لست متأكدا من المسافة المهنية الفاصلة بين الثقافة والإعلام موضوعيا ومنهجيا، لكن التقنية بدأت على ما يبدو تحسم كثيرا من الأمور وتفرض حدودا عملية فاصلة بين الثقافة والإعلام على نحو يشبه إعادة ترسيم الحدود السياسية بين الدول أو على غرار رسم الحدود البلدية بين الملكيات.
لقد نجحت التقنية إلى حد بعيد بتحقيق ما أخفقت القوانين والإدارة بتحقيقه. فعلى أنقاض كثير من القوانين وعلى أنقاض الكثير من نظريات الإدارة وممارساتها، تبسط التقنية نفوذها وتعيد رسم الحدود المهنية والتخصصية والحقوقية ماديا ومعنويا، وبسرعة فائقة وعلى حساب قرون من التراكم المعرفي البشري.
فجأة سادت مدرسة إعلامية جديدة كافة المؤسسات والهيئات الحكومية وغير الحكومية تقدم من خلالها وجبة يومية سريعة أو أكثر من وجبة على طريقة المطاعم السريعة. وجبة يتم تسخينها يوميا كي لا تبدُو بائتةً أو قديمة لا تفتح الشهية، أو وجبة يتم إعدادها سريعا.
المدرسة الإعلامية الجديدة التي بسطت سيادتها على كافة المنابر الإعلامية الحكومية وغير الحكومية، تعتمد على مادة إعلامية مختصرة جدا جدا، تمزج بين الصورة والكلمة بشكل تكاملي بطريقة احترافية، وأحيانا تضاف لها مقاطع فيديو، تقوم هذه المدرسة على الفرز والتصنيف المبدئي للمادة، عمادها السرعة والإيقاع السريع في التحديثات وتنويع المواد.
هذه المدرسة الإعلامية هي السائدة حاليا في كافة المواقع الإعلامية للمؤسسات والبوابات الإلكترونية والحسابات الإلكترونية وهي بلا أدنى شك سهلة وعملية للباحثين والمتصفحين من الجمهور المستهدف من قبل تلك المؤسسات والهيئات لأنها تقوم على التصنيف والتبويب المبدئي للمعلومات والمواد الإعلامية في تلك المنصات وتستهدف الجمهور العملي.
لا شك أن هذه المدرسة تجاوزت الحشو والتطويل والكلام الرومانسي الذي لا جدوى منه ولا حاجة إليه عمليا، لكن مشكلة هذه المدرسة الإعلامية أنها قطعت الحبل السري تماما بين المادة الإعلامية وغيرها من المواد الثقافية والتاريخية والفنية الأخرى لتلك المؤسسات مما تسبب بفصل تام بين ما كان وما سيكون.
هذه المدرسة الإعلامية، رغم حيويتها وأهميتها وسهولة تداولها، إلا أنها تحول بين الثمرة والبذرة وتقطع الحبل السري بين الجذور والزهور. إنه مطبخ إعلامي يعتمد فقط على الفرن ويلغي الثلاجة والمخزن أو المستودع. رغم أهمية محتوى الثلاجة في استمرارية دور الفرن بإعداد الوجبات اليومية الساخنة وليست المسخنة.
هناك معلومات حيوية ومهمة لكن المدرسة الإعلامية الجديدة تعدها معلومات من الدرجة الثانية، لم تعد هذه المعلومات متوفرة وليست متاحة في تلك المنابر الإعلامية وحسب المدرسة الإعلامية الجديدة، والتي فرضتها التقنية على المواقع الإلكترونية والمؤسسات والبوابات الإلكترونية والحسابات التابعة لها. في تقديري لا بد من إعادة أو استعادة المعلومات الحيوية والمهمة من الصف الثاني وتضمينها لتلك المواقع والبوابات والحسابات الإلكترونية، ومن خلال نفس المنهجية المنسجمة مع ما تفرضه التقنية وذلك لأهمية تلك المعلومات وإسهامها الفعلي في الجانب المعرفي والثقافي والتخصصي والمهني.
* كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org
لقد نجحت التقنية إلى حد بعيد بتحقيق ما أخفقت القوانين والإدارة بتحقيقه. فعلى أنقاض كثير من القوانين وعلى أنقاض الكثير من نظريات الإدارة وممارساتها، تبسط التقنية نفوذها وتعيد رسم الحدود المهنية والتخصصية والحقوقية ماديا ومعنويا، وبسرعة فائقة وعلى حساب قرون من التراكم المعرفي البشري.
فجأة سادت مدرسة إعلامية جديدة كافة المؤسسات والهيئات الحكومية وغير الحكومية تقدم من خلالها وجبة يومية سريعة أو أكثر من وجبة على طريقة المطاعم السريعة. وجبة يتم تسخينها يوميا كي لا تبدُو بائتةً أو قديمة لا تفتح الشهية، أو وجبة يتم إعدادها سريعا.
المدرسة الإعلامية الجديدة التي بسطت سيادتها على كافة المنابر الإعلامية الحكومية وغير الحكومية، تعتمد على مادة إعلامية مختصرة جدا جدا، تمزج بين الصورة والكلمة بشكل تكاملي بطريقة احترافية، وأحيانا تضاف لها مقاطع فيديو، تقوم هذه المدرسة على الفرز والتصنيف المبدئي للمادة، عمادها السرعة والإيقاع السريع في التحديثات وتنويع المواد.
هذه المدرسة الإعلامية هي السائدة حاليا في كافة المواقع الإعلامية للمؤسسات والبوابات الإلكترونية والحسابات الإلكترونية وهي بلا أدنى شك سهلة وعملية للباحثين والمتصفحين من الجمهور المستهدف من قبل تلك المؤسسات والهيئات لأنها تقوم على التصنيف والتبويب المبدئي للمعلومات والمواد الإعلامية في تلك المنصات وتستهدف الجمهور العملي.
لا شك أن هذه المدرسة تجاوزت الحشو والتطويل والكلام الرومانسي الذي لا جدوى منه ولا حاجة إليه عمليا، لكن مشكلة هذه المدرسة الإعلامية أنها قطعت الحبل السري تماما بين المادة الإعلامية وغيرها من المواد الثقافية والتاريخية والفنية الأخرى لتلك المؤسسات مما تسبب بفصل تام بين ما كان وما سيكون.
هذه المدرسة الإعلامية، رغم حيويتها وأهميتها وسهولة تداولها، إلا أنها تحول بين الثمرة والبذرة وتقطع الحبل السري بين الجذور والزهور. إنه مطبخ إعلامي يعتمد فقط على الفرن ويلغي الثلاجة والمخزن أو المستودع. رغم أهمية محتوى الثلاجة في استمرارية دور الفرن بإعداد الوجبات اليومية الساخنة وليست المسخنة.
هناك معلومات حيوية ومهمة لكن المدرسة الإعلامية الجديدة تعدها معلومات من الدرجة الثانية، لم تعد هذه المعلومات متوفرة وليست متاحة في تلك المنابر الإعلامية وحسب المدرسة الإعلامية الجديدة، والتي فرضتها التقنية على المواقع الإلكترونية والمؤسسات والبوابات الإلكترونية والحسابات التابعة لها. في تقديري لا بد من إعادة أو استعادة المعلومات الحيوية والمهمة من الصف الثاني وتضمينها لتلك المواقع والبوابات والحسابات الإلكترونية، ومن خلال نفس المنهجية المنسجمة مع ما تفرضه التقنية وذلك لأهمية تلك المعلومات وإسهامها الفعلي في الجانب المعرفي والثقافي والتخصصي والمهني.
* كاتب سعودي
Dwaihi@agfund.org