لا فرق بين الأنظمة الديمقراطية والأنظمة الشمولية، عندما تصبح الحكومات أدوات لتجويع شعوبها وإذلالهم وسلبهم كرامتهم. فالكرامة خط أحمر عند الشعوب، لأنها مركب يجمع التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وهو ما يتحكم بالخيط الأخير بين الشعب والحكومة أو النظام الرسمي للدولة ككل، وهو ما يتحكم بتوقيت وحجم ردة فعل الشعب أو المجتمع تجاه القرارات التي يعدها استفزازية له. وخط الكرامة يتحكم بردة فعل الأمن والقوات الأمنية تجاه الشعب إذا انتفض أو ثار ضد قرارات حكومته.
خلال السنوات القليلة الماضية تعرض الشعبان العراقي واللبناني لأصناف التجويع والإفقار وغياب أو تغييب الخدمات الأساسية في الكهرباء والصحة والتعليم والتنمية، ليس لقلة العقول العراقية واللبنانية القادرة على إيجاد الحلول والمخرج من تلك الأزمات، وليس من ندرة الموارد البشرية أو لشح الموارد الطبيعية في بلدين عريقين بالحضارة الإنسانية والتجارب البشرية، إنما تعرض الشعبان العراقي واللبناني لكل هذه المآسي بفعل فاعل وهو الفساد المنظم والمنتظم، هذا الفساد الذي يستمد شرعيته وديمومته من السلطة السياسية الطائفية المنبثقة عن الدستور في البلدين.
ما أشبه العراق بلبنان، وما أشبه نظام المحاصصة الطائفية العراقي بنظام المحاصصة الطائفية اللبناني، وما أشبه الطبقة الطائفية السياسية في العراق بنظيرتها الطبقة الطائفية السياسية في لبنان، وما أشبه الفساد السياسي الطائفي في العراق بنظيره في لبنان.
عندما يقع الزواج الدائم بين النظام السياسي الطائفي وآليات الفساد الإداري والمالي في المجتمع فهذا مؤشر على كارثة ليست اقتصادية أو سياسية فحسب، إنما هو مؤشر على استشراء الظلم. إن ما دفع بالعراقيين واللبنانيين بهذه الملايين البشرية إلى كافة شوارع المدن والشوارع والميادين العراقية واللبنانية ليس دليلا على كارثة سياسية فقط أو كارثة اقتصادية، إنما هو دليل على وقوع ظلم كبير للشعبين. إن ما يعاني منه الشعبان العراقي واللبناني من أزمات خلال السنوات الماضية لا يمكن حصرها في البعد الاقتصادي فحسب أو في الجانب السياسي أو الاجتماعي فحسب، لكنها في كل تلك الجوانب وهذا ما يمكن أن يفضي إلى الظلم العام، الذي يمتد عبر كافة الطوائف وعبر كافة المناطق ولا ينجو منه إلا الفاسدون. ومن المؤسف القول إن النظامين السياسيين الطائفيين في العراق الشقيق ولبنان الشقيق هما نظامان منتجان للظلم الشعبي العام الذي لا ينجو منه إلا الفاسدون والقلة القليلة جدا، وذلك نتيجة لزواج حتمي بين الطائفية السياسية وكافة أدوات الفساد الإداري والمالي والأخلاقي.
يقول أحد الفلاسفة بأن «الظلم لا يولد الثورات، إنما يولد الثورات الإحساسُ بالظلم». الحقيقة أن وجود مظلوم يعني بالضرورة وجود ظالم، لكن الحقيقة كذلك، أنه ليست هناك ساعة تضبط تحملَ المظلوم لما ومتى يقع عليه من ظلم، وليس هناك ميزان يَزِنُ حجم الظلم الذي عنده يتوقف الظالم عن ممارسة ظلمه، ويكفر المظلوم بكل من ظلموه وأدوات ظلمهم وأساليبهم في القهر والعبودية الطائفية التي تمتهن كرامة الإنسان وعقل الإنسان وقيمة الإنسان.
إن أوجه الشبه بين الثورتين العراقية واللبنانية كثيرة وكبيرة، تماما مثلما أن أوجه الشبه بين الفساد في البلدين كبيرة وكثيرة، ومثلما أن أوجه الشبه بين النظامين السياسيين الطائفيين في البلدين كثيرة وكبيرة.
