-A +A
حمود أبو طالب
قبل أكثر من ثلاثة عقود انطلق الشعار التحذيري الشهير (لا للمخدرات) في حملة شاملة لكنها لم تزد عن لوحات في الشوارع دون إستراتيجية وطنية وقائية علمية منهجية مدروسة تحقق أهدافاً عملية، والذي حدث بعد ذلك أن طوفاناً مرعباً اجتاح الوطن بانتشار المخدرات في كل مكان بلا استثناء، ومع الوقت تشكلت عصابات الترويج المنظمة وانتشرت كالسرطان في الشوارع والأزقة والزوايا المعتمة مستهدفة الشباب، بل حتى الأطفال، واخترقت كل التجمعات التي يرتادونها، بما فيها المدارس والجامعات والمقاهي والأندية وغيرها.

هذه هي الحقيقة التي لا يجب أن ندفن رؤوسنا في الرمال هروباً من مواجهتها، صحيح أن وباء المخدرات أصبح مشكلة عالمية تعاني منها كل المجتمعات، لكن ما يحدث لدينا خطير جداً، فما إن تمر فترة قصيرة إلا ونسمع عن ضبط ملايين الأقراص المخدرة وأطنان الحشيش ومئات الكيلوات من الهيروين ومشتقاته، إنه عمل مافيوي لإغراق الوطن بالسموم، والأخطر من ذلك هو التصنيع المحلي لمخدرات أشد فتكاً في بؤر معروفة في المدن الكبرى بأسعار رخيصة وتجارة تكاد تكون مكشوفة.


جهود الضبط للأجهزة الأمنية في المنافذ وفي الداخل متواصلة وعظيمة لكن الشق أكبر من الرقعة، وفي جانب آخر فإن إنقاذ الشباب المنكوبين بهذا الداء عبر المرافق العلاجية والتأهيلية ما زال أقل كثيراً مما يجب. وللمعلومية فإن مستشفيات الأمل لعلاج الإدمان تعاني ضغطاً مهولاً من زحام المترددين عليها، ولا نريد أن نصدمكم بعدد الحالات الجديدة التي تراجعها كل يوم، وحالات الانتظار للتنويم مع محدودية الأسرة والضغط الهائل. وللمعلومية فإن لدينا أطباء أكفاء في هذه المستشفيات رغم قلة عددهم لكن يعتصرهم الأسى لأنهم غير قادرين على تقديم العلاج الكامل كما يجب بسبب الضغط وعدم اكتمال منظومة العلاج الطارئ والتكميلي والتأهيلي، فعندما يوجد مستشفى بسعة ٢٠٠ سرير في مدينة كبرى تجتاح المخدرات شبابها، كوادره المحدودة تعمل فوق طاقتها وبإمكانات متواضعة فإننا إزاء وضع في غاية الصعوبة والخطورة.

رؤية 2030 عمادها الشباب الذي يشكل النسبة الغالبة من المواطنين، لكن كثيراً منهم ينهشه وحش المخدرات دون وجود وقاية فعالة أو مرافق علاجية كافية ومجهزة بكل الاحتياجات. إنها قضية أمن قومي بلا جدال، ونحن هنا لا نبالغ أبداً، بل لو أردنا سرد بعض التفاصيل لأصابكم الهلع مما يحدث. لم يعد لدينا متسع من الوقت للتراخي والتسويف، نريد منظومة علاجية إنقاذية متكاملة للضحايا، ونريد حملات تطهيرية لاجتثاث كل من له علاقة بهذا الوباء، وبرنامجا وطنيا علميا تثقيفيا توعويا تحذيريا مستمرا للوقاية.

ولعلي في النهاية أتوجه بنداء بأعلى صوت لمهندس الرؤية الوطنية وعرّاب مستقبل الشباب الأمير محمد بن سلمان قائلاً: رؤيتنا مهددة بخطر ماحق اسمه المخدرات، فأنقذ جيل الرؤية يا رعاك الله.