لا شك أننا في حاجة لمصالحة مع أنفسنا ومع غيرنا، ومصالحة من الأعلى لمن هم أدنى، مصالحة تنشر السلام والود والوئام في المجتمع.
المصالحة مع النفس تعني وفاقا تاما وانسجاما وتناغما مع الذات بعيداً عن عقدة الذنب والقلق والشعور بالعداوة للآخرين، وحمل البغضاء والشحناء.
المصالحة مع الغير، وعلى المستوى العام تعني القبول بالآخر، والمساواة، والصفح، والبعد عن الأيديولوجية الخانقة المقيتة، والبعد عن التعصب أو التمذهب، وتعني كذلك على المستوى الوطني نبذ الفرقة، والسعي للتعايش وفق مفهوم العدالة والمساواة.
المصالحة لكي تتحقق لا بد أن تنبثق من إرادة ورغبة حقيقية، ولا بد أن ترتكز على تقبل الآخر عبر باب الحوار المفقود في عالمنا العربي، وهو حوار ينطلق ويتأسس على قبول كل منا للآخر.
نعم نحتاج إلى حوار يستطيع أن يقودنا إلى المصالحة؛ فلن يكون هناك تصالح إلا إذا تفهم كل واحد وجهة النظر الأخرى. ولا يعني التفهم الاقتناع أو الموافقة أو القبول وتوحد الآراء، لكن يعني الاحترام وعدم الاستخفاف بوجهة النظر الأخرى.
المصالحة هدف إنساني نسعى له على المستوى الشخصي؛ فالإنسان إذا تصالح مع نفسه عاش بسلام داخلي وطمأنينة وسكينة وهدوء. وكل ذلك سوف ينعكس على صحته وأدائه العملي والوظيفي، وكذلك سوف ينعكس على محيطه ومجتمعه وعلاقته الأسرية.
المصالحة يجب أن تكون أيضاً على المستوى الاجتماعي؛ لأن المجتمع المُتصالح مع أفراده يسوده الأمن والسلام وقيم المواطنة. وهو مجتمع يسعى ويعمل على البناء وليس الهدم والحروب الأهلية والقوة الغاشمة والعنف. وخير مثال على ذلك المصالحة الوطنية والإنسانية في راوندا التي أخرجت البلاد من ميراث وسجن الكراهية والعصبية إلى فضاء السلم والمحبة والبناء والازدهار.
المصالحة تتطلب التنازل عن كثير من القناعات التي تمنع وتعيق رؤية الصورة كاملة، كما أن المصالحة تحتاج لقرارات شجاعة، ونظرة بعيدة المدى بعيدة عن نشوة الانتصارات الزائفة والأرباح الوقتية.
المصالحة قرار صعب، قرار يحتاج للتحرر من أغلال وقيود القناعات والأفكار والتصورات الذهنية. المصالحة تقتضي إعادة الحسابات الوقتية والمصالح الآنية، لأن المصالحة خيار استراتيجي بعيد المدى، وإن كان صعبا على النفس تحمل تبعاته الفورية. ومهما ما يظهر أو يبدو من إخفاقات أولية في طريق المصالحة، إلا أنه في نهاية المطاف الخيار الأفضل والأحسن والأصلح، وهو خيار كله خير على كل الأوجه والأصعدة.
يقول «ستيقن كوفي» في كتابه «العادات السبع» عن المصالحة مع النفس: «أن تتصالح مع ذاتك يعني أن تترك الوعظ جانباً وتهبط إلى المجتمع حتى تفهم مكوناته، وتستوعب تقلّباته التي تشكّل في خضم تناقضاتها نسيجه اللامحدود، الذي لم يزده الوعظ تماسكاً».
كما يعتقد ابن خلدون بأن الوعظ في أحيان كثيرة، يؤدي إلى سفك الدماء؛ فالناس لبساطتها، تثيرها المشاعر، ويهيجها الكلام الوعظي، فتندفع مثل بركان ثائر، ليدمّر الأخضر واليابس.
نحن نحتاج إلى مصالحة على كافة الأصعدة والجوانب، ليحل الحب والسلام في داخلنا وفي مجتمعاتنا وفي أرضنا وبلادنا.
