على اختلاف مذاهب علماء الاجتماع في تحديد معايير تطور الأمم والمجتمعات، إلا أن الثبات الذي لا جدال حوله أن أكثر الأمم والمجتمعات استقرارًا تلك التي استطاعت أن تخلق حالة توازن بين موروثها الحضاري، ومواكبة الحياة في توثبها المستمر، وصيرورتها الحتمية.. وذلك امتحان تسقط فيه العديد من المجتمعات، حين تجعل من التطور بكل ما يحمله من جديد وطارئ، خصمًا لدودًا لموروثاتها، ومهددًا شديد الخطورة على حضارتها وقيمها، وقد برع الأديب السوداني الطيب صالح في رسم هذا الهاجس إبداعيًا في قصته «دومة ود حامد»..
وبالنظر إلى العالم من حولنا؛ أجد أن مجتمعنا السعودي يكاد يكون من أكثر المجتمعات التي اكتوت بنيران هذا الصراع بصورة شائكة ومعقدة إلى حد بعيد، وذلك لتداخل عناصر الصراع ما بين الموروث الحضاري، والعادات والتقاليد والدين، بصورة شكّلت جدارًا أسمنتيًا قاوم لزمن طويل كل محاولات الخروج من شرانق التقوقع والانكفاء، واستقبال الحياة بكل ما تتطلبه من تحديات ضرورية للعيش فيها بصورة مواكبة، دون أن يكون في ذلك إخلال بالقيم، أو تهديد للمبادئ، أو استهانة بعقيدة، وأمام كل محاولة ولو بسيطة كانت كل الأدوات الصدئة والحادة تخرج من مخابئ الهجوم الضاري لتناوش وتنتاش من ينشدون المواكبة، ويدعون إلى الإقبال على الحياة بروح الانفتاح والعصرنة، ولهم في ذلك قاموس من اتهامات وشتائم وتكفير وتبديع وتفسيق وإيذاء جسدي ونفسي، محفوظة في ذاكرة التاريخ، تنتظر الأجيال القادمة لتدرسها على مهل، وتقيمها على بساط الموضوعية..
ولمّا كان من المستحيل أن يظل مجتمعنا رهنًا لهذا «الاختطاف الآيديولوجي» المتكلّس والمعيب في حق وطن بحجم الشمس، أطلّ علينا عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين محمد الخير، حاملاً البشرى برؤية المملكة الطموحة 2030، رؤية فتحت الباب لشموس الغد لتعانق سماء وطننا الغالي، وتفكّ الأواصر والأغلال عن هذا الشعب الأبي، وترسم له الطريق نحو استلهام المسقبل، والبحث عن «جودة الحياة»، على مستويين؛ أولهما معنوي، والآخر عملي..
فعلى المستوى المعنوي استطاعت القيادة الحكيمة برؤيتها الباصرة أن تنسف مركز إنتاج الأفكار المثبّطة والمقعدة، والمتمثل في «فكر الصحوة»، بما خلّص الفرد السعودي من مثاقيل التهيّب، وأرزاء التخوّف من الإقبال على الحياة، والتمتّع بها دون أن يخالطها بهجة خوف من رقيب غليظ، أو زجر ناعق لئيم، كان يمسك بخناق المجتمع ردحًا من الزمن، ويقف في الطريق بينه وبين حياته الخاصة والعامة بصورة من صور الوصاية المقيتة، التي جردت المجتمع من فطرته السليمة، وجعلته حبيس رؤية أحادية لجماعة بعينها، ولهذا كان الخروج من ذلك القمقم أول بوادر الانعتاق التي هيأتها قيادتنا الرشيدة، دون أن يكون في ذلك خروج عن النص، أو تجاوز للقيم؛ بل كان عودة من حالة الاختطاف التي ابتلي بها مجتمعنا.. وتبع هذا الخروج المعنوي، فتح لمنفذ الحياة الجيدة المبشرة على المستوى العملي، حيث انطوت رؤية التحوّل الوطني على بشارات عظيمة، مكّنت المرأة من إثبات حضورها في المجتمع بشكل فاعل ومؤثر ومنتج، ورفعت عنها ما قيّد خطوها من نصوص خارج السياق، وأقعد مسيرتها نحو التطلّع لحياة كريمة، ومكنتها القيادة من ارتياد آفاق الطموح على رحابتها، مانحة إياها حق القيادة بنفسها لإنجاز فروضها الواجبة، وأعطتها حقّ التنقّل دون وصاية، في مراهنة كبيرة على عقلها الراجح، والتزامها الأخلاقي والديني المتوارث، واستجابة لنداء الحياة المعاصرة، التي ما عادت ممكنة بذات الوسائل والشروط القديمة وجعلت منها رقماً مهماً في منظومة المسيرة والبناء..
