بعد غياب استغرق أكثر من عام عن شاشات التلفزة الأمريكية، عاد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز إلى الرأي العام الأمريكي والعالمي من خلال المقابلة التي بثتها شبكة «سي بي إس»، في برنامج «60 دقيقة»، الذي يحظى بنسب مشاهدة عالية. وهي الإطلالة الثانية لولي العهد من خلال هذا البرنامج، في حلقة رأت الشبكة الأمريكية أن تستهل بها الموسم الجديد لـ«60 دقيقة». كانت منصة مثالية استخدمها الأمير محمد بن سلمان لتوجيه رسائل واضحة وقوية لكل الأطراف المعنية في الإقليم والعالم. ولعل الأشد إثارة في المقابلة أن ولي العهد ختمها بقوله، بعدما سئل عما إذا كان ارتكب أخطاء: «الأنبياء أخطأوا، فكيف بنا نحن»؟ المهم أن نتعلم. وفي فنون الإدارة والقيادة، سئل الأمير محمد بن سلمان عن مقتل جمال خاشقجي؟ فجاء رده: «كانت جريمة بشعة. لكن أتحمل مسؤوليتها كقائد». والخلاصة في هذا الشأن أن «التحقيقات قائمة اليوم والمحاكمات مستمرة، ومن تثبت التهمة عليه وتورطه في تلك الجريمة سينال عقابه»! بلغة مباشرة وثقة عالية أظهر ولي العهد أنه لا يخشى شيئاً مما يتردد من مزاعم تستهدفه، ورد بلغة القائد الواثق: «إذا كانت هناك أي معلومات تتهمني بالقيام بأي عمل أتمنى أن يتم إخراجها». ومن الإجابات اللافتة والمهمة والتي سبق أن سمعتها شخصياً من ولي العهد في لقاءات عدة، قوله: «لا يوجد أي تهديد من أي صحفي»... هكذا رد على من يزعمون أن كاتب عمود يمكن أن يهدد المملكة بما يكتبه، مؤكداً أن التهديد على السعودية هو من تصرفات كهذه ضد صحفي من هذه الجريمة البشعة. كان الأمير محمد بن سلمان متفائلاً حتى حيال أكثر القضايا السياسية والمحلية تعقيداً. فهو يؤكد: «أن مستقبلنا أفضل بكثير من أي شيء حدث في الماضي». وحتى حيال الحرب في اليمن يرى أنه «كقائد يجب أن أكون متفائلاً كل يوم. لا أستطيع أن أكون متشائماً. إذا كنت متشائماً يجب أن أترك الكرسي وأعمل في مكان آخر». «البعض ينظر للصورة من خانة ضيقة جداً»... درس مهم لمن يعادون السعودية «سماعياً»، ويسرفون في كيل الاتهامات والإساءات ويسوقون الأكاذيب بلا أدلة.. «أتمنى أن الجميع يأتي للمملكة العربية السعودية وينظر للواقع ويقابل النساء والمواطنين السعوديين ويحكم بنفسه». لاشك أن مقابلة «60 دقيقة» تثبت قدرة الأمير محمد بن سلمان على وضع النقاط على الحروف بشأن الملفات الساخنة في الداخل والخارج مع تجاهله الكامل للملف القطري كونه يراه «صغير جداً جداً»، وتفنيده لكل الممارسات الإيرانية الإجرامية، وكذلك تشعبات المسألة اليمنية. الأكيد أن مقابلة «سي بي إس» أظهرت مدى تقبل ولي العهد للانتقاد، وتحمله للأسئلة مهما كانت، متفائلاً بمستقبل بلاده ورؤيتها وطموحات شبابها. ومصداق ذلك أنه أشار إلى أنه ليس معصوماً عن الخطأ، «ولكن المهم إذا أخطأنا أن نتعلم من أخطائنا، ونتأكد أنها لن تتكرر». هكذا هم القادة الكبار الذين يعملون بتفاؤل من أجل مستقبل بلادهم.