تصبّحت (أم عثمان) بوجه الخطّاطة (قُرنفله). أقبلت تحمل بقشة الودع وخشبة للطحين. قالت: افتحي لعيالي الثلاثة. نثرت الطحين والودع وبدأت تردد (جمعان) يطرد ما يلحق. و(حمدان) مضيّع مرزق، و(عثمان) قِسمته في لبنان. علقت الأم: الله معنا ومعك، وين انحن ووين لبنان.
وضعت في كفها ريالاً، فأضافت: ما ودي أفجعك يا وخيّتي. واحد من عيالك عانه. عانه. يصيبه وبا، والله العالم يعيش وإلا يستحب فيه. سحبت الخشبة ورفعتها ونثرت الطحين فوقها، وقالت: قومي انقلعي يا السحارة يا مخورة. وبدأت تتشيدق بها «عانه. عانه».
سافر عثمان للعمل في مدينة كبيرة. كان مسؤول مباخر الطيب في قصر أحد الشيوخ. بعد سنوات لزمته السعلة. ما غير يكح ليل الله مع نهاره. انجرحت رئته، عاد للديرة، عرضه أبوه على الأطباء والرقاة والمشعوذين، ما لقي فائدة. نصحه أحدهم بالسفر إلى مستشفى السداد لتشخيص حالته، قال له العم (حسن): ما معنا فيك بُصر. وإن كنت حريص على حياتك سافر لبنان، هناك مصح متخصص في علاج السل. ولكن يبغي لك درهمان.
تذكّر عمه اللي كان يعمل معه. نصاه، فأعطاه مبلغاً يفوق حاجته، وكتب له توصية. التقط شنطة بها ملابس، وجواز سفره، وركب الطائرة. وصل للمصح، ووجد مجموعة مرضى يعانون مما يعاني، أوّل ما شافوه قالوا: كملت البيعة.
كانت ممرضة عثمان (فاطمة) تعمل بكل إخلاص، وتعتني به، ولم يمض مدة، حتى انتقلت العدوى لفاطمة. شعر عثمان بالأسى، كونه السبب، استأذن من المشرف وطلب يجمعه بفاطمة. التقاها في الحديقة، وقال لها: يا بنت الحلال يقول الأطباء عمري وعمرك محدود، وش رأيك نتزوج، على الأقل نعيش يومين سعادة قبل ما يأخذ الله وداعته.
تمت الخطبة، بمعاونة زملاء العنبر، وضج المصح بالفرح، وخصصوا لعثمان وفاطمة جناحاً خاصاً بهما. وفي إحدى الصباحات طلبهما الطبيب لإجراء فحص إشعاعي، استدعى فريق الأطباء. نظروا في صور الأشعة، وكل واحد أبدى تعجبه.
كتبوا لعثمان وفاطمة ورقة خروج. ولم يصدق والدها أن ابنته وزوجها تعافيا تماماً. عاد عثمان إلى الديرة ومعه زوجة ماهرة بالتمريض. عالجت مرضى القرية، وولّدت الحوامل. وداوت الأسنان. انهمر الرزق على عثمان. وكل صباح تبدي أمه من الباب وتردد (الله يسقي زمانك يا قرنفله) سألها عثمان: من هي؟ قالت: (هاه. لا. لا. ماشي). علمي وسلامتكم.
وضعت في كفها ريالاً، فأضافت: ما ودي أفجعك يا وخيّتي. واحد من عيالك عانه. عانه. يصيبه وبا، والله العالم يعيش وإلا يستحب فيه. سحبت الخشبة ورفعتها ونثرت الطحين فوقها، وقالت: قومي انقلعي يا السحارة يا مخورة. وبدأت تتشيدق بها «عانه. عانه».
سافر عثمان للعمل في مدينة كبيرة. كان مسؤول مباخر الطيب في قصر أحد الشيوخ. بعد سنوات لزمته السعلة. ما غير يكح ليل الله مع نهاره. انجرحت رئته، عاد للديرة، عرضه أبوه على الأطباء والرقاة والمشعوذين، ما لقي فائدة. نصحه أحدهم بالسفر إلى مستشفى السداد لتشخيص حالته، قال له العم (حسن): ما معنا فيك بُصر. وإن كنت حريص على حياتك سافر لبنان، هناك مصح متخصص في علاج السل. ولكن يبغي لك درهمان.
تذكّر عمه اللي كان يعمل معه. نصاه، فأعطاه مبلغاً يفوق حاجته، وكتب له توصية. التقط شنطة بها ملابس، وجواز سفره، وركب الطائرة. وصل للمصح، ووجد مجموعة مرضى يعانون مما يعاني، أوّل ما شافوه قالوا: كملت البيعة.
كانت ممرضة عثمان (فاطمة) تعمل بكل إخلاص، وتعتني به، ولم يمض مدة، حتى انتقلت العدوى لفاطمة. شعر عثمان بالأسى، كونه السبب، استأذن من المشرف وطلب يجمعه بفاطمة. التقاها في الحديقة، وقال لها: يا بنت الحلال يقول الأطباء عمري وعمرك محدود، وش رأيك نتزوج، على الأقل نعيش يومين سعادة قبل ما يأخذ الله وداعته.
تمت الخطبة، بمعاونة زملاء العنبر، وضج المصح بالفرح، وخصصوا لعثمان وفاطمة جناحاً خاصاً بهما. وفي إحدى الصباحات طلبهما الطبيب لإجراء فحص إشعاعي، استدعى فريق الأطباء. نظروا في صور الأشعة، وكل واحد أبدى تعجبه.
كتبوا لعثمان وفاطمة ورقة خروج. ولم يصدق والدها أن ابنته وزوجها تعافيا تماماً. عاد عثمان إلى الديرة ومعه زوجة ماهرة بالتمريض. عالجت مرضى القرية، وولّدت الحوامل. وداوت الأسنان. انهمر الرزق على عثمان. وكل صباح تبدي أمه من الباب وتردد (الله يسقي زمانك يا قرنفله) سألها عثمان: من هي؟ قالت: (هاه. لا. لا. ماشي). علمي وسلامتكم.