يبدو لي المشهد في جولات التفاوض حول تحديد قيمة أرامكو مع عديد من المستثمرين الأجانب والشركات الأجنبية في الشرق والغرب يفصح أن السعوديين قد خاضوا مفاوضات عديدة مع تلك الشركات والصناديق والمستثمرين لتحديد السعر الاسترشادي الذي يمثل قيمة أرامكو الحقيقية، واستخدم هؤلاء ضد المفاوضين السعوديين سياسة حافة الهاوية في المنعطفات الأخيرة مع الاعتماد على عدد من الوكالات والمصادر الإعلامية الغربية لتشكيل مزيد من الضغط على فريق التفاوض السعودي، منها إصدار بيانات صحفية عدة تبدي عدم اهتمامها بالاستثمار في أرامكو..
كان بعض المفاوضين يحاول أن يبخس أرامكو قيمتها الحقيقية بمقدار النصف على الأقل، السعوديون بدورهم كانت لديهم الخطة (ب) جاهزة للتنفيذ وحاضرة تماماً في ملفاتهم، سواء في ما يتعلق بقيمة الشركة أو بمقدار الأسهم المطروحة في الجولة الأولى على الأقل من الطرح، أو من ناحية السوق الذي ستطرح فيه الشركة، بسرعة اتخذ السعوديون قرارهم، وحسناً فعلوا وفاجأوا الجميع في ذات اللحظة التي ظن البعض أنهم سيدعون مرة أخرى إلى جولات لا نهائية من المفاوضات وسيرضخ فريق أرامكو التفاوضي في النهاية لبخس ثمن شركتهم الوطنية الأولى..
تذكرت وأنا أتابع المشهد والمصادر الإعلامية السيئة كما وصفها وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان تلك المفاوضات التي جمعت السعوديين واليابانيين حول تجديد امتياز شركة الزيت العربية المحدودة في القسم السعودي من المنطقة المحايدة والتي أسفرت على إثرها تلك المفاوضات الطويلة والشاقة على عدم تجديد الامتياز عام 2000، وتولي شركة أعمال الخليج المحدودة كشركة متفرعة من أرامكو السعودية أعمال وامتياز شركة الزيت العربية (اليابانية).
حيث اعتقد اليابانيون وقتها أنهم في موقف تفاوضي أفضل سيعطيهم حق الامتياز مرة أخرى دون الالتزام بزيادة مشتريات الزيت السعودي بمقدار نصف مليون برميل وزيادة الاستثمارات اليابانية وإقامة مشروعات بتروكيماوية تعتمد على الغاز المتسرب من الحقول النفطية مع الاستثمار الياباني كعلاوة امتياز في إقامة مشروع السكة الحديد كمشروع تجاري ذي جدوى اقتصادية معتمدة من البنك الدولي وقتها لنقل احتياطي الفوسفات والمعادن الضخم من حزم الجلاميد في الشمال إلى الجبيل حيث المصانع البتروكيماوية.
رفض اليابانيون كل العروض لتجديد الامتياز وتحججوا بأن ليس هناك جدوى اقتصادية من معظم هذه المشروعات، وكان ذلك باباً عظيماً من أبواب الخير والنماء للوطن حيث أنهت الحكومة السعودية الامتياز وباشرت الخطة (ب) وتولت عبر ذراعها الوطني «أرامكو السعودية» معظم أعمال الشركة اليابانية في المنطقة المحايدة وأنشأت مدينة وعد الشمال في القريات من خلال صندوق الاستثمارات العامة بمبالغ وصلت إلى 85 مليارا ونجحت في مد سكة حديدية إلى ميناء مدينة رأس الخير الصناعية ليخدم أكثر من 80 مشروعاً صناعياً في الصناعات التعدينية باستثمارات تجاوزت 100 مليار، ليشكل هذا المشروع الحلم السعودي الصناعي القادم والركيزة الثالثة التي سيعتمد عليها الاقتصاد الوطني.
ندم اليابانيون كثيراً على ضياع فرصة عظمى كانت بين أيديهم وعادوا باستثمارات عديدة في مشاريع أخرى وتجاوزت مشترياتهم نصف مليون برميل ولم يندم السعوديون كعادتهم! بل انطلقوا للأمام ولآفاق أوسع ولفرص عالمية أخرى يقدمونها للشراكة والقوى الاقتصادية العالمية، ولكنهم دائماً جاهزون لتنفيذ الخطة (ب) فيما لو أراد أحد لوي أذرعتهم أو ممارسة بخس أشيائهم، هكذا كانوا وهكذا ظلوا ولا يزالون على هذا العهد حتى وأجراسهم تقرع معلنة دخول السوق السعودية تداول للمركز التاسع ضمن أكبر الأسواق العالمية.
