تذكر بعض كتب التفسير أن سبب نزول قول الله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحياة الدنيا» هو أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل رجلاً يقال له «محلم بن جثامة»، فلقيه «عامر بن الأضبط»، فحياهم بتحية الإسلام، وكانت بينهم إحنة في الجاهلية، فرماه محلم بسهم فقتله، فجاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاء محلم في بردين، فجلس بين يدي رسول الله ليستغفر له، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «لا غفر الله لك» فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه، يقول الراوي: فما مضت به سابعة حتى مات ودفنوه، فلفظته الأرض، فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكروا ذلك له، فقال: «إن الأرض تقبل من هو شر من صاحبكم، ولكن الله جل وعز أراد أن يعظكم» ثم طرحوه بين صدفي جبل، وألقوا عليه من الحجارة، ونزلت فيه تلك الآية الكريمة، ويذكر بعض الشراح أنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا على أحد من المسلمين قط إلا هذا الرجل، ولم ينقل أيضاً أن أحداً لفظته الأرض بعد دفنه إلا هذا الرجل، وذلك -والله أعلم - لعظم الخطيئة التي ارتكبها، حيث تذرع بالشرع الظاهر في ستر الهوى المكنون، ولذلك كانت هذه الآية الكريمة أصلاً في تقرير مقام عظيم قامت عليه مصالح الشريعة واستقامت به أحوال الناس، وهو إجراء الناس على ظواهرهم، وهذا الأصل هو الذي ساس النبي صلى الله عليه وسلم به أصحابه وحماهم به من الانقسام والتكفير والتبديع رغم أنهم حديثو عهد بجاهلية، وقد تجلى هذا ظاهراً في نصوص ومواقف كثيرة من حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمثلاً في حديث عتبان بن مالك رضي الله عنه لما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته اجتمع رجال من أهل الدار ذوو عدد، فقال قائل منهم: أين مالك بن الدخشم؟ فقال بعضهم: ذلك منافق لا يحب الله ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقل ذلك، ألا تراه قد قال: لا إله إلا الله، يريد بذلك وجه الله» قال: الله ورسوله أعلم، قال: فإنا نرى وجهه ونصيحته إلى المنافقين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإن الله قد حرم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله»، ومثل ذلك أيضاً ما جاء في حديث المقداد بن عمرو الكندي رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أرأيت إن لقيت رجلاً من الكفار فاقتتلنا، فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها، ثم لاذ مني بشجرة، فقال: أسلمت لله، أأقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقتله» فقال: يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي، ثم قال ذلك بعد ما قطعها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقتله، فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وإنك بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال».
هذه النصوص وغيرها تدل كما قلنا على هذا الأصل العظيم - إجراء أحكام الإسلام على ظواهر الناس- فلا يجوز لأحد من الناس أن يعدل عن هذا الأصل إلى غيره حتى لو ظهرت القرائن خلاف ذلك، ففي الحديث الأول رغم أن مالك بن الدخشم كان قريباً من المنافقين في المدينة، إذ له صلات اجتماعية بهم، حتى ظن بعض من يعرفه أن هذا التواصل معهم والانحياز إليهم كافٍ في إخراجه من وصف الإيمان إلى وصف النفاق، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرتضِ كل هذه القرائن وردهم إلى الأصل الظاهر، وهو ثبوت إسلامه؛ إذ ما ثبت له بيقين لا يجوز أن يخرج منه إلا بيقين مثله. أما الحديث الآخر فهو يتضمن معنىً أدق من هذا، إذ الرجل المشرك الذي صوَّر المقداد أنه قطع يده كان أصله كافراً، وهذا يعني أن الأصل فيه الكفر لا الإسلام، ومع وجود هذا الأصل إلا أن الرجل لما أعلن إسلامه انتقل الأصل لديه من الكفر إلى الإسلام، وهذا يعني أمراً مهماً، وهو أن الإسلام يكون أصلاً أياً كان موقعه، فكل أمر يسير يثبت به الإسلام ظاهراً تجعله الشريعة أصلاً عظيماً، وتنقله من كونه قرينة ظاهرة أو علامة دالة إلى أصل محكم، وترتب الأحكام عليه، ففي