يغيب على البعض حقائق في السياسة تكاد أن تكون ثابتة، ومن هذه الحقائق:
١- لا شيء يدوم على حاله وكما قيل «بقاء الحال من المحال».
٢- القوة والسلطة لا تدومان.
٣- مغبة سوء التقدير والتقييم.
كل هذه المعطيات والحقائق نجدها تتجلى في الحراك والثورة اللبنانية. فقد ظن وأعتقد جميع القادة اللبنانيين أن حال لبنان والتركيبة الطائفية والأسرية والمجتمعية دائمة باقية لا تتغير.
حزب الله وحركة أمل تعاملت مع طائفتها من هذا المنطلق. وظن القادة أن الطائفة ولاؤها لقادتها ولن يتغير هذا الولاء. غاب عن حسابات حسن نصر الله وعن مساعديه والمنتفعين حقيقة مفهوم الولاء، كما غاب عن ضميره (إن كان له ضمير) مفهوم الوطن.
الولاء يعني الشعور الإيجابي المتولد عن شخص تجاه منظمة أو سلطة أو وطن. وفي القاموس السياسي يعتبر الولاء مبدأ أخلاقيا، وواجبا وطنيا. فالولاء ليس التبعية ولا الطائفية وإنما هو الإخلاص والوفاء والمناصرة والتأييد.
لقد غر وخدع حسن نصر الله شعوره بتبعية الطائفة الشيعية له، فجعله هذا الإحساس يعتقد أنه قابض ومسيطر على زمام الأمور، مستندا إلى ما يظنه ولاء من شيعته، وضاع عنه أن الولاء شعور إيجابي نابع عن حب وإخلاص لما يقدمه الوالي من إخلاص وحب ونصرة لشعبه، وأن هذا الولاء يتلاشى بمجرد أن يكتشف الموالي أو المناصر أو المؤيد أنه وقع في غش وخداع وتضليل.
لقد هب اللبنانيون هبة رجل واحد بجميع فصائلهم وطوائفهم ليقولوا للجميع «كلن يعني كلن» كما نشر في مواقع الإعلام، وكما أشار إليه في مقالة الأستاذ جميل الذيابي.
اعتمد حسن نصر الله أنه بقوته الغاشمة سيختطف اللبنانيين وأن ذلك يجعله يسيطر على المشهد اللبناني ومحيطه. ولم يعرف أن القوة والسلطة لا تمنح الاستقرار والبقاء. فكل القوى الغاشمة كان مصيرها الزوال مهما طال بها الزمان.
إن مغبة سوء التقدير والتقييم الذي مرجعه إما عن المغالاة والإفراط في الثقة في النفس وإما عن الثقة في القدرة الذاتية على مواجهة الآخر. هذا السوء في التقدير والتقييم سوف ينتهي بأزمة وفشل ذريع لصاحبها. وهذا ما حصل لقادة لبنان الذين لم يتعظوا من ما حدث للآخرين في العراق وللعديد من الطغاة.
الدرس الذي أعطاه اللبنانيون للعالم أن رضاء المواطن البسيط هو سر القوة الحقيقية. فلم يغن حزب الله الاستقواء بإيران أو القوى الخارجية، ولم يغن القادة اللبنانيين الطائفية أو المحاصصة أو الموروث الذي اعتمدوا عليه.
لبنان بالرغم من طائفيته أثبت أنه قادر على تجاوزها، لأن لبنان غنيّ بتعدد ثقافاته وتنوع حضاراته، ومواطنه البسيط يعكس الألوان الجميلة والتنوع والتباين كألوان قوس قزح. لقد أثبت اللبناني أن رضاء الإنسان البسيط هو القوة الحقيقية. اليوم لن ينفع القادة أن يقولوا كما قال الشاعر:
«أعطيني كفك يا جوهرة الليل، وزنبقة البلدان نعترف الآن.. بأنا كنا ساديين، ودمويين.. وكنا وكلاء الشيطان يا ست الدنيا يا بيروت.. قومي من تحت الردم، كزهرة لوز في نيسان قومي من حزنك.. إن الثورة تولد من رحم الأحزان قومي إكراماً للغابات.. وللأنهار.. وللوديان.. قومي إكراماً للإنسان.. إنا أخطأنا يا بيروت.. وجئنا نلتمس الغفران».
