خلال أسبوعين من استهداف منشآتي بقيق وهجرة خريص، تصدر الحوثيون المشهد الإعلامي من ضمن أذرع إيران، حيث تبنت العملية -التي لم تقم بها بطبيعة الحال-، ليس فقط من أجل أن تزيل المسؤولية عن إيران، ولكن من أجل ربط العملية بالصراع في اليمن، بالرغم من أن العملية مرتبطة بالصراع الأمريكي الإيراني بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي.
إيران هددت مراراً وتكراراً وعبر عدة مسؤولين، بأنها ستغلق مضيق هرمز وبأنها لو منعت من تصدير نفطها فسيطال ذلك الجميع، أي أنها ستعطل تصدير النفط الخليجي والسعودي تحديدا، ويأتي هذا الهجوم عبر خط تصاعدي من النظام الإيراني، بدأ باستهداف الناقلات في خليج عمان وأمام ميناء الفجيرة، مرورا باستهداف محطة الشيبة وخط أنابيب شرق - غرب.
وكانت التصريحات الحوثية من اللحظة الأولى، تشير لجهلهم بنوع وكمية الأسلحة المستخدمة في عملية استهداف محطتي بقيق وخريص، وهو مؤشر آخر على أن علاقتهم بالعملية، لا تتجاوز استلام البيان من طهران وقراءته، والأبرز محاولة الظهور كدولة لديها جيش نظامي ومتحدث رسمي.
وبعد خمسة أيام من استهداف منشآت أرامكو، أعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء مهدي المشاط: «وقف استهداف أراضي المملكة العربية السعودية بالطيران المسير والصواريخ الباليستية والمجنحة وكافة أشكال الاستهداف»، مضيفا: «ننتظر رد التحية بمثلها أو أحسن منها في إعلان مماثل بوقف كل أشكال الاستهداف والقصف الجوي لأراضينا اليمنية».
وبالنسبة لتوقيت هذا الإعلان، لا يمكن أخذه إلا كردة فعل من طهران، على ردات الفعل الدولية، حيث لم ترد المملكة ولا واشنطن عسكريا على العملية، كما أتت ردات فعل غير متوقعة انتقدت العملية بشدة، أبرزها شجب الرئيس الصيني في مكالمة مع خادم الحرمين الشريفين لهذا العمل، وبالمناسبة فتصريحات المشاط أعقبت البيان الصيني بساعات.
وجزء من هذا التصريح «المتسامح»، هو رغبة في تكرار كذبة المسؤولية عن عملية استهداف المنشآت النفطية، فتكرار الكذب لا يكون دوما للإقناع، ولكن يستخدم أحيانا في خلق الشك، ولو عند بعض المتلقين، ويهدف أيضا لدفع مندوب الأمين العام للأمم المتحدة لتبني هذه المبادرة وتشجيع الدفع بها من كل الأطراف، وبالتالي إعطاء زخم للملف اليمني يقلل من الضغط على إيران.
ولأن رسائل الحوثيين متناقضة، وهو مؤشر على اضطراب في داخل المركز بطهران، فقد أعقبت تصريحها عن مبادرة السلام، بتصريح آخر بعده بأسبوع، يدعي السيطرة على ثلاثة ألوية سعودية بجنودها وعتادها، وهو بطبيعة الحال كذب محض، ويبدو أنه في جزء منه محاولة لإرسال رسائل قوة للداخل، بينما الواقع أن الجيش الوطني خلال الأسابيع الماضية هو من ضرب الميليشيات في مديرية كتاف بمحافظة صعدة.
العملية نتج عنها مقتل 1500 عنصر من الحوثيين، من ضمنهم اللواء أمين حميد الحميري قائد محور صعدة، والقائد محمد عبده دغيش ألوثابت قائد محور البيضاء، والعميد عادل قائد أبو أصبع، وخسارة الحوثيين لأكثر من 250 معدة ومركبة.
وكان بارزا على مستوى الصورة سعي الحوثيين لإظهار أنهم رجال دولة وليسوا ميليشيا، فيخرج المتحدث بزي عسكري للجيش، وهو ليس بلباس الحوثيين، واستخدام ألفاظ من شاكلة «ألوية عسكرية»، للإيحاء بأنهم جيش نظامي، بينما تشكيلات الميليشيات لا ترقى لتكون بتنظيم الجيوش، ويقف المتحدث على طاولة مرتفعة «podium»، بشكل يشبه المتحدثين في الدول الكبرى.
وفي خضم المحاولات البصرية لإظهار الميليشيا الانقلابية بشكل الدولة، وربما يكون ذلك بتدريب لبناني من حزب الله، نتذكر أن إيران لم تقنعنا حتى اليوم أنها أصبحت دولة، حتى يقنعنا الحوثيون بذلك.