حديث المقداد هنا لما قال الرجل «أسلمت الله» جعل صلى الله عليه وسلم هذه الكلمة عاصمة لدمه وعرضه وماله مع أنه قد يكون قالها خوفاً وتقية، ومع ذلك لم يعبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا وتوعد المقداد بحبوط العمل لو فعلها، وهذا من جهة أخرى يؤكد أن الشريعة تتشوف غاية التشوف إلى بقاء الناس على الإسلام لا أن يخرجوا منه، ولهذا كثيراً ما يثبت الشارع وصف الإسلام العاصم بأشياء يسيرة جداً، فمثلاً في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية سوداء، فقال: يا رسول الله، إن علي رقبة مؤمنة، فقال لها: أين الله؟ فأشارت إلى السماء بأصبعها، فقال لها: فمن أنا؟ فأشارت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى السماء، يعني أنت رسول الله، فقال: «أعتقها فإنها مؤمنة» فأثبت لها حكم الإسلام من خلال الإشارة فقط! وفي الحديث الآخر جعل المحافظة على الوضوء علامة الإيمان فقال صلى الله عليه وسلم: «ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن»، ومثله حديث: «إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان» والمقصود بهذا الإيمان هو «الإيمان الظاهر الذي تجري عليه الأحكام في الدنيا، ولا يستلزم الإيمان في الباطن الذي يكون صاحبه من أهل السعادة في الآخرة»، والمقصود من هذا كله أن تقرير الحكم بالظاهر أصل عظيم من أصول الشريعة ويمكن طرده في مسائل كثيرة من مسائل الأسماء والأحكام، لكن من أهمها مسألة التكفير كما قلنا، والعدول عن هذا الأصل الظاهر إلى الباطن هو أصل ضلال من ضل في باب التكفير، من مثل فرقة الخوارج وغيرها، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متيقظاً إلى هذا المعنى غاية التيقظ، فكان ينهى أصحابه عن العدول عن هذا الظاهر ويردهم إليه كلما ابتعدوا عنه، بل حتى في أشد لحظات الغضب كان صلى الله عليه وسلم متمسكاً بهذا الأصل ومذكراً أصحابه به، ففي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه لما قام رجل وقال مقالة البهتان، وفيها اتهام المعصوم صلى الله عليه وسلم بعدم العدل في القسمة، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً من مقالته تلك، فظن خالد بن الوليد رضي الله عنه أن الرجل بهذه الفرية استوجب القتل، فقال: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «لا، لعله أن يكون يصلي». قال خالد: «وكم من مصلٍّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه؟!»، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مقرراً هذا الأصل العظيم: «إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس، ولا أشق بطونهم». وهذا التوجيه النبوي العظيم في غاية الأهمية والمنزلة، فالبحث والتنقيب عن البواطن والخفايا باب لا ينتهي، ويؤول بالمرء إلى دركات من الإفساد والفساد ليس لها قرار. ويترتب على تقرير هذا الأصل العظيم قضايا مهمة جداً من أهمها: تربية الجيل بأن الأصل في كل من كان في مجتمع الإسلام أنهم من أهل الإسلام، معصومة دماؤهم وأموالهم وأعراضهم، فلا يزول هذا الأصل إلا بيقين مثله، وشاهد ذلك نص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته»، ولا يعدل عن هذا الأصل العظيم إلا بأصل آخر أقوى منه، ولهذا لما ذكر عبادة بن الصامت رضي الله عنه مسألة بيعتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وأن لا ننازع الأمر أهله»، ثم قال: «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان». وتحقيق مناط الكفر المستوجب للخروج - مع الشروط الأخرى- في غاية الاحتياط، فهو لا يكون كفراً حتى تتحقق فيه كل الأوصاف الكاشفة؛ فلابد ابتداء أن نقف نحن بأنفسنا على هذا الكفر، فلا يقبل التقليد والظن والتخمين، ثم هذا الفعل أو القول الموجب للكفر لا بد أن يكون «بواحاً»، والبواح هو الظاهر الذي لا شك فيه، كالفجر إذا باح؛ بمعنى كلٌّ يعرفه، ثم هذا الكفر الذي رأيناه وكان بواحاً لا بد أن يكون دليلنا على كونه كفراً صادراً من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بمعنى ألا يكون تشهياً، أو تعبيراً عن غضب، أو لحاجة في النفوس، أو نحو ذلك، إذ العبرة إذاً بما تدل عليه النصوص لا بما تضمره النفوس.