* مستشار قانوني وكاتب سعودي
osamayamani@
yamani.osama@gmail.com
١- لا شيء يدوم على حاله وكما قيل «بقاء الحال من المحال».
٢- القوة والسلطة لا تدومان.
٣- مغبة سوء التقدير والتقييم.
كل هذه المعطيات والحقائق نجدها تتجلى في الحراك والثورة اللبنانية. فقد ظن وأعتقد جميع القادة اللبنانيين أن حال لبنان والتركيبة الطائفية والأسرية والمجتمعية دائمة باقية لا تتغير.
حزب الله وحركة أمل تعاملت مع طائفتها من هذا المنطلق. وظن القادة أن الطائفة ولاؤها لقادتها ولن يتغير هذا الولاء. غاب عن حسابات حسن نصر الله وعن مساعديه والمنتفعين حقيقة مفهوم الولاء، كما غاب عن ضميره (إن كان له ضمير) مفهوم الوطن.
الولاء يعني الشعور الإيجابي المتولد عن شخص تجاه منظمة أو سلطة أو وطن. وفي القاموس السياسي يعتبر الولاء مبدأ أخلاقيا، وواجبا وطنيا. فالولاء ليس التبعية ولا الطائفية وإنما هو الإخلاص والوفاء والمناصرة والتأييد.
لقد غر وخدع حسن نصر الله شعوره بتبعية الطائفة الشيعية له، فجعله هذا الإحساس يعتقد أنه قابض ومسيطر على زمام الأمور، مستندا إلى ما يظنه ولاء من شيعته، وضاع عنه أن الولاء شعور إيجابي نابع عن حب وإخلاص لما يقدمه الوالي من إخلاص وحب ونصرة لشعبه، وأن هذا الولاء يتلاشى بمجرد أن يكتشف الموالي أو المناصر أو المؤيد أنه وقع في غش وخداع وتضليل.
لقد هب اللبنانيون هبة رجل واحد بجميع فصائلهم وطوائفهم ليقولوا للجميع «كلن يعني كلن» كما نشر في مواقع الإعلام، وكما أشار إليه في مقالة الأستاذ جميل الذيابي.
اعتمد حسن نصر الله أنه بقوته الغاشمة سيختطف اللبنانيين وأن ذلك يجعله يسيطر على المشهد اللبناني ومحيطه. ولم يعرف أن القوة والسلطة لا تمنح الاستقرار والبقاء. فكل القوى الغاشمة كان مصيرها الزوال مهما طال بها الزمان.
إن مغبة سوء التقدير والتقييم الذي مرجعه إما عن المغالاة والإفراط في الثقة في النفس وإما عن الثقة في القدرة الذاتية على مواجهة الآخر. هذا السوء في التقدير والتقييم سوف ينتهي بأزمة وفشل ذريع لصاحبها. وهذا ما حصل لقادة لبنان الذين لم يتعظوا من ما حدث للآخرين في العراق وللعديد من الطغاة.
الدرس الذي أعطاه اللبنانيون للعالم أن رضاء المواطن البسيط هو سر القوة الحقيقية. فلم يغن حزب الله الاستقواء بإيران أو القوى الخارجية، ولم يغن القادة اللبنانيين الطائفية أو المحاصصة أو الموروث الذي اعتمدوا عليه.
لبنان بالرغم من طائفيته أثبت أنه قادر على تجاوزها، لأن لبنان غنيّ بتعدد ثقافاته وتنوع حضاراته، ومواطنه البسيط يعكس الألوان الجميلة والتنوع والتباين كألوان قوس قزح. لقد أثبت اللبناني أن رضاء الإنسان البسيط هو القوة الحقيقية. اليوم لن ينفع القادة أن يقولوا كما قال الشاعر:
«أعطيني كفك يا جوهرة الليل، وزنبقة البلدان نعترف الآن.. بأنا كنا ساديين، ودمويين.. وكنا وكلاء الشيطان يا ست الدنيا يا بيروت.. قومي من تحت الردم، كزهرة لوز في نيسان قومي من حزنك.. إن الثورة تولد من رحم الأحزان قومي إكراماً للغابات.. وللأنهار.. وللوديان.. قومي إكراماً للإنسان.. إنا أخطأنا يا بيروت.. وجئنا نلتمس الغفران».
* مستشار قانوني وكاتب سعودي
osamayamani@
yamani.osama@gmail.com