ومن مظاهر جودة الحياة التي نعيشها اليوم على إيقاع الرؤية المستشرفة، صحوة الجمال في كل منافذ الحياة، فثمة موسيقى تصدح في المهرجانات، ومسارح تفجّر طاقات الإبداع، ودور سينما يغشاها الناس سمرًا وثقافة دون حرج أو خروج عن مألوف، ومشروعات عملاقة تستهدف جعل صناع السياحة في بلادنا بما يجعل منها قبلة المصطافين، ومثابة السيّاح، تواكب ذلك حركة في الثقافة والفكر، ومهرجانات مختلفة في الإبداع، ونشاط في الأندية الرياضية، وغير ذلك كثير مما تشهده بلادنا اليوم في سياق انطلاقها نحو الآفاق الأرحب بقدر ما تسعها القدرة، ويحتملها الطموح..
إن استشرافنا لحياة أفضل في ظل قيادتنا الرشيدة حق نستقبل به أيامنا المقبلات، بكل روح العزم، وبكل طاقة الفرح، مدركين أن مواكبة العصر أمر حتمي وضروري، وحفاظنا على الموروثات مما لا جدال فيه، ولا نجد في التوفيق بينهما أي نوع من الانفصام النكد كما كان يصوره لنا خيال «الصحوة المريض»، فتلك حقبة قد انطوت بلا رجعة إن شاء الله، وإنما نحن أبناء اليوم معايشة واعية، وصنّاع الغد توثبًا وانطلاقا. نعيش في جو بديع ووديع وآمن ومستقر وكأنه همس نبض رقيق لقلب اللحظة التي نعيشها. وتحية إجلال وإكبار لأميرنا الطموح الذي قاد الوطن إلى بر الأمان ومكامن الجمال.
* كاتب سعودي
وبالنظر إلى العالم من حولنا؛ أجد أن مجتمعنا السعودي يكاد يكون من أكثر المجتمعات التي اكتوت بنيران هذا الصراع بصورة شائكة ومعقدة إلى حد بعيد، وذلك لتداخل عناصر الصراع ما بين الموروث الحضاري، والعادات والتقاليد والدين، بصورة شكّلت جدارًا أسمنتيًا قاوم لزمن طويل كل محاولات الخروج من شرانق التقوقع والانكفاء، واستقبال الحياة بكل ما تتطلبه من تحديات ضرورية للعيش فيها بصورة مواكبة، دون أن يكون في ذلك إخلال بالقيم، أو تهديد للمبادئ، أو استهانة بعقيدة، وأمام كل محاولة ولو بسيطة كانت كل الأدوات الصدئة والحادة تخرج من مخابئ الهجوم الضاري لتناوش وتنتاش من ينشدون المواكبة، ويدعون إلى الإقبال على الحياة بروح الانفتاح والعصرنة، ولهم في ذلك قاموس من اتهامات وشتائم وتكفير وتبديع وتفسيق وإيذاء جسدي ونفسي، محفوظة في ذاكرة التاريخ، تنتظر الأجيال القادمة لتدرسها على مهل، وتقيمها على بساط الموضوعية..
ولمّا كان من المستحيل أن يظل مجتمعنا رهنًا لهذا «الاختطاف الآيديولوجي» المتكلّس والمعيب في حق وطن بحجم الشمس، أطلّ علينا عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين محمد الخير، حاملاً البشرى برؤية المملكة الطموحة 2030، رؤية فتحت الباب لشموس الغد لتعانق سماء وطننا الغالي، وتفكّ الأواصر والأغلال عن هذا الشعب الأبي، وترسم له الطريق نحو استلهام المسقبل، والبحث عن «جودة الحياة»، على مستويين؛ أولهما معنوي، والآخر عملي..
