الوعظ صنعة. والمهارة فيه تحتاج دُربة ومعرفة. ومن المعرفة اللازمة للواعظ درايته التامة بفقه الواقع. ففي زمن كانت وسائل الاتصال بالعالم خارج جزيرة العرب بدائية. إلا أن النبي عليه الصلاة والسلام كان مثالياً في نظرته للآخر، وإيجابياً في ذكر محاسن المخالف، ولذا قال لأصحابه المستضعفين في مكة «إن بالحبشة ملكاً لا يُظلم عنده أحد، فلو خرجتم إليه حتى يجعل الله لكم فرجا».
هل يحصي الوعاظ ممن يتطاولون بالدعاء عدد المبتعثين من أبنائنا وبناتنا ممن يعيشون في بيوت أتباع ديانات إبراهيمية. وهم يُعاملون معاملة حسنة. ويتعايشون معهم في أمثل صور التعايش وكأن أحدهم بين أهله، إذ لم يعد هناك حدود أو فواصل أو حالة عداء مستحكم مع المختلف والمخالف.
الواعظ التقليدي يعظ الناس على طريقته، ويجهل أن بين الموعوظين من يتجاوزه بالعلم وتعدد اللغات والمعرفة. وبعضهم لا يأبه لما يقول الواعظ لانزياحه عن الواقع (فيخرج ما سمعه بأذنه اليمنى من أذنه اليسرى) وبعضهم يقلب كفيه عندما يبدأ الواعظ الدعاء على الآخرين.
لماذا لم يعد لبعض الوعظ تأثير؟ الجواب ليس صعباً. الواعظ كان سيد المشهد منه تسمع الخبر، والقصة والحكاية والأسطورة وحتى الخرافات التي تكاثرت زمن التخلف والعصور المظلمة التي أدخلت فيها الدول المتعاقبة إلى الإسلام ما ليس منه.
جاء المذياع فأزاح الواعظ وقلَّص دوره كونه يبث وعظاً ومعرفة، ثم جاء الرائي (التلفزيون) فسحر الألباب، وتطورت التقنية وأنتجت من الآلات والأدوات ما حجَّم دور الواعظ التقليدي حتى فقد بريقه وتضاءلت القابلية له.
ربما يتعذر على الواعظ التقليدي مواكبة عصره، كونه لسانيّ الهوية وبضاعته كلام، وليس من خبرات معرفية وعلمية، تهذب قناعاته وتفرض عليه الإيمان بالمشتركات والمنجزات البشرية والكشوفات التي لا يمكن نسبتها للوعظ بل للعلم.
الجيل الشاب اليوم تقني بامتياز و(ميدياوي) نسبة للميديا. جيل معرفي بامتياز لا يبني قراره وقناعاته ومشاعره على كلام. حتى يوثقه علمياً وقاموسياً ولا يقبل إلغاء عقله دون إتاحة الفرصة له للمناقشة ليعرف كل التفاصيل، كما أنه جيل رقمي ومستقبلي التوجه. يأنف من جرِّه للوراء.
الوعظ المعرفي يتمثل في موعظة حسنة تخاطب العقل بلغة عصره، وترفض الوصاية باسم خرافة أو كهنوت. والواعظ الذي يشد الناس للوراء لا يدرك أن التقنية تخطف أبصارهم من الأمام.
هل تمكن المصالحة بين الوعظ والمعرفة؟ نعم. إذا كان الوعظ تقدمياً وتنويرياً ووطنياً.
هل يحصي الوعاظ ممن يتطاولون بالدعاء عدد المبتعثين من أبنائنا وبناتنا ممن يعيشون في بيوت أتباع ديانات إبراهيمية. وهم يُعاملون معاملة حسنة. ويتعايشون معهم في أمثل صور التعايش وكأن أحدهم بين أهله، إذ لم يعد هناك حدود أو فواصل أو حالة عداء مستحكم مع المختلف والمخالف.
الواعظ التقليدي يعظ الناس على طريقته، ويجهل أن بين الموعوظين من يتجاوزه بالعلم وتعدد اللغات والمعرفة. وبعضهم لا يأبه لما يقول الواعظ لانزياحه عن الواقع (فيخرج ما سمعه بأذنه اليمنى من أذنه اليسرى) وبعضهم يقلب كفيه عندما يبدأ الواعظ الدعاء على الآخرين.
لماذا لم يعد لبعض الوعظ تأثير؟ الجواب ليس صعباً. الواعظ كان سيد المشهد منه تسمع الخبر، والقصة والحكاية والأسطورة وحتى الخرافات التي تكاثرت زمن التخلف والعصور المظلمة التي أدخلت فيها الدول المتعاقبة إلى الإسلام ما ليس منه.
جاء المذياع فأزاح الواعظ وقلَّص دوره كونه يبث وعظاً ومعرفة، ثم جاء الرائي (التلفزيون) فسحر الألباب، وتطورت التقنية وأنتجت من الآلات والأدوات ما حجَّم دور الواعظ التقليدي حتى فقد بريقه وتضاءلت القابلية له.
ربما يتعذر على الواعظ التقليدي مواكبة عصره، كونه لسانيّ الهوية وبضاعته كلام، وليس من خبرات معرفية وعلمية، تهذب قناعاته وتفرض عليه الإيمان بالمشتركات والمنجزات البشرية والكشوفات التي لا يمكن نسبتها للوعظ بل للعلم.
الجيل الشاب اليوم تقني بامتياز و(ميدياوي) نسبة للميديا. جيل معرفي بامتياز لا يبني قراره وقناعاته ومشاعره على كلام. حتى يوثقه علمياً وقاموسياً ولا يقبل إلغاء عقله دون إتاحة الفرصة له للمناقشة ليعرف كل التفاصيل، كما أنه جيل رقمي ومستقبلي التوجه. يأنف من جرِّه للوراء.
الوعظ المعرفي يتمثل في موعظة حسنة تخاطب العقل بلغة عصره، وترفض الوصاية باسم خرافة أو كهنوت. والواعظ الذي يشد الناس للوراء لا يدرك أن التقنية تخطف أبصارهم من الأمام.
هل تمكن المصالحة بين الوعظ والمعرفة؟ نعم. إذا كان الوعظ تقدمياً وتنويرياً ووطنياً.