* كاتب سعودي
@dr_maas1010
كان بعض المفاوضين يحاول أن يبخس أرامكو قيمتها الحقيقية بمقدار النصف على الأقل، السعوديون بدورهم كانت لديهم الخطة (ب) جاهزة للتنفيذ وحاضرة تماماً في ملفاتهم، سواء في ما يتعلق بقيمة الشركة أو بمقدار الأسهم المطروحة في الجولة الأولى على الأقل من الطرح، أو من ناحية السوق الذي ستطرح فيه الشركة، بسرعة اتخذ السعوديون قرارهم، وحسناً فعلوا وفاجأوا الجميع في ذات اللحظة التي ظن البعض أنهم سيدعون مرة أخرى إلى جولات لا نهائية من المفاوضات وسيرضخ فريق أرامكو التفاوضي في النهاية لبخس ثمن شركتهم الوطنية الأولى..
تذكرت وأنا أتابع المشهد والمصادر الإعلامية السيئة كما وصفها وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان تلك المفاوضات التي جمعت السعوديين واليابانيين حول تجديد امتياز شركة الزيت العربية المحدودة في القسم السعودي من المنطقة المحايدة والتي أسفرت على إثرها تلك المفاوضات الطويلة والشاقة على عدم تجديد الامتياز عام 2000، وتولي شركة أعمال الخليج المحدودة كشركة متفرعة من أرامكو السعودية أعمال وامتياز شركة الزيت العربية (اليابانية).
حيث اعتقد اليابانيون وقتها أنهم في موقف تفاوضي أفضل سيعطيهم حق الامتياز مرة أخرى دون الالتزام بزيادة مشتريات الزيت السعودي بمقدار نصف مليون برميل وزيادة الاستثمارات اليابانية وإقامة مشروعات بتروكيماوية تعتمد على الغاز المتسرب من الحقول النفطية مع الاستثمار الياباني كعلاوة امتياز في إقامة مشروع السكة الحديد كمشروع تجاري ذي جدوى اقتصادية معتمدة من البنك الدولي وقتها لنقل احتياطي الفوسفات والمعادن الضخم من حزم الجلاميد في الشمال إلى الجبيل حيث المصانع البتروكيماوية.
رفض اليابانيون كل العروض لتجديد الامتياز وتحججوا بأن ليس هناك جدوى اقتصادية من معظم هذه المشروعات، وكان ذلك باباً عظيماً من أبواب الخير والنماء للوطن حيث أنهت الحكومة السعودية الامتياز وباشرت الخطة (ب) وتولت عبر ذراعها الوطني «أرامكو السعودية» معظم أعمال الشركة اليابانية في المنطقة المحايدة وأنشأت مدينة وعد الشمال في القريات من خلال صندوق الاستثمارات العامة بمبالغ وصلت إلى 85 مليارا ونجحت في مد سكة حديدية إلى ميناء مدينة رأس الخير الصناعية ليخدم أكثر من 80 مشروعاً صناعياً في الصناعات التعدينية باستثمارات تجاوزت 100 مليار، ليشكل هذا المشروع الحلم السعودي الصناعي القادم والركيزة الثالثة التي سيعتمد عليها الاقتصاد الوطني.
ندم اليابانيون كثيراً على ضياع فرصة عظمى كانت بين أيديهم وعادوا باستثمارات عديدة في مشاريع أخرى وتجاوزت مشترياتهم نصف مليون برميل ولم يندم السعوديون كعادتهم! بل انطلقوا للأمام ولآفاق أوسع ولفرص عالمية أخرى يقدمونها للشراكة والقوى الاقتصادية العالمية، ولكنهم دائماً جاهزون لتنفيذ الخطة (ب) فيما لو أراد أحد لوي أذرعتهم أو ممارسة بخس أشيائهم، هكذا كانوا وهكذا ظلوا ولا يزالون على هذا العهد حتى وأجراسهم تقرع معلنة دخول السوق السعودية تداول للمركز التاسع ضمن أكبر الأسواق العالمية.
* كاتب سعودي
@dr_maas1010