أن أطرح عليه بعض الأسئلة:
ما الذي يستفيده المواطن والمقيم أو المؤسسة أي مؤسسة من البريد السعودي في ظل عجز هذا البريد وعدم قدرته على الوفاء بالتزاماته أمام المستفيدين منه وعدم قدرته على الحفاظ على مستوى الخدمات المقدمة ناهيك عن تدهور تلك الخدمات التي يقدمها من يوم لآخر؟ مقابل لماذا يفرض البريد السعودي رسوم اشتراكات الصناديق الباهظة (500) ريال وهو الذي تقتصر خدماته إما على التوصيل «المتأخر» غالبا إلى البيت أو الاحتفاظ بالطرود في البريد المركزي حتى يأتي صاحبها أو حتى تتلف تلك الطرود أو تتعفن؟ هل يرى البريد السعودي شركات البريد الخاصة منافسا أم يراها خارج رادار اهتمامه وعمله؟ لماذا يستمر البريد السعودي بتوقيع الاتفاقات المشتركة مع الأجهزة الحكومية وغير الحكومية، طالما أنه عاجز تماما عن الحفاظ على مستوى خدماته الحالية؟ ما هو مستقبل البريد السعودي، في ظل تنامي التجارة الإلكترونية التي غالبا ما تقوم على شركات بريدية خدماتها أفضل من البريد السعودي؟ وهل هناك من علاقة ناتجة عن مسئولية البريد السعودي عما يدور الحديث عنه من تدنٍ متنامٍ لمستوى خدمات العاملين في الشركات البريدية الخاصة، بشكل جعل خدمات تلك الشركات المعروفة والمرموقة في بلدانها تقدم خدمات متدنية داخل المملكة، بتأثير من مستوى خدمات البريد السعودي؟
جميع الأسئلة السابقة أتقدم بها إلى إدارة المركز الوطني لتقييم الأداء، وأضيف اقتراحا للمركز وهو أن يتضمن التقرير ربع السنوي الذي يصدره المركز بيانا بالأجهزة الحكومية العشرة من حيث سوء مستوى أداء الخدمات متدرجاً حسب معايير المركز ولتعرف تلك الأجهزة موقعها الحقيقي في الأداء، فتعمل على تصحيح وضعها وليتم استجواب المسؤولين عنها فيما لو تكرر بقاء تلك الأجهزة والمؤسسات في ذيل البيان ربع السنوي.
* كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org
البريد السعودي أحد أكثر المؤسسات الحكومية فشلا في مستوى الخدمات، ولا ينقصني سوى الأرقام والإحصاءات لكي أقول إنه أفشل الأجهزة الحكومية على الإطلاق، منذ «صفقة صناديق العصافير» وإلى الآن.
على ما يبدو أن فيروسا إداريا ماليا فاسدا من تلك الإدارة السابقة ظل ينخر إدارة البريد السعودي رغم رحيل تلك الإدارة، وما صاحبها من عاصفة لأسئلة حول دوافع تلك الإدارة من تغيير أحدث رياحا غير مصحوبة بمطر وما تسببت به تلك الزوابع من اقتلاع المتبقي من خدمات البريد القليلة آنذاك. أقول فيروسا إداريا ماليا فاسدا، لأن هناك تلازما بين زيادة مداخيل البريد وسوء خدماته، ولو كانت واحدة من الاثنتين، لقلت إنها إما مشكلة إدارية أو مشكلة مالية وليست الاثنتين معا وبالتالي ليست متلازمة فساد.
فرغم زيادة رسوم الاشتراك البريدية، ورغم رسوم خدمة البريد، ورغم ما يتمتع به البريد السعودي من دعم حكومي غير محدود، ورغم أكبر موجة توظيف الشباب الكبيرة في البريد، ورغم السماح للبريد السعودي بتخصيص ثلاث شركات آنذاك منذ سنوات، لا تزال حالة البريد تتردى من سيئ لأسوأ. ولا يزال مستوى خدمات البريد خارج رادار الرؤية.
لقد وقّع البريد السعودي عشرات الاتفاقات مع أجهزة ومؤسسات حكومية كبيرة ومتوسطة وصغيرة، ناهيك عما وقّعه البريد السعودي من اتفاقات مع القطاع الخاص. ولا يزال البريد السعودي مستمرا يعلن في كل موسم عن خدمة من الخدمات، كان آخرها ما أعلن عنه في موسم حج هذا العام على ما أظن. فليسمح لي البريد السعودي أن أطرح عليه بعض الأسئلة:
ما الذي يستفيده المواطن والمقيم أو المؤسسة أي مؤسسة من البريد السعودي في ظل عجز هذا البريد وعدم قدرته على الوفاء بالتزاماته أمام المستفيدين منه وعدم قدرته على الحفاظ على مستوى الخدمات المقدمة ناهيك عن تدهور تلك الخدمات التي يقدمها من يوم لآخر؟ مقابل لماذا يفرض البريد السعودي رسوم اشتراكات الصناديق الباهظة (500) ريال وهو الذي تقتصر خدماته إما على التوصيل «المتأخر» غالبا إلى البيت أو الاحتفاظ بالطرود في البريد المركزي حتى يأتي صاحبها أو حتى تتلف تلك الطرود أو تتعفن؟ هل يرى البريد السعودي شركات البريد الخاصة منافسا أم يراها خارج رادار اهتمامه وعمله؟ لماذا يستمر البريد السعودي بتوقيع الاتفاقات المشتركة مع الأجهزة الحكومية وغير الحكومية، طالما أنه عاجز تماما عن الحفاظ على مستوى خدماته الحالية؟ ما هو مستقبل البريد السعودي، في ظل تنامي التجارة الإلكترونية التي غالبا ما تقوم على شركات بريدية خدماتها أفضل من البريد السعودي؟ وهل هناك من علاقة ناتجة عن مسئولية البريد السعودي عما يدور الحديث عنه من تدنٍ متنامٍ لمستوى خدمات العاملين في الشركات البريدية الخاصة، بشكل جعل خدمات تلك الشركات المعروفة والمرموقة في بلدانها تقدم خدمات متدنية داخل المملكة، بتأثير من مستوى خدمات البريد السعودي؟
جميع الأسئلة السابقة أتقدم بها إلى إدارة المركز الوطني لتقييم الأداء، وأضيف اقتراحا للمركز وهو أن يتضمن التقرير ربع السنوي الذي يصدره المركز بيانا بالأجهزة الحكومية العشرة من حيث سوء مستوى أداء الخدمات متدرجاً حسب معايير المركز ولتعرف تلك الأجهزة موقعها الحقيقي في الأداء، فتعمل على تصحيح وضعها وليتم استجواب المسؤولين عنها فيما لو تكرر بقاء تلك الأجهزة والمؤسسات في ذيل البيان ربع السنوي.
* كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org