التجارب السياسية في المنطقة خلال العقود الماضية أفرزت نماذج يمكن اختصارها في نوعين: النماذج الحقيقية الواقعية، والنماذج المزيفة. الأولى هي التي تمثل نماذج للاستقرار والبناء والتنمية بينما الثانية تغرق اليوم في الفوضى وتغرق معها كل الكيانات التي ارتبطت بها بأي شكل كان ذلك الارتباط.
كانت الأخطار التي تحدق بالمنطقة واسعة ومتآزرة مع بعضها البعض حتى وإن بدت أنها مختلفة في الظاهر، وكان التعامل معها يفتقر إلى منظومة واعية وتحالف متوافق الأهداف وقادر على المواجهة. لقد افتقدت العقود السابقة مثل تلك المواجهة لعدة عوامل داخلية وخارجية وكانت المعالجات ظاهرية ومؤقتة وتتعامل مع الأحداث لا مع مسبباتها.
بلغت تلك الأخطار ذروتها في العام 2011 وانقسمت المنطقة إلى مستويين وباتت المواجهة بين الفوضى والاستقرار، وحانت لحظة المواجهة الحاسمة التي لا مكان معها للمعالجات السطحية أو الحلول المؤقتة.
عقد كامل ولا تزال آثار تلك المرحلة قائمة إلى اليوم ولولا المواقف الصارمة والتحالفات الجديدة في المنطقة التي وثقت تحالفها السابق وواجهت تلك التيارات العاتية وإلا لكانت الأوضاع في المنطقة اليوم على نحو مختلف.
مثل التحالف السعودي الإماراتي مركز المواجهة الأول لكل تلك المشاريع ولكن آلية المواجهة لديه مختلفة هذه المرة فقد كانت جذرية وواقعية وأكثر صلابة. كان الموقف الذي تم اتخاذه في وجه التيارات الحركية والحزبية المتطرفة التي مثلها التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وما تولد عنه من جماعات إرهابية متطرفة، كان أصلب موقف واجهه التنظيم في العالم، لقد أدرك التحالف أن مواجهة الأيديولوجيات الحزبية الدينية لا يمكن أن تتم بالحلول الناعمة المؤقتة لأنها بمجرد بقائها سنظل مصدرا للفوضى والتآمر والإرهاب فكان لا بد من اجتثاث الإرهاب والحزبية من جذورها، والضرب عرض الحائط بكل الصراخ الممول القادم من المنظمات التي أصبحت أدوات في يد كيانات الفوضى ورعاية الإرهاب وتوظيفه سياسيا.
لقد تم اتخاذ تلك المواقف الصارمة من كل أطراف مشروع الفوضى السياسية والإعلامية والمالية، فالموقف من النظام الإيراني والتركي كان بقدر تورط كل منهما في ذلك المشروع والانخراط في استهداف ممنهج للمنطقة.
أحد أبرز أشكال المواجهة التي اتخذها ذلك التحالف هو ما يمكن تسميته: المواجهة بالتنمية، أي بناء نماذج تنموية فريدة في المنطقة في مقابل الواقع المتردي للاقتصاد والتنمية الذي تعيشه تلك البلدان بفعل انشغالها وانخراطها في مشاريع الفوضى خارج حدودها وتوجيه كل المقدرات لتنفيذ تلك المشاريع.
تنمية ونهضة وتخطيط للمستقبل وبناء نماذج جديدة في المنطقة ودعم وتعزيز الحريات والانفتاح في مقابل أفق مسدود يعيشه المجتمع في إيران وفي العراق ولبنان.
القاسم المشترك بين الاحتجاجات والمظاهرات التي تشهدها المنطقة اليوم أنها تتركز في العواصم التي لإيران يد وسيطرة فيها جزئية كانت أو كلية.
الشباب الغاضب في ميادين وساحات بغداد وبيروت وإيران هم أحد أبرز عوامل إعادة توجيه المنطقة نحو المستقبل والتنمية ومحاربة التطرف والطائفية. ويتساءل ذلك الشارع: ما الذي ينقصه ليعيش حياة كالتي يعيشها أقرانه في السعودية والإمارات وغيرهما.
إذا كان العقد الماضي هو عقد مواجهة الفوضى واستعادة الاستقرار في المنطقة فالعقد القادم سيبدأ غالبا بالتخلص من الخطر المتمثل في النظام الإيراني وبعدها سيكون للمنطقة واقع جديد وطارد للأيديولوجية والكهنوتية.
