نحن بالتأكيد لا نتحدث عن سحر وشعوذة أو قوى خارقة، لكننا نتحدث عن قوى خفية أحيانا ومعلنة أحيانا أخرى ترتبط بحبل سري متين بين المسؤولية الاجتماعية من ناحية وكثير من قصص النجاح التي عاشتها وتعيشها مؤسسات حكومية وتجارية ومؤسسات غير ربحية. إنه الحبل السري المباشر أحيانا وغير المباشر وغير المعروف ربما في بعض حالات.
كنتُ ولازلتُ ممن يعتنقون بثقة عالية وبقليل من التردد بوجود عامل ارتباط قوي ومتين يربط بين كثير من قصص الفشل من ناحية وغياب أو تغييب المسؤولية الاجتماعية في بعض مؤسساتنا الحكومية، التجارية أو غير الربحية، التي وفرت وتوفرت كل أو أغلب عناصر النجاح، فلا تنجح مع كل ذلك، فيتلبسها مسٌ من التخبط والفشل، فيتم تأويلها تحت عناوين بعيداً عن التشخيص الصحيح والدقيق تارةً بأنه فشل إعلامي وتارة بأنه فشل إداري وتارة أخرى بأنه فشل مالي أو تنظيمي أو أي سبب من تلك، فلا يأتون على المسؤولية الاجتماعية من قريب أو من بعيد جهلا أو تجاهلاً.
كثيرون يخاصمون المسؤولية الاجتماعية لجهلهم بقيمتها وأهمية دورها وتأثير وقعها، أو لسوء فهمهم لها، وهذا طبيعي فقديما قيل «إن الإنسان عدو ما يجهل»، وإذا كان هذا مقبولا فيما مضى، فلا يمكن قبوله أو تفهمه في زمن الرؤية وزمن التحولات الاقتصادية وزمن المؤسساتية وعصر انهيارات الجليد عن الكثير من الإمبراطوريات الإدارية والمحسوبيات والفساد ومحاربة الأمراض الإدارية وكثير من رواسب الأمراض الثقافية.
إنما العارفون بالمسؤولية الاجتماعية يدركون حجم تأثيرها وأهمية دورها على إنتاجية العاملين وعلاقاتهم في العمل وخارجه وعلى علاقة هؤلاء بالمساهمين وبالمجتمع القريب والبعيد وكل النتائج المرجوة والمتوقعة من تلك الوصفة السحرية «المسؤولية الاجتماعية». كما أنهم يدركون تأثيرها على المردود الاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي والحقوقي للمؤسسة وثقافتها وصلتها بالمستهلكين وبتحقيق أهدافها على أكمل وجه.
لست بحاجة لسرد التعريفات المفاهيمية والتطبيقية للمسؤولية الاجتماعية والتي تغص بها الكتب والمحركات، لكنني سأكتفي بطرح أسئلة دون إجابة، لإيماني بأهمية الأسئلة في خلخلة الكثير من القناعات.
فلماذا تستنسخ عشرات الجامعات السعودية الحكومية والخاصة نفسها وتكرر محتوياتها وبرامجها رغم اختلاف البيئات والظروف التي تعمل بها تلك الجامعات، إذا لم يكن مرد ذلك لغياب المسؤولية الاجتماعية التي تراعي جمهور كل جامعة على حدة من الجمهور المباشر المجاور والمحيط بكل جامعة على حدة؟
ثم لماذا تستنسخ آلاف الجمعيات الأهلية السعودية نفسها وتعمل بنفس الإيقاع والروتين والبيروقراطية والإنتاجية، رغم إختلاف مجالاتها وتخصصاتها ورغم تفاوت مستويات كوادرها البشرية، إذا لم يكن مرد ذلك هو عدم مراعاة كل جمعية لجمهورها والذي يتطلب مسؤولية اجتماعية خاصة بكل جمهور على حدة؟
سؤالي لوزارة التعليم، لماذا تتساوى الرؤوس بين مدارسنا من أقصى شمال المملكة إلى أقصى جنوبها وشرقها وغربها، إلا من خلال مسطرة الوزارة وقلمها؟ أليس من الحكمة أن تترك الوزارة هامشا من الحرية لكل مدرسة أو لكل إدارة تعليمية، تمارس من خلالها المسؤولية الاجتماعية، لنتبين ويتبين المجتمع والطلاب والمعلمون الفرق بين من يتبنون المسؤولية الاجتماعية من مدارسنا ومن لا يتبنونها؟ وهو نفس السؤال الذي أوجهه لكل وزارة على حدة مع فروعها في كل منطقة؟
أخيرا، يتبادر إلى ذهني سؤال، مع كامل احترامي وتقديري لقناعات أولئك الذين يعتقدون بضرورة إلزامية المسؤولية الاجتماعية وفرضها رسميا من جهة وبين من يعتنقون ضرورة بقائها تطوعية غير إلزامية، أتساءل: أليس من الحكمة أن يتم الربط بين المسئولية الاجتماعية ونظام الضرائب؟ وهل من العدالة والنجاح أن نساوي ضرائبياً بين من يتبنون المسؤولية الاجتماعية ويعملون بها مع من لا يعرفونها ولا يعملون بها؟
* كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org
كنتُ ولازلتُ ممن يعتنقون بثقة عالية وبقليل من التردد بوجود عامل ارتباط قوي ومتين يربط بين كثير من قصص الفشل من ناحية وغياب أو تغييب المسؤولية الاجتماعية في بعض مؤسساتنا الحكومية، التجارية أو غير الربحية، التي وفرت وتوفرت كل أو أغلب عناصر النجاح، فلا تنجح مع كل ذلك، فيتلبسها مسٌ من التخبط والفشل، فيتم تأويلها تحت عناوين بعيداً عن التشخيص الصحيح والدقيق تارةً بأنه فشل إعلامي وتارة بأنه فشل إداري وتارة أخرى بأنه فشل مالي أو تنظيمي أو أي سبب من تلك، فلا يأتون على المسؤولية الاجتماعية من قريب أو من بعيد جهلا أو تجاهلاً.
