هذه قصة طائرة غريبة، تبدو لأول وهلة وكأنها أجدد طائرات الشركة الأوروبية ايرباص. ولكن لمن يدقق في قصتها سيجد أنها تستحق وقفات تأمل. وقبل البدء، تخيل شدة الصراع بين «كوكا كولا» و«بيبسي» في عالم المشروبات، وبين «أبّل» و«سامسونغ» في سوق الجوالات، وبين «أبي نار» و«الحلواني» في مجال الحلاوة الطحينية.. وكلها لا تقارن بالصراع بين شركتي «بوينغ» و«ايرباص» في مجال صناعة الطائرات التجارية وسوقها الهائلة التي تقدر حجم مبيعاتها السنوية بحوالى 500 ألف مليون ريال.. رقم يدوخ.
في أعلى الهرم ستجد الشركة الأمريكية «بوينغ» وهي الأكبر والأقدم، ومنافستها المباشرة شركة «ايرباص» الأوروبية. ولهما حوالى 70% من حصة السوق العالمية، وتركيزهما على طائرات سعة ركابها من 150 راكبا وأنت طالع، وتخصصهما المدى المتوسط والطويل. وبعدهما تأتي «التفاريق» وتتوزع على مجموعة شركات أبرزها «بومباردييه» الكندية، و«إمبرير» البرازيلية، وتركيزهما على سعة الركاب تحت 150، والمدى القصير لخدمة المطارات الإقليمية والمحلية. وفي عام 2004 قامت الشركة الكندية بتصميم وإنتاج طائرة نفاثة حديثة ذات سعة أقل من 150 راكبا بمدى يصل إلى 6 آلاف كيلومتر، وكانت خطوة إبداعية؛ لأن الطائرة الجديدة احتوت على أحدث تقنيات السلامة، والراحة، واحترام البيئة، واقتصاديات التشغيل. وتتميز في قدراتها للطيران بمشيئة الله بين مطارات إقليمية وبحمولات قليلة.. الطائف إلى مانشستر في إنجلترا، أو ينبع إلى نيس في فرنسا بحمولة 120 راكبا على سبيل المثال.
وبالرغم من حماس مجموعة من شركات الطيران الأوروبية وأبرزها شركة الطيران السويسرية لطلب وتشغيل هذه الطائرة التي أطلق عليها اسم «سي سيرز» C Series، إلا أن الشركة الكندية المصنعة كانت تواجه تحديات مالية كبيرة. ودبت الحياة في الشركة عندما طلبت شركة «دلتا» الأمريكية 75 طائرة قبل حوالى 3 سنوات. وهذه هي أحد أهم معايير نجاح أي طائرة من أي جنسية كانت.. إذا طلبها الأمريكان، ستحلق عاليا لأن طلباتهم كبيرة. ولكن هنا تدخلت شركة «بوينغ» الأمريكية المنافسة بكل قوتها لتعترض على بيع المنتج الكندي، و«قلبت الدنيا» في أروقة الكونغرس ووزارة التجارة الأمريكية لفرض الرسوم على الطائرة «المستوردة». كان الاتهام للكنديين أنهم يمارسون «الإغراق» أي يسوقون الطائرة بأسعار «أي كلام».. يعني أقل من تكلفة تصنيع الطائرة للدخول في السوق الأمريكية الغنية بأساليب «نصف كم» بضم الكاف. وكانت ضربة معلم من بوينغ فقد وضعت الحكومة الأمريكية بعضا من أعلى الرسوم التي وصلت إلى ما يفوق 100 في 100 من سعر الطائرة. ولكن شركة ايرباص الأوروبية ردت على هذه الحركات بضربة موجعة، فاشترت حصة الأغلبية لحقوق إنتاج الطائرة الكندية. يعني الطائرة صارت قانونيا ملكا لها. وحيث إن أحد مراكز إنتاج طائرات ايرباص يقع في الولايات المتحدة في ولاية الاباما، فتم تحويل جزء من إنتاجها إلى ذلك المصنع. وفجأة أصبحت الطائرة الكندية أمريكية «قح»، وسقطت عنها رسوم الاستيراد وكأنه سحر، وأطلق عليها اسم ايرباص 220. ومن الطرائف أن جميع طرازات تلك الشركة سابقا وحاليا تطلق عليها أسماء تحتوي على الرقم 3 وتحديدا فهي طرازات 300 و320 و330 و340 و350 و350.. وأما الكندية «بنت الجيران» فأطلقت عليها الشركة الأوروبية اسم «ايرباص 220».