* كاتب سعودي
@osamayamani
yamani.osama@gmail.com
المصالحة مع النفس تعني وفاقا تاما وانسجاما وتناغما مع الذات بعيداً عن عقدة الذنب والقلق والشعور بالعداوة للآخرين، وحمل البغضاء والشحناء.
المصالحة مع الغير، وعلى المستوى العام تعني القبول بالآخر، والمساواة، والصفح، والبعد عن الأيديولوجية الخانقة المقيتة، والبعد عن التعصب أو التمذهب، وتعني كذلك على المستوى الوطني نبذ الفرقة، والسعي للتعايش وفق مفهوم العدالة والمساواة.
المصالحة لكي تتحقق لا بد أن تنبثق من إرادة ورغبة حقيقية، ولا بد أن ترتكز على تقبل الآخر عبر باب الحوار المفقود في عالمنا العربي، وهو حوار ينطلق ويتأسس على قبول كل منا للآخر.
نعم نحتاج إلى حوار يستطيع أن يقودنا إلى المصالحة؛ فلن يكون هناك تصالح إلا إذا تفهم كل واحد وجهة النظر الأخرى. ولا يعني التفهم الاقتناع أو الموافقة أو القبول وتوحد الآراء، لكن يعني الاحترام وعدم الاستخفاف بوجهة النظر الأخرى.
المصالحة هدف إنساني نسعى له على المستوى الشخصي؛ فالإنسان إذا تصالح مع نفسه عاش بسلام داخلي وطمأنينة وسكينة وهدوء. وكل ذلك سوف ينعكس على صحته وأدائه العملي والوظيفي، وكذلك سوف ينعكس على محيطه ومجتمعه وعلاقته الأسرية.
المصالحة يجب أن تكون أيضاً على المستوى الاجتماعي؛ لأن المجتمع المُتصالح مع أفراده يسوده الأمن والسلام وقيم المواطنة. وهو مجتمع يسعى ويعمل على البناء وليس الهدم والحروب الأهلية والقوة الغاشمة والعنف. وخير مثال على ذلك المصالحة الوطنية والإنسانية في راوندا التي أخرجت البلاد من ميراث وسجن الكراهية والعصبية إلى فضاء السلم والمحبة والبناء والازدهار.
المصالحة تتطلب التنازل عن كثير من القناعات التي تمنع وتعيق رؤية الصورة كاملة، كما أن المصالحة تحتاج لقرارات شجاعة، ونظرة بعيدة المدى بعيدة عن نشوة الانتصارات الزائفة والأرباح الوقتية.
المصالحة قرار صعب، قرار يحتاج للتحرر من أغلال وقيود القناعات والأفكار والتصورات الذهنية. المصالحة تقتضي إعادة الحسابات الوقتية والمصالح الآنية، لأن المصالحة خيار استراتيجي بعيد المدى، وإن كان صعبا على النفس تحمل تبعاته الفورية. ومهما ما يظهر أو يبدو من إخفاقات أولية في طريق المصالحة، إلا أنه في نهاية المطاف الخيار الأفضل والأحسن والأصلح، وهو خيار كله خير على كل الأوجه والأصعدة.
يقول «ستيقن كوفي» في كتابه «العادات السبع» عن المصالحة مع النفس: «أن تتصالح مع ذاتك يعني أن تترك الوعظ جانباً وتهبط إلى المجتمع حتى تفهم مكوناته، وتستوعب تقلّباته التي تشكّل في خضم تناقضاتها نسيجه اللامحدود، الذي لم يزده الوعظ تماسكاً».
كما يعتقد ابن خلدون بأن الوعظ في أحيان كثيرة، يؤدي إلى سفك الدماء؛ فالناس لبساطتها، تثيرها المشاعر، ويهيجها الكلام الوعظي، فتندفع مثل بركان ثائر، ليدمّر الأخضر واليابس.
نحن نحتاج إلى مصالحة على كافة الأصعدة والجوانب، ليحل الحب والسلام في داخلنا وفي مجتمعاتنا وفي أرضنا وبلادنا.
* كاتب سعودي
@osamayamani
yamani.osama@gmail.com