* كاتب سعودي
yameer33@hotmail.com
كانت الأخطار التي تحدق بالمنطقة واسعة ومتآزرة مع بعضها البعض حتى وإن بدت أنها مختلفة في الظاهر، وكان التعامل معها يفتقر إلى منظومة واعية وتحالف متوافق الأهداف وقادر على المواجهة. لقد افتقدت العقود السابقة مثل تلك المواجهة لعدة عوامل داخلية وخارجية وكانت المعالجات ظاهرية ومؤقتة وتتعامل مع الأحداث لا مع مسبباتها.
بلغت تلك الأخطار ذروتها في العام 2011 وانقسمت المنطقة إلى مستويين وباتت المواجهة بين الفوضى والاستقرار، وحانت لحظة المواجهة الحاسمة التي لا مكان معها للمعالجات السطحية أو الحلول المؤقتة.
عقد كامل ولا تزال آثار تلك المرحلة قائمة إلى اليوم ولولا المواقف الصارمة والتحالفات الجديدة في المنطقة التي وثقت تحالفها السابق وواجهت تلك التيارات العاتية وإلا لكانت الأوضاع في المنطقة اليوم على نحو مختلف.
مثل التحالف السعودي الإماراتي مركز المواجهة الأول لكل تلك المشاريع ولكن آلية المواجهة لديه مختلفة هذه المرة فقد كانت جذرية وواقعية وأكثر صلابة. كان الموقف الذي تم اتخاذه في وجه التيارات الحركية والحزبية المتطرفة التي مثلها التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وما تولد عنه من جماعات إرهابية متطرفة، كان أصلب موقف واجهه التنظيم في العالم، لقد أدرك التحالف أن مواجهة الأيديولوجيات الحزبية الدينية لا يمكن أن تتم بالحلول الناعمة المؤقتة لأنها بمجرد بقائها سنظل مصدرا للفوضى والتآمر والإرهاب فكان لا بد من اجتثاث الإرهاب والحزبية من جذورها، والضرب عرض الحائط بكل الصراخ الممول القادم من المنظمات التي أصبحت أدوات في يد كيانات الفوضى ورعاية الإرهاب وتوظيفه سياسيا.
لقد تم اتخاذ تلك المواقف الصارمة من كل أطراف مشروع الفوضى السياسية والإعلامية والمالية، فالموقف من النظام الإيراني والتركي كان بقدر تورط كل منهما في ذلك المشروع والانخراط في استهداف ممنهج للمنطقة.
أحد أبرز أشكال المواجهة التي اتخذها ذلك التحالف هو ما يمكن تسميته: المواجهة بالتنمية، أي بناء نماذج تنموية فريدة في المنطقة في مقابل الواقع المتردي للاقتصاد والتنمية الذي تعيشه تلك البلدان بفعل انشغالها وانخراطها في مشاريع الفوضى خارج حدودها وتوجيه كل المقدرات لتنفيذ تلك المشاريع.
تنمية ونهضة وتخطيط للمستقبل وبناء نماذج جديدة في المنطقة ودعم وتعزيز الحريات والانفتاح في مقابل أفق مسدود يعيشه المجتمع في إيران وفي العراق ولبنان.
القاسم المشترك بين الاحتجاجات والمظاهرات التي تشهدها المنطقة اليوم أنها تتركز في العواصم التي لإيران يد وسيطرة فيها جزئية كانت أو كلية.
الشباب الغاضب في ميادين وساحات بغداد وبيروت وإيران هم أحد أبرز عوامل إعادة توجيه المنطقة نحو المستقبل والتنمية ومحاربة التطرف والطائفية. ويتساءل ذلك الشارع: ما الذي ينقصه ليعيش حياة كالتي يعيشها أقرانه في السعودية والإمارات وغيرهما.
إذا كان العقد الماضي هو عقد مواجهة الفوضى واستعادة الاستقرار في المنطقة فالعقد القادم سيبدأ غالبا بالتخلص من الخطر المتمثل في النظام الإيراني وبعدها سيكون للمنطقة واقع جديد وطارد للأيديولوجية والكهنوتية.
* كاتب سعودي
yameer33@hotmail.com