كثيرون يخاصمون المسؤولية الاجتماعية لجهلهم بقيمتها وأهمية دورها وتأثير وقعها، أو لسوء فهمهم لها، وهذا طبيعي فقديما قيل «إن الإنسان عدو ما يجهل»، وإذا كان هذا مقبولا فيما مضى، فلا يمكن قبوله أو تفهمه في زمن الرؤية وزمن التحولات الاقتصادية وزمن المؤسساتية وعصر انهيارات الجليد عن الكثير من الإمبراطوريات الإدارية والمحسوبيات والفساد ومحاربة الأمراض الإدارية وكثير من رواسب الأمراض الثقافية.
إنما العارفون بالمسؤولية الاجتماعية يدركون حجم تأثيرها وأهمية دورها على إنتاجية العاملين وعلاقاتهم في العمل وخارجه وعلى علاقة هؤلاء بالمساهمين وبالمجتمع القريب والبعيد وكل النتائج المرجوة والمتوقعة من تلك الوصفة السحرية «المسؤولية الاجتماعية». كما أنهم يدركون تأثيرها على المردود الاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي والحقوقي للمؤسسة وثقافتها وصلتها بالمستهلكين وبتحقيق أهدافها على أكمل وجه.
لست بحاجة لسرد التعريفات المفاهيمية والتطبيقية للمسؤولية الاجتماعية والتي تغص بها الكتب والمحركات، لكنني سأكتفي بطرح أسئلة دون إجابة، لإيماني بأهمية الأسئلة في خلخلة الكثير من القناعات.
فلماذا تستنسخ عشرات الجامعات السعودية الحكومية والخاصة نفسها وتكرر محتوياتها وبرامجها رغم اختلاف البيئات والظروف التي تعمل بها تلك الجامعات، إذا لم يكن مرد ذلك لغياب المسؤولية الاجتماعية التي تراعي جمهور كل جامعة على حدة من الجمهور المباشر المجاور والمحيط بكل جامعة على حدة؟
ثم لماذا تستنسخ آلاف الجمعيات الأهلية السعودية نفسها وتعمل بنفس الإيقاع والروتين والبيروقراطية والإنتاجية، رغم إختلاف مجالاتها وتخصصاتها ورغم تفاوت مستويات كوادرها البشرية، إذا لم يكن مرد ذلك هو عدم مراعاة كل جمعية لجمهورها والذي يتطلب مسؤولية اجتماعية خاصة بكل جمهور على حدة؟
سؤالي لوزارة التعليم، لماذا تتساوى الرؤوس بين مدارسنا من أقصى شمال المملكة إلى أقصى جنوبها وشرقها وغربها، إلا من خلال مسطرة الوزارة وقلمها؟ أليس من الحكمة أن تترك الوزارة هامشا من الحرية لكل مدرسة أو لكل إدارة تعليمية، تمارس من خلالها المسؤولية الاجتماعية، لنتبين ويتبين المجتمع والطلاب والمعلمون الفرق بين من يتبنون المسؤولية الاجتماعية من مدارسنا ومن لا يتبنونها؟ وهو نفس السؤال الذي أوجهه لكل وزارة على حدة مع فروعها في كل منطقة؟
أخيرا، يتبادر إلى ذهني سؤال، مع كامل احترامي وتقديري لقناعات أولئك الذين يعتقدون بضرورة إلزامية المسؤولية الاجتماعية وفرضها رسميا من جهة وبين من يعتنقون ضرورة بقائها تطوعية غير إلزامية، أتساءل: أليس من الحكمة أن يتم الربط بين المسئولية الاجتماعية ونظام الضرائب؟ وهل من العدالة والنجاح أن نساوي ضرائبياً بين من يتبنون المسؤولية الاجتماعية ويعملون بها مع من لا يعرفونها ولا يعملون بها؟
* كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org