في الوقت الذي كان المتحدث الرسمي باسم مجلس الدفاع اللبناني- وهو أعلى سلطة عسكرية في البلاد- يقف أمام «التلفزة اللبنانية» إثر انفضاض الاجتماع العاجل الذي دعا إليه رئيس الجمهورية لمواجهة تداعيات الضربة الإسرائيلية على مكتب حزب الله في بيروت، ولإظهار التضامن والانتصار لحزب الله، كانت الطائرات الإسرائيلية تدك معاقل الحزب «الخائب» في سورية وأعوانه في العراق.
الاجتماع الأول من نوعه لم يكن ردعاً لتل أبيب ولا تحضيرا لأعمال عسكرية كبرى سيخوضها الجيش اللبناني كما يظن البعض -وبعض الظن إثم-، فلا الجيش اللبناني قادر على خوض هذه المعارك نيابة عن الحزب، ولا الحزب لديه النية أن يقاتل إسرائيل، بل إن الإستراتيجية الإيرانية وتابعها الحزب تحولت من عمل اشتباكات محدودة مع إسرائيل من أجل تحقيق مكاسب سياسية، إلى بناء الثقة مع إسرائيل والمجتمع الغربي حفاظاً على الاتفاق النووي.
لقد كان تحركاً سياسياً باهتاً لإنقاذ ماء وجه حسن نصرالله - على افتراض أن لديه كرامة - بعدما خرج بشكل مثير للشفقة أمام محازبيه، وهو الذي يحرص دائماً على الانطباعات التي يخلفها وراءه، وصورته الذهنية في وجدان أتباعه، لأنها المعادلة الوحيدة التي يسيطر بها عليهم، ومدغدغاً مشاعرهم بمزايدات كلامية لا تسمن ولا تغني من جوع.
حكومة ميشيل عون حاولت حشد الشارع اللبناني خلف الحزب بعد «فضيحة» نصرالله، وإعطاءه الغطاء السياسي، وإعفاءه من الرد العسكري الذي وعد به أنصاره، وهو غير قادر على فعله.
حسن نصرالله الذي هدد عبر ميكرفون تلفزيونه الصدئ يريد أن يقول لجماهيره التي تنتظر منه رد فعل عسكري «إنني ملتزم بما يقرره مجلس الدفاع اللبناني»، والمجلس لم يعلن عملاً عسكرياً، وبالتالي يخرج نصرالله من مأزق تهديداته -الفارغة- أمام جماهيره.
الأمر الثالث الذي لا يقل أهمية هو أن «جواد ظريف» وزير الخارجية الإيراني يزور باريس هذه الأيام بالتزامن مع «قمة السبع»، وما تسرب عن إجرائه محادثات سرية أو شبه سرية مع دبلوماسيين من الدول الغربية المشاركة في القمة والمجتمعين في ضيافة الرئيس الفرنسي ماكرون، ونصرالله هنا لا يريد تخريب تلك المحادثات ولا فرض غضب غربي عليها.
نصرالله الذي خرج قبل ليلتين داعياً إسرائيل أن «تنضب» كما قال، وهي باللهجة اللبنانية تعني يتأدبوا ويعقلوا قبل أن يأتيهم رد قاسٍ، قالها وهو يعتقد أنه يخاطب أحد أزلامه من مهربي المخدرات والزعران ومن يختطفون النساء وأهاليهن ويهددون بقتلهم إذا لم «ينضبوا»، ومع ذلك لم «تنضب» إسرائيل وها هي مستمرة في ضرب كل المراكز الحيوية للحزب.
لا أحد غاضب من ذلك الخروج السيئ لحسن نصرالله، وكيف فقد لياقته «الكاذبة» التي لطالما نفعته أمام الغوغاء والمستلبين في الشارع العربي، لكنها لعنة الميكرفون التي أتلفت صدام حسين وياسر عرفات وأسامة بن لادن والقذافي، وهو الآن في الطريق إلى الخروج من المشهد السياسي ملفحاً بالهزائم والخسارات التي لا يمكن تلافيها.
* كاتب سعودي
massaaed@
m.assaaed@gmail.com
الاجتماع الأول من نوعه لم يكن ردعاً لتل أبيب ولا تحضيرا لأعمال عسكرية كبرى سيخوضها الجيش اللبناني كما يظن البعض -وبعض الظن إثم-، فلا الجيش اللبناني قادر على خوض هذه المعارك نيابة عن الحزب، ولا الحزب لديه النية أن يقاتل إسرائيل، بل إن الإستراتيجية الإيرانية وتابعها الحزب تحولت من عمل اشتباكات محدودة مع إسرائيل من أجل تحقيق مكاسب سياسية، إلى بناء الثقة مع إسرائيل والمجتمع الغربي حفاظاً على الاتفاق النووي.
لقد كان تحركاً سياسياً باهتاً لإنقاذ ماء وجه حسن نصرالله - على افتراض أن لديه كرامة - بعدما خرج بشكل مثير للشفقة أمام محازبيه، وهو الذي يحرص دائماً على الانطباعات التي يخلفها وراءه، وصورته الذهنية في وجدان أتباعه، لأنها المعادلة الوحيدة التي يسيطر بها عليهم، ومدغدغاً مشاعرهم بمزايدات كلامية لا تسمن ولا تغني من جوع.
حكومة ميشيل عون حاولت حشد الشارع اللبناني خلف الحزب بعد «فضيحة» نصرالله، وإعطاءه الغطاء السياسي، وإعفاءه من الرد العسكري الذي وعد به أنصاره، وهو غير قادر على فعله.
حسن نصرالله الذي هدد عبر ميكرفون تلفزيونه الصدئ يريد أن يقول لجماهيره التي تنتظر منه رد فعل عسكري «إنني ملتزم بما يقرره مجلس الدفاع اللبناني»، والمجلس لم يعلن عملاً عسكرياً، وبالتالي يخرج نصرالله من مأزق تهديداته -الفارغة- أمام جماهيره.
الأمر الثالث الذي لا يقل أهمية هو أن «جواد ظريف» وزير الخارجية الإيراني يزور باريس هذه الأيام بالتزامن مع «قمة السبع»، وما تسرب عن إجرائه محادثات سرية أو شبه سرية مع دبلوماسيين من الدول الغربية المشاركة في القمة والمجتمعين في ضيافة الرئيس الفرنسي ماكرون، ونصرالله هنا لا يريد تخريب تلك المحادثات ولا فرض غضب غربي عليها.
نصرالله الذي خرج قبل ليلتين داعياً إسرائيل أن «تنضب» كما قال، وهي باللهجة اللبنانية تعني يتأدبوا ويعقلوا قبل أن يأتيهم رد قاسٍ، قالها وهو يعتقد أنه يخاطب أحد أزلامه من مهربي المخدرات والزعران ومن يختطفون النساء وأهاليهن ويهددون بقتلهم إذا لم «ينضبوا»، ومع ذلك لم «تنضب» إسرائيل وها هي مستمرة في ضرب كل المراكز الحيوية للحزب.
لا أحد غاضب من ذلك الخروج السيئ لحسن نصرالله، وكيف فقد لياقته «الكاذبة» التي لطالما نفعته أمام الغوغاء والمستلبين في الشارع العربي، لكنها لعنة الميكرفون التي أتلفت صدام حسين وياسر عرفات وأسامة بن لادن والقذافي، وهو الآن في الطريق إلى الخروج من المشهد السياسي ملفحاً بالهزائم والخسارات التي لا يمكن تلافيها.
* كاتب سعودي
massaaed@
m.assaaed@gmail.com