ومن القضايا المهمة التي تستفاد من استصحاب هذا الأصل العظيم وتقريره في النفوس أنه يحمي المجتمع بإذن الله من فتنة المزايدة على الناس في دينهم وصلاحهم، فيكون كل واحد مشغولاً بإصلاح نفسه وتزكيتها، لا بالمزايدة على الآخرين وامتحانهم وتحديد مستوى إيمانهم وصلاحهم، إذ إنهم كلهم داخلون في دائرة الإسلام الواسعة؛ ولهذا فالأصل العظيم يعصم المجتمع والدولة من الانقسام والتشظي، لأنه يغلق الباب الذي تدخل منه الأهواء والمطامع، إذ لا يعصف بالمجتمعات ويزلزل استقرارها ويعكر طمأنينتها مثل ترك الظواهر والانزلاق إلى السرائر والبواطن.
* كاتب سعودي
هذه النصوص وغيرها تدل كما قلنا على هذا الأصل العظيم - إجراء أحكام الإسلام على ظواهر الناس- فلا يجوز لأحد من الناس أن يعدل عن هذا الأصل إلى غيره حتى لو ظهرت القرائن خلاف ذلك، ففي الحديث الأول رغم أن مالك بن الدخشم كان قريباً من المنافقين في المدينة، إذ له صلات اجتماعية بهم، حتى ظن بعض من يعرفه أن هذا التواصل معهم والانحياز إليهم كافٍ في إخراجه من وصف الإيمان إلى وصف النفاق، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرتضِ كل هذه القرائن وردهم إلى الأصل الظاهر، وهو ثبوت إسلامه؛ إذ ما ثبت له بيقين لا يجوز أن يخرج منه إلا بيقين مثله. أما الحديث الآخر فهو يتضمن معنىً أدق من هذا، إذ الرجل المشرك الذي صوَّر المقداد أنه قطع يده كان أصله كافراً، وهذا يعني أن الأصل فيه الكفر لا الإسلام، ومع وجود هذا الأصل إلا أن الرجل لما أعلن إسلامه انتقل الأصل لديه من الكفر إلى الإسلام، وهذا يعني أمراً مهماً، وهو أن الإسلام يكون أصلاً أياً كان موقعه، فكل أمر يسير يثبت به الإسلام ظاهراً تجعله الشريعة أصلاً عظيماً، وتنقله من كونه قرينة ظاهرة أو علامة دالة إلى أصل محكم، وترتب الأحكام عليه، ففي حديث المقداد هنا لما قال الرجل «أسلمت الله» جعل صلى الله عليه وسلم هذه الكلمة عاصمة لدمه وعرضه وماله مع أنه قد يكون قالها خوفاً وتقية، ومع ذلك لم يعبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا وتوعد المقداد بحبوط العمل لو فعلها، وهذا من جهة أخرى يؤكد أن الشريعة تتشوف غاية التشوف إلى بقاء الناس على الإسلام لا أن يخرجوا منه، ولهذا كثيراً ما يثبت الشارع وصف الإسلام العاصم بأشياء يسيرة جداً، فمثلاً في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية سوداء، فقال: يا رسول الله، إن علي رقبة مؤمنة، فقال لها: أين الله؟ فأشارت إلى السماء بأصبعها، فقال لها: فمن أنا؟ فأشارت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى السماء، يعني أنت رسول الله، فقال: «أعتقها فإنها مؤمنة» فأثبت لها حكم الإسلام من خلال الإشارة فقط! وفي الحديث الآخر جعل المحافظة على الوضوء علامة الإيمان فقال صلى الله عليه وسلم: «ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن»، ومثله حديث: «إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان» والمقصود بهذا الإيمان هو «الإيمان الظاهر الذي تجري عليه الأحكام في الدنيا، ولا يستلزم الإيمان في الباطن الذي يكون صاحبه من أهل السعادة في الآخرة»، والمقصود من هذا كله أن تقرير الحكم بالظاهر أصل عظيم من أصول الشريعة ويمكن طرده في مسائل كثيرة من مسائل الأسماء والأحكام، لكن من أهمها مسألة التكفير كما قلنا، والعدول عن هذا الأصل الظاهر إلى الباطن هو أصل ضلال من ضل