-A +A
بدر بن سعود
قبل يومين كانت المملكة على موعد مع ذكرى البيعة الخامسة، وقبل هذا بخمس سنوات شهد قصر الحكم في العاصمة حالة استثنائية، وتزينت الرياض لتستقبل أميرها الذي أصبح ملكاً وخادماً للحرمين الشريفين، وقد جاء عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز حاسماً في ملفات كثيرة، لعل في مقدمتها تطوير الأسلوب والطريقة التي تدار بها مؤسسة الحكم السعودية، وذلك بتسليم الكفاءات الشابة مراكز ومناصب قيادية مهمة في الدولة، وهم يمثلون ما نسبتـه 70 في المئة من سكان المملكة، إلى جانب مواجهة البيروقراطية الحكومية بدمج وزارات وإلغاء هيئات وأجهزة تؤثر في العمل الحكومي، وتوحيد المجالس في مجلسي الشؤون السياسية والأمنية، والشؤون الاقتصادية والتنمية، وخفض عجز الموازنة بمقدار 31 مليار ريال رغم أن النفقات زادت بنسبة 27 في المئة، والإعلان عن أكبر موازنة في التاريخ السعودي بإجمالي نفقات يبلغ مليارا ومئة وستة ملايين ريال.

البيعة الخامسة تقف شاهداً على أربعة برامج وطنية ضخمة تتمثل في رؤية 2030 وبرامج التحول الوطني والتوازن المالي وجودة الحياة 2020، وأربعة أحلام مشروعة في «أمالا»، و«نيوم»، و«البحر الأحمر»، و«القدية»، وفيها تأكيد على اهتمام القيادة بالاستثمار في صناعة المعادن وبمبلغ يزيد على 130 مليار ريال، ويضيف إلى الناتج المحلي 35 مليار ريال، ومعه 12 ألف وظيفة جديدة، يضاف عليها 347 ألف وظيفة سيوفرها برنامج جودة الحياة، والبرنامج سيحقق إيرادات غير نفطية تصل لمليار وتسعمائة مليون ريال.


كما أنها تأتي ولأرامكو السعودية مجلس أعلى يشرف على مشروعات عملاقة كحقل خريص للنفط، وحقل منيفة، ومعمل الغاز في واسط، وقد سجل اكتتاب الأفراد والمؤسسات في أرامكو 166 مليارا وما يزيد على ثلاثمائة مليون ريال في 12 يوما، وينتظر أن يكون عملاق الزيت السعودي من الشركات القيادية في سوق المال والأعمال العالمي، فقد طرحت أرامكو في اكتتابها واحدا ونصفا في المئة من أسهمها، أو ثلاثة مليارات سهم من أصل 200 مليار سهم، ولا أنسى دور صندوق الاستثمارات العامة، فالمؤمل أن يكون لاعباً رئيسياً في خطة التحول الوطني الشاملة، ويصبح أكبر صندوق ثروة سيادية في العالم بقيمة ترليون وخمسمائة مليار ريال.

عهد الملك سلمان اهتم بمشروعات البنية التحتية وأعطى المملكة أفضلية الترتيب الثاني في مؤشرها العالمي، وكان هذا في التوسعة السعودية الثالثة للحرمين الشريفين، وفي مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي في المدينة المنورة، الذي تتجاوز طاقته الاستيعابية أربعين مليون مسافر في السنة، وفي قطار الحرمين السريع بطاقة استيعابية تصل إلى 60 مليون مسافر في السنة، وفي المستشفيات ومراكز الأبحاث الطبية، وفي الرعاية الاجتماعية وعلاج أصحاب الأمراض المستعصية في الخارج وعلى نفقة الدولة، وفي حساب المواطن التكافلي.

ثم إنه من المناسب أن نقول بأن المرأة والثقافة والترفيـه كانوا من أكبر الرابحين، فالدولة مكنت المرأة من قيادة السيارة ومن وظائف الصف الأول، ووضعت ضوابط لزواج القاصرات وصندوقا لنفقة المطلقات، وأجازت ممارسة الرياضة في مدارس البنات بضوابط، ورفعت شرط موافقة ولي أمر المرأة في الحصول على حقوقها كمواطنة، وتم إنشاء وزارة مستقلة للثقافة في جعبتها 27 مبادرة لخدمة 17 قطاعا ثقافيا، وقد انتخب وزيرها الشاب الأمير بدر بن فرحان في عضوية المجلس التنفيذي لليونسكو، وأنشئت هيئة عامة للترفيه، يرأسها المتألق تركي آل الشيخ، ومهمتها إثراء التجربة الترفيهية ودعم الاقتصاد الوطني، وإيرادات الترفيه ارتفعت إلى مليارين وسبعمائة مليون ريال في السنة الحالية، وفي خطتها لسنة 2020، 332 مشروعا ترفيهيا بالإضافة لمواسمها السياحية على مدار العام.

يبقى أن المملكة قطعت العلاقات مع إيران بعد الاعتداء على مقارها الدبلوماسية في طهران ومشهد، وشلت مليشيـا الحوثي في اليمن، وشكلت تحالفا إسلاميا لمحاربة الإرهـاب بعضوية 41 دولة عربية وإسلامية، واستضافت ثلاث قمم في يومين، واعتمدت سياسية الإنجاز السريع لملفاتها الإقليميـة والدوليـة، وأنها تمثل الرقم الأصعب في منطقة الشرق الأوسط، وفي كل عام نجدد الولاء والبيعة لمن ملك القلوب والعقول قبل غيرها، ولولي عهده الجريء والواثق.