لا شك عندي أن حزب الله ومعه زعيمه «المتغطرس» حسن نصر الله، وكل الشارع «المتشيع سياسيا»، الممتد من الدوحة شرقا مرورا بالمنبع الرئيس في طهران وانتهاء بحماس في جنوب إسرائيل كانوا أكثر المتفاجئين من قدرة الشارع اللبناني على الصمود أمام آلة الترويع والخوف والبطش التي أطلقها الحزب في شوارع لبنان.
لقد عمل حسن نصر الله طوال ثلاثين سنة على ثلاثة خطابات متوازية؛ الأول: تقديم نفسه وحزبه كمدافعين عن المظلومية السياسية والاجتماعية ليس في لبنان وحده بل في العالم العربي كله.
الثاني: الاستحواذ على الطبقة السياسية والعسكرية إما بالمال أو المخدرات أو الابتزاز أو بالتخويف والتهديد للسيطرة على سيادة لبنان، وما اغتيال الحريري إلا عقاب له على محاولته الانفكاك من سيطرة حزب الله.
الثالث: اختطاف وجدان الشارع اللبناني تماما وابتزازه وإبقاؤه على أرصفة الضاحية، تارة باسم مقاومة إسرائيل، وتارة بأن سلاح الحزب خط أحمر مع وعود واهية بتحوله إلى شكل سياسي فور انتهاء الاحتلال الإسرائيلي للشريط الحدودي، ومع أن الانسحاب حصل إلا أن نصر الله فتح معارك جديدة كلها باسم المقاومة الواهية.
غرست آلة الحزب قيمة أخرى وهي ثقافة «الزعران» فكلما غضب «السيد» أو تكدر مزاجه، خرج من سردابه مغاضبا وملوحا بيده وأصبعه عبر الشاشة الكبيرة داعيا «زعرانة» لاستباحة بيروت أو تنفيذ جرائم قتل منظمة بحق سياسيين وإعلاميين ورجال أمن لبنانيين، يجب أن لا ننسى أن الحزب اغتال ما يزيد على 12 من رموز لبنان.
يبدو المشهد اليوم مقلقا جدا في لبنان، فالشعب يخوض معركة تحرير حقيقية ومن الظلم وصفها بالاحتجاجات أو المظاهرات، إنها حرب استقلال جديدة ضد «العهد» الذي سهل احتلال لبنان ومن ورائه نصر الله وإيران.
علينا أن نتذكر أن ما حصل في بيروت في 2008 قد يتكرر مجددا ولكن بأكثر دموية، ففي تلك اللحظة السوداء تدفق الآلاف من مليشيات حزب الله باتجاه طريق جديدة ورأس بيروت أهم معاقل السنة واستباحوها حتى وصلوا لقصر قريطم مقر المرحوم الرئيس رفيق الحريري، كان القصد إعادة اغتياله في وجدان مناصريه، لم يتوقف الزحف البربري عند ذلك الحد بل صعدوا باتجاه الجبل حيث الطائفة الدرزية وقصفوها بالمدافع، كانت أياما عصيبة كسر الحزبُ فيها اللبنانيين ومعهم عاصمتهم بيروت بل كل وطنهم لبنان، ومنذ تلك اللحظة ظن حزب حسن نصر الله أن لبنان أصبح «بجيبتو الزغيرة».
لا أعرف كيف أقتنع حسن بذلك، ولا من أقنعه، لكني أفهم أنا ومعي جمهور عريض أن الإسلاميين – شيعة وسنة - هم أسوأ من يتعاطى السياسة، ويرسمون خططهم على الأمنيات ولا يحلون خلافاتهم إلا بالسلاح والاغتيال والاستباحة، نعم.. قد ينجح ذلك بعض الوقت لكن بالتأكيد ليس كل الوقت.
ليلة أول من أمس خرج سعد الحريري معلنا استقالته من حكومة كان للأسف هو الغطاء الشرعي لها، ولولاه لما قامت لها قائمة طوال السنوات الثلاث الماضية، من المهم اليوم أن لا نبكي على اللبن المسكوب، بل أن نعزز قيمة ما فعله سعد في مواجهة طغيان حسن.
من يراجع الأداء السياسي والإعلامي لحسن نصر الله خلال الأسابيع الماضية يفهم تماما المأزق الذي وصل إليه هو وفريقه ومحازبيه، بعدما ظن كل الظن أنه المرشد الأعلى للبنان.
كان حزب الله يتغنى بتمويل طهران ويعززها بأموال المخدرات، وعندما انقطع «بزبوز» المال، مد يده على «جيبة» اللبنانيين، إنه أسلوب «السارقين» وقطاع الطرق يا حسن، لقد بنى «السيد» مشروعيته على المال القذر، وعندما جاع الناس خرجوا إلى الشوارع ضاربين بمرجعيته الدينية عرض الحائط، لقد نسي في غفلة غروره أن الجوع كافر.
