الثقافة – بمفهوم العادات والأعراف والقيم الأخلاقية – لها تعريف ضيق وآخر شامل. الأول يحصرها في منتج النشاط الذهني عالي المستوى.. وهذا ما تدور في فلكه طبقة المثقفين. والآخر، يعتبر أوسع مساحة، لأنه يشمل كل النشاطات الذهنية والسلوكية والجسدية.. الشعبية والرسمية.. الحية والموروثة. أي كل ما يجمع هوية مجتمع أو جماعة.. في أسلوب حياة. وهذا المفهوم هو ما يثار حوله الجدل والرغبة في التحكم به من قِبل التوجهات الفكرية.
الصراع المتناقض والمستمر داخل العالم الافتراضي ووسائل التواصل الاجتماعي بكافة أشكالها.. يدور حول ثقافة المجتمع: بين التقليدية والتغريبية. وهذا مؤشر واضح وطبيعي للرغبة في الاستحواذ على هوية المجتمع من قِبل طرف على حساب آخر.
النقاش حول حراك المجتمع بكل تفاعلاته وتحولاته..، يدور دائماً حول تحديد الخط الأدنى الذي يجب أن يفصل بين الثقافة المجتمعية القديمة والثقافة المعاصرة؛ التي يرى البعض أنها ضرورة للتعايش مع بقية العالم والسير في ركب الحضارة.
الخطاب الذي ينادي بالبقاء في الماضي ويربط بينه وبين العودة للحضارة الإسلامية؛ يعتقد أن ارتقاء المسلمين لمجد الحضارة مرة أخرى لن يتم إلا عبر ثقافة المجتمع الإسلامي الأول. وهذا الخطاب حمّّال أوجه، وإن اعتقد البعض أنه لا يفهم الحضارة بشكلها الصحيح.
الخطاب المناقض، يرى أن تبني الثقافة المعاصرة – الغربية بشكل عام – هو البوابة الوحيدة لدخول المستقبل الكوني ومواكبة الحضارة الإنسانية الحديثة. وهو بالتالي يشير إلى أن الثقافة المحلية بوضعها التقليدي عاجزة عن بناء مجتمع حضاري، لذا، حسب هذه الرؤية، يجب فصلها والاستقلال عنها.
هذه المفاهيم للحضارة تلقي بظلالها على واقع المجتمع، فتنقسم الشرائح الاجتماعية إلى فئتين؛ الأولى تنادي بالمحافظة على التقليدية، والثانية تنادي بالتبني الحديث.. وكأنهما خطان متوازيان لا يلتقيان.
التوجهان الفكريان صحيحان من منظور ثقافي بحت، إذا تم دمجهما معاً. فصناعة الحضارة والمدنية في أي مجتمع لم تخرج عن دائرة الثقافة التقليدية (خطاب الماضي) الممتدة والمتواصلة مع الثقافة المعاصرة (خطاب التبنِّي). بمعنى أن ثقافة الحضارة والمعاصرة لا تعني الانفصال عن التراث ولا يفترض أن تكون مفصولة عن الموروث الشعبي للمجتمع، بل ترتدي هويته. هي حالة توازن بين الماضي والمستقبل. أي أن رؤيتها حضارة عالمية.. ولكن إستراتيجيتها ثقافة محلية ممتدة من الماضي العتيق.
عند صناعة هذه التوليفة بشكل متوازن، يستطيع المجتمع أن يتبنى حضارة كونية معاصرة بذائقة الهوية المحلية العريقة.
* كاتبة سعودي
anmar20@yahoo.com
الصراع المتناقض والمستمر داخل العالم الافتراضي ووسائل التواصل الاجتماعي بكافة أشكالها.. يدور حول ثقافة المجتمع: بين التقليدية والتغريبية. وهذا مؤشر واضح وطبيعي للرغبة في الاستحواذ على هوية المجتمع من قِبل طرف على حساب آخر.
النقاش حول حراك المجتمع بكل تفاعلاته وتحولاته..، يدور دائماً حول تحديد الخط الأدنى الذي يجب أن يفصل بين الثقافة المجتمعية القديمة والثقافة المعاصرة؛ التي يرى البعض أنها ضرورة للتعايش مع بقية العالم والسير في ركب الحضارة.
الخطاب الذي ينادي بالبقاء في الماضي ويربط بينه وبين العودة للحضارة الإسلامية؛ يعتقد أن ارتقاء المسلمين لمجد الحضارة مرة أخرى لن يتم إلا عبر ثقافة المجتمع الإسلامي الأول. وهذا الخطاب حمّّال أوجه، وإن اعتقد البعض أنه لا يفهم الحضارة بشكلها الصحيح.
الخطاب المناقض، يرى أن تبني الثقافة المعاصرة – الغربية بشكل عام – هو البوابة الوحيدة لدخول المستقبل الكوني ومواكبة الحضارة الإنسانية الحديثة. وهو بالتالي يشير إلى أن الثقافة المحلية بوضعها التقليدي عاجزة عن بناء مجتمع حضاري، لذا، حسب هذه الرؤية، يجب فصلها والاستقلال عنها.
هذه المفاهيم للحضارة تلقي بظلالها على واقع المجتمع، فتنقسم الشرائح الاجتماعية إلى فئتين؛ الأولى تنادي بالمحافظة على التقليدية، والثانية تنادي بالتبني الحديث.. وكأنهما خطان متوازيان لا يلتقيان.
التوجهان الفكريان صحيحان من منظور ثقافي بحت، إذا تم دمجهما معاً. فصناعة الحضارة والمدنية في أي مجتمع لم تخرج عن دائرة الثقافة التقليدية (خطاب الماضي) الممتدة والمتواصلة مع الثقافة المعاصرة (خطاب التبنِّي). بمعنى أن ثقافة الحضارة والمعاصرة لا تعني الانفصال عن التراث ولا يفترض أن تكون مفصولة عن الموروث الشعبي للمجتمع، بل ترتدي هويته. هي حالة توازن بين الماضي والمستقبل. أي أن رؤيتها حضارة عالمية.. ولكن إستراتيجيتها ثقافة محلية ممتدة من الماضي العتيق.
عند صناعة هذه التوليفة بشكل متوازن، يستطيع المجتمع أن يتبنى حضارة كونية معاصرة بذائقة الهوية المحلية العريقة.
* كاتبة سعودي
anmar20@yahoo.com