فعلى المستوى المعنوي استطاعت القيادة الحكيمة برؤيتها الباصرة أن تنسف مركز إنتاج الأفكار المثبّطة والمقعدة، والمتمثل في «فكر الصحوة»، بما خلّص الفرد السعودي من مثاقيل التهيّب، وأرزاء التخوّف من الإقبال على الحياة، والتمتّع بها دون أن يخالطها بهجة خوف من رقيب غليظ، أو زجر ناعق لئيم، كان يمسك بخناق المجتمع ردحًا من الزمن، ويقف في الطريق بينه وبين حياته الخاصة والعامة بصورة من صور الوصاية المقيتة، التي جردت المجتمع من فطرته السليمة، وجعلته حبيس رؤية أحادية لجماعة بعينها، ولهذا كان الخروج من ذلك القمقم أول بوادر الانعتاق التي هيأتها قيادتنا الرشيدة، دون أن يكون في ذلك خروج عن النص، أو تجاوز للقيم؛ بل كان عودة من حالة الاختطاف التي ابتلي بها مجتمعنا.. وتبع هذا الخروج المعنوي، فتح لمنفذ الحياة الجيدة المبشرة على المستوى العملي، حيث انطوت رؤية التحوّل الوطني على بشارات عظيمة، مكّنت المرأة من إثبات حضورها في المجتمع بشكل فاعل ومؤثر ومنتج، ورفعت عنها ما قيّد خطوها من نصوص خارج السياق، وأقعد مسيرتها نحو التطلّع لحياة كريمة، ومكنتها القيادة من ارتياد آفاق الطموح على رحابتها، مانحة إياها حق القيادة بنفسها لإنجاز فروضها الواجبة، وأعطتها حقّ التنقّل دون وصاية، في مراهنة كبيرة على عقلها الراجح، والتزامها الأخلاقي والديني المتوارث، واستجابة لنداء الحياة المعاصرة، التي ما عادت ممكنة بذات الوسائل والشروط القديمة وجعلت منها رقماً مهماً في منظومة المسيرة والبناء..
ومن مظاهر جودة الحياة التي نعيشها اليوم على إيقاع الرؤية المستشرفة، صحوة الجمال في كل منافذ الحياة، فثمة موسيقى تصدح في المهرجانات، ومسارح تفجّر طاقات الإبداع، ودور سينما يغشاها الناس سمرًا وثقافة دون حرج أو خروج عن مألوف، ومشروعات عملاقة تستهدف جعل صناع السياحة في بلادنا بما يجعل منها قبلة المصطافين، ومثابة السيّاح، تواكب ذلك حركة في الثقافة والفكر، ومهرجانات مختلفة في الإبداع، ونشاط في الأندية الرياضية، وغير ذلك كثير مما تشهده بلادنا اليوم في سياق انطلاقها نحو الآفاق الأرحب بقدر ما تسعها القدرة، ويحتملها الطموح..
إن استشرافنا لحياة أفضل في ظل قيادتنا الرشيدة حق نستقبل به أيامنا المقبلات، بكل روح العزم، وبكل طاقة الفرح، مدركين أن مواكبة العصر أمر حتمي وضروري، وحفاظنا على الموروثات مما لا جدال فيه، ولا نجد في التوفيق بينهما أي نوع من الانفصام النكد كما كان يصوره لنا خيال «الصحوة المريض»، فتلك حقبة قد انطوت بلا رجعة إن شاء الله، وإنما نحن أبناء اليوم معايشة واعية، وصنّاع الغد توثبًا وانطلاقا. نعيش في جو بديع ووديع وآمن ومستقر وكأنه همس نبض رقيق لقلب اللحظة التي نعيشها. وتحية إجلال وإكبار لأميرنا الطموح الذي قاد الوطن إلى بر الأمان ومكامن الجمال.
* كاتب سعودي