* كاتب سعودي
Twitter: @aAltrairi
Email: me@aaltrairi.com
إيران هددت مراراً وتكراراً وعبر عدة مسؤولين، بأنها ستغلق مضيق هرمز وبأنها لو منعت من تصدير نفطها فسيطال ذلك الجميع، أي أنها ستعطل تصدير النفط الخليجي والسعودي تحديدا، ويأتي هذا الهجوم عبر خط تصاعدي من النظام الإيراني، بدأ باستهداف الناقلات في خليج عمان وأمام ميناء الفجيرة، مرورا باستهداف محطة الشيبة وخط أنابيب شرق - غرب.
وكانت التصريحات الحوثية من اللحظة الأولى، تشير لجهلهم بنوع وكمية الأسلحة المستخدمة في عملية استهداف محطتي بقيق وخريص، وهو مؤشر آخر على أن علاقتهم بالعملية، لا تتجاوز استلام البيان من طهران وقراءته، والأبرز محاولة الظهور كدولة لديها جيش نظامي ومتحدث رسمي.
وبعد خمسة أيام من استهداف منشآت أرامكو، أعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء مهدي المشاط: «وقف استهداف أراضي المملكة العربية السعودية بالطيران المسير والصواريخ الباليستية والمجنحة وكافة أشكال الاستهداف»، مضيفا: «ننتظر رد التحية بمثلها أو أحسن منها في إعلان مماثل بوقف كل أشكال الاستهداف والقصف الجوي لأراضينا اليمنية».
وبالنسبة لتوقيت هذا الإعلان، لا يمكن أخذه إلا كردة فعل من طهران، على ردات الفعل الدولية، حيث لم ترد المملكة ولا واشنطن عسكريا على العملية، كما أتت ردات فعل غير متوقعة انتقدت العملية بشدة، أبرزها شجب الرئيس الصيني في مكالمة مع خادم الحرمين الشريفين لهذا العمل، وبالمناسبة فتصريحات المشاط أعقبت البيان الصيني بساعات.
وجزء من هذا التصريح «المتسامح»، هو رغبة في تكرار كذبة المسؤولية عن عملية استهداف المنشآت النفطية، فتكرار الكذب لا يكون دوما للإقناع، ولكن يستخدم أحيانا في خلق الشك، ولو عند بعض المتلقين، ويهدف أيضا لدفع مندوب الأمين العام للأمم المتحدة لتبني هذه المبادرة وتشجيع الدفع بها من كل الأطراف، وبالتالي إعطاء زخم للملف اليمني يقلل من الضغط على إيران.
ولأن رسائل الحوثيين متناقضة، وهو مؤشر على اضطراب في داخل المركز بطهران، فقد أعقبت تصريحها عن مبادرة السلام، بتصريح آخر بعده بأسبوع، يدعي السيطرة على ثلاثة ألوية سعودية بجنودها وعتادها، وهو بطبيعة الحال كذب محض، ويبدو أنه في جزء منه محاولة لإرسال رسائل قوة للداخل، بينما الواقع أن الجيش الوطني خلال الأسابيع الماضية هو من ضرب الميليشيات في مديرية كتاف بمحافظة صعدة.
العملية نتج عنها مقتل 1500 عنصر من الحوثيين، من ضمنهم اللواء أمين حميد الحميري قائد محور صعدة، والقائد محمد عبده دغيش ألوثابت قائد محور البيضاء، والعميد عادل قائد أبو أصبع، وخسارة الحوثيين لأكثر من 250 معدة ومركبة.
وكان بارزا على مستوى الصورة سعي الحوثيين لإظهار أنهم رجال دولة وليسوا ميليشيا، فيخرج المتحدث بزي عسكري للجيش، وهو ليس بلباس الحوثيين، واستخدام ألفاظ من شاكلة «ألوية عسكرية»، للإيحاء بأنهم جيش نظامي، بينما تشكيلات الميليشيات لا ترقى لتكون بتنظيم الجيوش، ويقف المتحدث على طاولة مرتفعة «podium»، بشكل يشبه المتحدثين في الدول الكبرى.
وفي خضم المحاولات البصرية لإظهار الميليشيا الانقلابية بشكل الدولة، وربما يكون ذلك بتدريب لبناني من حزب الله، نتذكر أن إيران لم تقنعنا حتى اليوم أنها أصبحت دولة، حتى يقنعنا الحوثيون بذلك.
* كاتب سعودي
Twitter: @aAltrairi
Email: me@aaltrairi.com