* كاتب سعودي
massaaed@
m.assaaed@gmail.com
لقد عمل حسن نصر الله طوال ثلاثين سنة على ثلاثة خطابات متوازية؛ الأول: تقديم نفسه وحزبه كمدافعين عن المظلومية السياسية والاجتماعية ليس في لبنان وحده بل في العالم العربي كله.
الثاني: الاستحواذ على الطبقة السياسية والعسكرية إما بالمال أو المخدرات أو الابتزاز أو بالتخويف والتهديد للسيطرة على سيادة لبنان، وما اغتيال الحريري إلا عقاب له على محاولته الانفكاك من سيطرة حزب الله.
الثالث: اختطاف وجدان الشارع اللبناني تماما وابتزازه وإبقاؤه على أرصفة الضاحية، تارة باسم مقاومة إسرائيل، وتارة بأن سلاح الحزب خط أحمر مع وعود واهية بتحوله إلى شكل سياسي فور انتهاء الاحتلال الإسرائيلي للشريط الحدودي، ومع أن الانسحاب حصل إلا أن نصر الله فتح معارك جديدة كلها باسم المقاومة الواهية.
غرست آلة الحزب قيمة أخرى وهي ثقافة «الزعران» فكلما غضب «السيد» أو تكدر مزاجه، خرج من سردابه مغاضبا وملوحا بيده وأصبعه عبر الشاشة الكبيرة داعيا «زعرانة» لاستباحة بيروت أو تنفيذ جرائم قتل منظمة بحق سياسيين وإعلاميين ورجال أمن لبنانيين، يجب أن لا ننسى أن الحزب اغتال ما يزيد على 12 من رموز لبنان.
يبدو المشهد اليوم مقلقا جدا في لبنان، فالشعب يخوض معركة تحرير حقيقية ومن الظلم وصفها بالاحتجاجات أو المظاهرات، إنها حرب استقلال جديدة ضد «العهد» الذي سهل احتلال لبنان ومن ورائه نصر الله وإيران.
علينا أن نتذكر أن ما حصل في بيروت في 2008 قد يتكرر مجددا ولكن بأكثر دموية، ففي تلك اللحظة السوداء تدفق الآلاف من مليشيات حزب الله باتجاه طريق جديدة ورأس بيروت أهم معاقل السنة واستباحوها حتى وصلوا لقصر قريطم مقر المرحوم الرئيس رفيق الحريري، كان القصد إعادة اغتياله في وجدان مناصريه، لم يتوقف الزحف البربري عند ذلك الحد بل صعدوا باتجاه الجبل حيث الطائفة الدرزية وقصفوها بالمدافع، كانت أياما عصيبة كسر الحزبُ فيها اللبنانيين ومعهم عاصمتهم بيروت بل كل وطنهم لبنان، ومنذ تلك اللحظة ظن حزب حسن نصر الله أن لبنان أصبح «بجيبتو الزغيرة».
لا أعرف كيف أقتنع حسن بذلك، ولا من أقنعه، لكني أفهم أنا ومعي جمهور عريض أن الإسلاميين – شيعة وسنة - هم أسوأ من يتعاطى السياسة، ويرسمون خططهم على الأمنيات ولا يحلون خلافاتهم إلا بالسلاح والاغتيال والاستباحة، نعم.. قد ينجح ذلك بعض الوقت لكن بالتأكيد ليس كل الوقت.
ليلة أول من أمس خرج سعد الحريري معلنا استقالته من حكومة كان للأسف هو الغطاء الشرعي لها، ولولاه لما قامت لها قائمة طوال السنوات الثلاث الماضية، من المهم اليوم أن لا نبكي على اللبن المسكوب، بل أن نعزز قيمة ما فعله سعد في مواجهة طغيان حسن.
من يراجع الأداء السياسي والإعلامي لحسن نصر الله خلال الأسابيع الماضية يفهم تماما المأزق الذي وصل إليه هو وفريقه ومحازبيه، بعدما ظن كل الظن أنه المرشد الأعلى للبنان.
كان حزب الله يتغنى بتمويل طهران ويعززها بأموال المخدرات، وعندما انقطع «بزبوز» المال، مد يده على «جيبة» اللبنانيين، إنه أسلوب «السارقين» وقطاع الطرق يا حسن، لقد بنى «السيد» مشروعيته على المال القذر، وعندما جاع الناس خرجوا إلى الشوارع ضاربين بمرجعيته الدينية عرض الحائط، لقد نسي في غفلة غروره أن الجوع كافر.
* كاتب سعودي
massaaed@
m.assaaed@gmail.com