في باب التكفير، من مثل فرقة الخوارج وغيرها، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم متيقظاً إلى هذا المعنى غاية التيقظ، فكان ينهى أصحابه عن العدول عن هذا الظاهر ويردهم إليه كلما ابتعدوا عنه، بل حتى في أشد لحظات الغضب كان صلى الله عليه وسلم متمسكاً بهذا الأصل ومذكراً أصحابه به، ففي حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه لما قام رجل وقال مقالة البهتان، وفيها اتهام المعصوم صلى الله عليه وسلم بعدم العدل في القسمة، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً من مقالته تلك، فظن خالد بن الوليد رضي الله عنه أن الرجل بهذه الفرية استوجب القتل، فقال: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «لا، لعله أن يكون يصلي». قال خالد: «وكم من مصلٍّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه؟!»، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مقرراً هذا الأصل العظيم: «إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس، ولا أشق بطونهم». وهذا التوجيه النبوي العظيم في غاية الأهمية والمنزلة، فالبحث والتنقيب عن البواطن والخفايا باب لا ينتهي، ويؤول بالمرء إلى دركات من الإفساد والفساد ليس لها قرار. ويترتب على تقرير هذا الأصل العظيم قضايا مهمة جداً من أهمها: تربية الجيل بأن الأصل في كل من كان في مجتمع الإسلام أنهم من أهل الإسلام، معصومة دماؤهم وأموالهم وأعراضهم، فلا يزول هذا الأصل إلا بيقين مثله، وشاهد ذلك نص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى صلاتنا، واستقبل قبلتنا، وأكل ذبيحتنا، فذلك المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله، فلا تخفروا الله في ذمته»، ولا يعدل عن هذا الأصل العظيم إلا بأصل آخر أقوى منه، ولهذا لما ذكر عبادة بن الصامت رضي الله عنه مسألة بيعتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وأن لا ننازع الأمر أهله»، ثم قال: «إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان». وتحقيق مناط الكفر المستوجب للخروج - مع الشروط الأخرى- في غاية الاحتياط، فهو لا يكون كفراً حتى تتحقق فيه كل الأوصاف الكاشفة؛ فلابد ابتداء أن نقف نحن بأنفسنا على هذا الكفر، فلا يقبل التقليد والظن والتخمين، ثم هذا الفعل أو القول الموجب للكفر لا بد أن يكون «بواحاً»، والبواح هو الظاهر الذي لا شك فيه، كالفجر إذا باح؛ بمعنى كلٌّ يعرفه، ثم هذا الكفر الذي رأيناه وكان بواحاً لا بد أن يكون دليلنا على كونه كفراً صادراً من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بمعنى ألا يكون تشهياً، أو تعبيراً عن غضب، أو لحاجة في النفوس، أو نحو ذلك، إذ العبرة إذاً بما تدل عليه النصوص لا بما تضمره النفوس.
ومن القضايا المهمة التي تستفاد من استصحاب هذا الأصل العظيم وتقريره في النفوس أنه يحمي المجتمع بإذن الله من فتنة المزايدة على الناس في دينهم وصلاحهم، فيكون كل واحد مشغولاً بإصلاح نفسه وتزكيتها، لا بالمزايدة على الآخرين وامتحانهم وتحديد مستوى إيمانهم وصلاحهم، إذ إنهم كلهم داخلون في دائرة الإسلام الواسعة؛ ولهذا فالأصل العظيم يعصم المجتمع والدولة من الانقسام والتشظي، لأنه يغلق الباب الذي تدخل منه الأهواء والمطامع، إذ لا يعصف بالمجتمعات ويزلزل استقرارها ويعكر طمأنينتها مثل ترك الظواهر والانزلاق إلى السرائر والبواطن.
* كاتب سعودي