يقال في الزمن الغابر الذي ترمى عليه كافة الحكايا والنوادر والحكم، وإن جات بضربة حظ، كان هناك حاكم ليس لديه عمل كما معظم حكام ذلك الزمن، فيتسلى بمسابقات الشعر التي يكون هو فيها الأول دائماً وأبداً كما نسبة 99% في كثير من الانتخابات الصورية الناتجة أصلا عن انقلابات زمان «الثورية»، وهنا حضرتني وأنا أكتب سالفة، يقال إن الخليفة العباسي المأمون في إحدى سهراته، بحضور العديد من الوجهاء والشعراء أخبرهم أن لديه قصيدة عصماء، ويود أن يسمعها لهم «شاء من شاء وأبى من أبى»، طبعا هذه الجملة الأخيرة من عند حضرتنا، حتى أكون من جملة آفة الأخبار رواتها، ولكن لا بد من الأبازير التي تمضي مع سياق الموضوع.
وأسمع المأمون القصيدة لهم وتخللتها همهمات الإحسان وآهات الإعجاب، وكان أبو نواس حاضرا وهو أحد الشعراء العباسيين الذين يشار لهم بـ«البنانين»، خلينا نبعزق، والتفت الخليفة إلى أبي نواس، وقال أما أعجبتك؟ أليس فيها بلاغة؟ فردّ: لم أجد فيها أي بلاغة فغضب الخليفة وأسر للحاجب بحبسه بعد انفضاض المجلس لمدة شهر في حظيرة البقر، وخرج أبو نواس وبعد فترة تكرر الموقف وبدأ الخليفة في إسماع قصيدته فقام أبو نواس واتجه إلى المخرج فغضب الخليفة وقال له: إلى أين وأنا لم ألقِ القصيدة؟ فردّ أبو نواس: متجه إلى حظيرة البقر. المهم أن في ذاك الزمن الخلي أو المملوء بالنوادر، تفتق ذهن ذلك الحاكم بفكرة يتسلى بها ويتندر فطلب من وزيره لشؤون «مشي حالك»، أن يحضر له معلما يعلم الحمار كيف يقرأ ويكتب. وأحضر الوزير أحدهم فاعتذر لأن الأمر من المستحيلات، فأمر بقطع رأسه، وأحضر له آخر ولحق بخويه إلى دار الآخرة، والله ما عاد تشوفني. أما الثالث فقد حضر وهو يعلم آخرته ولكن ما للمضطر إلا ركوبها، فبلغ الحاكم أنه يستطيع تعليم الحمار، ولكن يا حضرة الحاكم لا يخفى عليكم أن المذكور حمار ويمكن يطلع حمار معتق، وأكيد يحتاج لوقت حتى يتعلم فهز الحاكم رأسه علامة الموافقة، وقال نعطيك سنة فرد المعلم قليلة، ما لكم وأطوالها فبعد مفاوضات ماراثونية، ولكن ليست فاشلة مثل حوارات الطرشان في ليبيا وسوريا واليمن وغيرها، اتفق على سبع سنوات. وطلب المعلم أن يزود يوميا بأكله وعلف حماره. وبعد شهر قرر الخليفة أن يفاجئ ذلك الأستاذ بزيارة للتأكد من قيامه بعمله، ولكي لا يعلم المعلم فيأخذ حذره فأتى على حين غرة، فوجد الأستاذ نائما والحمار مبرطع ويأكل الشعير ويمزمز البرسيم. فسكت وحضر ثاني يوم فوجد الوضع كما هو فأمر بإحضار المعلم وأخبره بأنه قام بزيارته خفية، ولم يجد منه أي شيء يدل على قيامه بمهمته، وختم أني أعلم أن ذاك مستحيل، فكيف قبلت المهمة فرد عليه: «يا إما يا إما يا إما»، فرد عليه الحاكم وضح ما قصدك، فأجاب: خلال السبع سنوات إما يموت الحمار أو أنا أو أنت. وهكذا يعيش أناس، خصوصا المفلسين في حياتهم، على الاحتمالات، ومش مهم العمل ينجح أو لا، المهم يسلم رأسه. وعساها ما حركت.
وأسمع المأمون القصيدة لهم وتخللتها همهمات الإحسان وآهات الإعجاب، وكان أبو نواس حاضرا وهو أحد الشعراء العباسيين الذين يشار لهم بـ«البنانين»، خلينا نبعزق، والتفت الخليفة إلى أبي نواس، وقال أما أعجبتك؟ أليس فيها بلاغة؟ فردّ: لم أجد فيها أي بلاغة فغضب الخليفة وأسر للحاجب بحبسه بعد انفضاض المجلس لمدة شهر في حظيرة البقر، وخرج أبو نواس وبعد فترة تكرر الموقف وبدأ الخليفة في إسماع قصيدته فقام أبو نواس واتجه إلى المخرج فغضب الخليفة وقال له: إلى أين وأنا لم ألقِ القصيدة؟ فردّ أبو نواس: متجه إلى حظيرة البقر. المهم أن في ذاك الزمن الخلي أو المملوء بالنوادر، تفتق ذهن ذلك الحاكم بفكرة يتسلى بها ويتندر فطلب من وزيره لشؤون «مشي حالك»، أن يحضر له معلما يعلم الحمار كيف يقرأ ويكتب. وأحضر الوزير أحدهم فاعتذر لأن الأمر من المستحيلات، فأمر بقطع رأسه، وأحضر له آخر ولحق بخويه إلى دار الآخرة، والله ما عاد تشوفني. أما الثالث فقد حضر وهو يعلم آخرته ولكن ما للمضطر إلا ركوبها، فبلغ الحاكم أنه يستطيع تعليم الحمار، ولكن يا حضرة الحاكم لا يخفى عليكم أن المذكور حمار ويمكن يطلع حمار معتق، وأكيد يحتاج لوقت حتى يتعلم فهز الحاكم رأسه علامة الموافقة، وقال نعطيك سنة فرد المعلم قليلة، ما لكم وأطوالها فبعد مفاوضات ماراثونية، ولكن ليست فاشلة مثل حوارات الطرشان في ليبيا وسوريا واليمن وغيرها، اتفق على سبع سنوات. وطلب المعلم أن يزود يوميا بأكله وعلف حماره. وبعد شهر قرر الخليفة أن يفاجئ ذلك الأستاذ بزيارة للتأكد من قيامه بعمله، ولكي لا يعلم المعلم فيأخذ حذره فأتى على حين غرة، فوجد الأستاذ نائما والحمار مبرطع ويأكل الشعير ويمزمز البرسيم. فسكت وحضر ثاني يوم فوجد الوضع كما هو فأمر بإحضار المعلم وأخبره بأنه قام بزيارته خفية، ولم يجد منه أي شيء يدل على قيامه بمهمته، وختم أني أعلم أن ذاك مستحيل، فكيف قبلت المهمة فرد عليه: «يا إما يا إما يا إما»، فرد عليه الحاكم وضح ما قصدك، فأجاب: خلال السبع سنوات إما يموت الحمار أو أنا أو أنت. وهكذا يعيش أناس، خصوصا المفلسين في حياتهم، على الاحتمالات، ومش مهم العمل ينجح أو لا، المهم يسلم رأسه. وعساها ما حركت.