لذلك، من مصلحة الثورتين العراقية واللبنانية التنسيق إعلاميا على الأقل وسياسيا في حدها الأعلى، وذلك لضمان كسر الطوق الإعلامي الذي يحاول أن يفرضه الإعلام الغربي وبعض الإعلام العربي خاصة على الثورة العراقية لأسباب بعضها معروف ومتوقع.
* كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org
خلال السنوات القليلة الماضية تعرض الشعبان العراقي واللبناني لأصناف التجويع والإفقار وغياب أو تغييب الخدمات الأساسية في الكهرباء والصحة والتعليم والتنمية، ليس لقلة العقول العراقية واللبنانية القادرة على إيجاد الحلول والمخرج من تلك الأزمات، وليس من ندرة الموارد البشرية أو لشح الموارد الطبيعية في بلدين عريقين بالحضارة الإنسانية والتجارب البشرية، إنما تعرض الشعبان العراقي واللبناني لكل هذه المآسي بفعل فاعل وهو الفساد المنظم والمنتظم، هذا الفساد الذي يستمد شرعيته وديمومته من السلطة السياسية الطائفية المنبثقة عن الدستور في البلدين.
ما أشبه العراق بلبنان، وما أشبه نظام المحاصصة الطائفية العراقي بنظام المحاصصة الطائفية اللبناني، وما أشبه الطبقة الطائفية السياسية في العراق بنظيرتها الطبقة الطائفية السياسية في لبنان، وما أشبه الفساد السياسي الطائفي في العراق بنظيره في لبنان.
عندما يقع الزواج الدائم بين النظام السياسي الطائفي وآليات الفساد الإداري والمالي في المجتمع فهذا مؤشر على كارثة ليست اقتصادية أو سياسية فحسب، إنما هو مؤشر على استشراء الظلم. إن ما دفع بالعراقيين واللبنانيين بهذه الملايين البشرية إلى كافة شوارع المدن والشوارع والميادين العراقية واللبنانية ليس دليلا على كارثة سياسية فقط أو كارثة اقتصادية، إنما هو دليل على وقوع ظلم كبير للشعبين. إن ما يعاني منه الشعبان العراقي واللبناني من أزمات خلال السنوات الماضية لا يمكن حصرها في البعد الاقتصادي فحسب أو في الجانب السياسي أو الاجتماعي فحسب، لكنها في كل تلك الجوانب وهذا ما يمكن أن يفضي إلى الظلم العام، الذي يمتد عبر كافة الطوائف وعبر كافة المناطق ولا ينجو منه إلا الفاسدون. ومن المؤسف القول إن النظامين السياسيين الطائفيين في العراق الشقيق ولبنان الشقيق هما نظامان منتجان للظلم الشعبي العام الذي لا ينجو منه إلا الفاسدون والقلة القليلة جدا، وذلك نتيجة لزواج حتمي بين الطائفية السياسية وكافة أدوات الفساد الإداري والمالي والأخلاقي.
يقول أحد الفلاسفة بأن «الظلم لا يولد الثورات، إنما يولد الثورات الإحساسُ بالظلم». الحقيقة أن وجود مظلوم يعني بالضرورة وجود ظالم، لكن الحقيقة كذلك، أنه ليست هناك ساعة تضبط تحملَ المظلوم لما ومتى يقع عليه من ظلم، وليس هناك ميزان يَزِنُ حجم الظلم الذي عنده يتوقف الظالم عن ممارسة ظلمه، ويكفر المظلوم بكل من ظلموه وأدوات ظلمهم وأساليبهم في القهر والعبودية الطائفية التي تمتهن كرامة الإنسان وعقل الإنسان وقيمة الإنسان.
إن أوجه الشبه بين الثورتين العراقية واللبنانية كثيرة وكبيرة، تماما مثلما أن أوجه الشبه بين الفساد في البلدين كبيرة وكثيرة، ومثلما أن أوجه الشبه بين النظامين السياسيين الطائفيين في البلدين كثيرة وكبيرة.
لذلك، من مصلحة الثورتين العراقية واللبنانية التنسيق إعلاميا على الأقل وسياسيا في حدها الأعلى، وذلك لضمان كسر الطوق الإعلامي الذي يحاول أن يفرضه الإعلام الغربي وبعض الإعلام العربي خاصة على الثورة العراقية لأسباب بعضها معروف ومتوقع.
* كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org