كنت في حضرة أحد وجهاء المجتمع، فبادرني أحد الحاضرين وباختصار مباغت، وقال: يا صديقي، أريد أن أحكي لك واقعة مهمة وقعت في حياتي، يلزمني ذكرها لك لنقلها لقرائك، كي يستفيدوا منها في حياتهم، قصة وواقع ليست من نسج الخيال، فكان أسلوبه عاميا حرفت فيه بعض الكلمات لفهم سياق الحديث. فقال: كم لي من العمر، فسؤال كهذا بدايته توحي بأن وراءه قصة أليمة، فما يقترن مع العمر الا المعاناة، سواء سعيدة أو أليمة، كنت وكما يفعل الآباء لأبنائهم، أعطي وأنفق ولا أبخل بشيء، فما يطلبونه واجب تلبيته حتى أصبحت أسمع كثيرا من الإطراء من الأبناء، وهكذا دون أن أعطي نفسي كما أعطيهم، بل أحيانا أوفر المال لكي أسعدهم، وسعادتي شيء آخر ليس بالحسبان. دارت الأيام، وكنت أسمع وأقرأ حكما كثيرة توحي بأن يهتم الإنسان بنفسه ويعطيها حقها أولا ثم الأبناء، ولكن كثيرا ممن مثلي يفعل هكذا، حتى وصل عمري السبعين عاما، وأصبحت أشعر بأنانيتهم وشحهم حتى بالكلمات الجميلة، وكلما استشرت أحدهم بسيارة أو ملبس أعطوني رأيهم جماعة بأن هذه لا تناسبك، وأن هذا ليس جميلا، ويشعرونني بأن سعره مرتفع، رغم أنني أنا الذي سأدفع وليس هم.
أخي، ليس هذا المهم، بل إن علي التزامات مالية لأناس كدين، ولم أستطع أن أسدده، فذكرت ذلك، لم يتغيروا وأخذوا يتمتمون وكادوا يتحدثون وخف اهتمامهم بي، وعرضت عليهم هذا الموضوع مرة أخرى، فقالوا كل هذا من سوء تصرفك وسوء تدبيرك، فضاقت بي الدنيا وتذكرت الوصايا، بأن على الإنسان أن لا يبخل على نفسه بشيء مهما ارتفع سعره، فلن ينفع الإنسان أحد حتى الأبناء، ثم استطرد قائلا: أعرف أحد الرجال قالوا لأبيهم عندما أراد أن يتزوج وأمهم متوفاة، لعلك تمنع نفسك عن الإنجاب منها حتى لا يشغلك الابن الجديد، ولكن لا يفهمون أنني أعرف هدفهم ووجهتهم، وأنهم يفضلون الورث على سعادة أبيهم.
ويقول وبصوت مخنوق بعبرة، كأنه يرسل حكمة ودرسا لما جرى له: الآن أدركت نصائح وتوجيهات منير توفيق التي تقول: «لا تشتر الرخيص لنفسك والأغلى للآخرين من أولادك وأحفادك، بل اشتر دائما الأفضل لنفسك كما تشتري لهم للتمتع به في عمرك الباقي، فالوقت قد حان لإنفاق «بعض» المال الذي جمعته من عرق جبينك في حياتك والتمتع به، فقد وفرت كثيرا قبل ذلك، وساعدت أولادك، وأحفادك، والآن قد اقترب قطار العمر من المحطة الأخيرة، وسيبقى مالك الذي جمعته للورثة، وربما اختلفوا وتخاصموا من أجله، ثم تصدق كثيرا، فليس لك من مالك إلا ما تصدقت به، وأكلت به، ولبست به، وتجولت به في ملكوت الله».
كان واجبا نقلي لقصته، وهذا حقه ووجهة نظره، ولكن أقول: ليس كل الأبناء كهؤلاء، قد يكونون قلة من يعمل هذا مع آبائهم، وإن وجد مثل ما ذكرهم.
أخي، ليس هذا المهم، بل إن علي التزامات مالية لأناس كدين، ولم أستطع أن أسدده، فذكرت ذلك، لم يتغيروا وأخذوا يتمتمون وكادوا يتحدثون وخف اهتمامهم بي، وعرضت عليهم هذا الموضوع مرة أخرى، فقالوا كل هذا من سوء تصرفك وسوء تدبيرك، فضاقت بي الدنيا وتذكرت الوصايا، بأن على الإنسان أن لا يبخل على نفسه بشيء مهما ارتفع سعره، فلن ينفع الإنسان أحد حتى الأبناء، ثم استطرد قائلا: أعرف أحد الرجال قالوا لأبيهم عندما أراد أن يتزوج وأمهم متوفاة، لعلك تمنع نفسك عن الإنجاب منها حتى لا يشغلك الابن الجديد، ولكن لا يفهمون أنني أعرف هدفهم ووجهتهم، وأنهم يفضلون الورث على سعادة أبيهم.
ويقول وبصوت مخنوق بعبرة، كأنه يرسل حكمة ودرسا لما جرى له: الآن أدركت نصائح وتوجيهات منير توفيق التي تقول: «لا تشتر الرخيص لنفسك والأغلى للآخرين من أولادك وأحفادك، بل اشتر دائما الأفضل لنفسك كما تشتري لهم للتمتع به في عمرك الباقي، فالوقت قد حان لإنفاق «بعض» المال الذي جمعته من عرق جبينك في حياتك والتمتع به، فقد وفرت كثيرا قبل ذلك، وساعدت أولادك، وأحفادك، والآن قد اقترب قطار العمر من المحطة الأخيرة، وسيبقى مالك الذي جمعته للورثة، وربما اختلفوا وتخاصموا من أجله، ثم تصدق كثيرا، فليس لك من مالك إلا ما تصدقت به، وأكلت به، ولبست به، وتجولت به في ملكوت الله».
كان واجبا نقلي لقصته، وهذا حقه ووجهة نظره، ولكن أقول: ليس كل الأبناء كهؤلاء، قد يكونون قلة من يعمل هذا مع آبائهم، وإن وجد مثل ما ذكرهم.