أمنيــــة
أحد التحديات التي واجهت وتواجه توفير خدمات النقل الجوي للمناطق ذات الكثافات السكانية المتوسطة والقليلة هي إيجاد الطائرات التي تستطيع أن تقدم الخدمة بسلامة، وراحة، وجدوى اقتصادية مقبولة، للمسافات القريبة والبعيدة. وحسب ما جاء في مواصفات هذه الايرباص الكندية الجديدة، فهي متميزة في تقديم ذلك. ولو صدقت، فأتمنى أن نراها في خدمة المطارات المحلية والإقليمية في الوطن بتوفيق الله،
وهو من وراء القصد.
* كاتب سعودي
في أعلى الهرم ستجد الشركة الأمريكية «بوينغ» وهي الأكبر والأقدم، ومنافستها المباشرة شركة «ايرباص» الأوروبية. ولهما حوالى 70% من حصة السوق العالمية، وتركيزهما على طائرات سعة ركابها من 150 راكبا وأنت طالع، وتخصصهما المدى المتوسط والطويل. وبعدهما تأتي «التفاريق» وتتوزع على مجموعة شركات أبرزها «بومباردييه» الكندية، و«إمبرير» البرازيلية، وتركيزهما على سعة الركاب تحت 150، والمدى القصير لخدمة المطارات الإقليمية والمحلية. وفي عام 2004 قامت الشركة الكندية بتصميم وإنتاج طائرة نفاثة حديثة ذات سعة أقل من 150 راكبا بمدى يصل إلى 6 آلاف كيلومتر، وكانت خطوة إبداعية؛ لأن الطائرة الجديدة احتوت على أحدث تقنيات السلامة، والراحة، واحترام البيئة، واقتصاديات التشغيل. وتتميز في قدراتها للطيران بمشيئة الله بين مطارات إقليمية وبحمولات قليلة.. الطائف إلى مانشستر في إنجلترا، أو ينبع إلى نيس في فرنسا بحمولة 120 راكبا على سبيل المثال.
وبالرغم من حماس مجموعة من شركات الطيران الأوروبية وأبرزها شركة الطيران السويسرية لطلب وتشغيل هذه الطائرة التي أطلق عليها اسم «سي سيرز» C Series، إلا أن الشركة الكندية المصنعة كانت تواجه تحديات مالية كبيرة. ودبت الحياة في الشركة عندما طلبت شركة «دلتا» الأمريكية 75 طائرة قبل حوالى 3 سنوات. وهذه هي أحد أهم معايير نجاح أي طائرة من أي جنسية كانت.. إذا طلبها الأمريكان، ستحلق عاليا لأن طلباتهم كبيرة. ولكن هنا تدخلت شركة «بوينغ» الأمريكية المنافسة بكل قوتها لتعترض على بيع المنتج الكندي، و«قلبت الدنيا» في أروقة الكونغرس ووزارة التجارة الأمريكية لفرض الرسوم على الطائرة «المستوردة». كان الاتهام للكنديين أنهم يمارسون «الإغراق» أي يسوقون الطائرة بأسعار «أي كلام».. يعني أقل من تكلفة تصنيع الطائرة للدخول في السوق الأمريكية الغنية بأساليب «نصف كم» بضم الكاف. وكانت ضربة معلم من بوينغ فقد وضعت الحكومة الأمريكية بعضا من أعلى الرسوم التي وصلت إلى ما يفوق 100 في 100 من سعر الطائرة. ولكن شركة ايرباص الأوروبية ردت على هذه الحركات بضربة موجعة، فاشترت حصة الأغلبية لحقوق إنتاج الطائرة الكندية. يعني الطائرة صارت قانونيا ملكا لها. وحيث إن أحد مراكز إنتاج طائرات ايرباص يقع في الولايات المتحدة في ولاية الاباما، فتم تحويل جزء من إنتاجها إلى ذلك المصنع. وفجأة أصبحت الطائرة الكندية أمريكية «قح»، وسقطت عنها رسوم الاستيراد وكأنه سحر، وأطلق عليها اسم ايرباص 220. ومن الطرائف أن جميع طرازات تلك الشركة سابقا وحاليا تطلق عليها أسماء تحتوي على الرقم 3 وتحديدا فهي طرازات 300 و320 و330 و340 و350 و350.. وأما الكندية «بنت الجيران» فأطلقت عليها الشركة الأوروبية اسم «ايرباص 220».
أمنيــــة
أحد التحديات التي واجهت وتواجه توفير خدمات النقل الجوي للمناطق ذات الكثافات السكانية المتوسطة والقليلة هي إيجاد الطائرات التي تستطيع أن تقدم الخدمة بسلامة، وراحة، وجدوى اقتصادية مقبولة، للمسافات القريبة والبعيدة. وحسب ما جاء في مواصفات هذه الايرباص الكندية الجديدة، فهي متميزة في تقديم ذلك. ولو صدقت، فأتمنى أن نراها في خدمة المطارات المحلية والإقليمية في الوطن بتوفيق الله،
وهو من وراء القصد.
* كاتب سعودي