يعد السفر أمراً ممتعاً لكثير من الناس، حيث بلغ عدد السياح في العام 2018 أكثر من 1.400 مليار، أي ما يقارب نصف سكان الكرة الأرضية.
وفِي الأسبوع الماضي ذهبت إلى مدينة العلا شمال غرب السعودية، والحقيقة أن التجربة كانت مختلفة عن أي وجهة سياحية قصدتها من قبل، وشعرت منذ هبوط الطائرة، أن شيئا ما انتشلني ووضعني داخل تفاصيل فيلم سينمائي.
في العلا طبيعة حقيقية تبهرك أكثر من الخيال، مناظر الجبال والنحت فيها متعة بصرية غير منتهية، يحيطها كسوار غابات من النخيل مظلومة اقتصاديا، لعدم اكتمال منظومة التغليف والتسويق والتصدير، وبالتالي يذهب بالجملة لمناطق أخرى، كما تتميز العلا بمنتجات الحمضيات، ويجب على الزائر المرور بالساعة الشمسية في السوق الشعبي، وهو عُرف قديم في المنطقة يُعنى بتقاسم الماء بين المزارعين حسب ظل الساعة.
كنت أتساءل منذ العام الماضي وأنا أشاهد فعاليات شتاء طنطورة على التلفاز، ما مدى تقبل أهالي المدينة والذين يبلغ تعدادهم ستين ألف نسمة لهذه النقلة النوعية التي تحدث على الأرض، والإجابة كانت حاضرة بداية لدى الشاب سلطان الذي يعمل في شركة سياحية ويرافق بالسيارة زوار المدينة.
يحكي عن تقبل كبير من الأهالي للأنشطة السياحية، كما عرج على موضوع برامج الابتعاث الخاصة بفتيات وشباب المنطقة، وكيف منح هذا البرنامج لسكان العلا شعوراً بأنهم جزء من هذه النقلة، وأكثر المستفيدين منها.
زرت منطقة تسمى مقابر الأسود والتي تعود لعهد مملكة دادان، وهي مملكة تابعة لمملكة معين، استوطنوها من القرن السادس قبل الميلاد، ولمدة تزيد على خمسة قرون، وكان هناك شاب يسمى محمد البلوي، يحمل بكالوريوس في اللغة الإنجليزية، يحكي عن انضمامه للهيئة الملكية في العلا قبل ستة أشهر، وكيف يستمتع بعمله كمرشد سياحي، ويبهرك هذا الشاب في تفنيده للمصادر التاريخية عن المنطقة، وبهذا الشغف يحكي عن أكثر الكتب التي أثرته حول تاريخ العلا.
وفي العلا جبل يسمى جبل أثلب، ويظهر فيه الديوان الذي كانوا يجتمعون فيه، وتجد محرابا لأكثر من معبود يعود تاريخها إلى مملكة الأنباط، بالإضافة لكتابات على الجدران كتبها حجاج مسلمون وهم في طريقهم إلى مكة، مما يشير إلى تعددية في هذه المنطقة، التي أثرت وتأثرت بالثقافات المحيطة بحكم أنها كانت مركزا رئيسيا للطريق الرابط بين اليمن والشام ومصر.
وإن كان شوقي يقول إن من طلب العلا سهر الليالي، فإن من زار العلا يجب عليه أن يصحو مبكرا، ليستمتع بأشعة الشمس وهي تنكسر على جبال التاريخ.
* كاتب سعودي
Twitter: @aAltrairi
Email: me@aaltrairi.com
وفِي الأسبوع الماضي ذهبت إلى مدينة العلا شمال غرب السعودية، والحقيقة أن التجربة كانت مختلفة عن أي وجهة سياحية قصدتها من قبل، وشعرت منذ هبوط الطائرة، أن شيئا ما انتشلني ووضعني داخل تفاصيل فيلم سينمائي.
في العلا طبيعة حقيقية تبهرك أكثر من الخيال، مناظر الجبال والنحت فيها متعة بصرية غير منتهية، يحيطها كسوار غابات من النخيل مظلومة اقتصاديا، لعدم اكتمال منظومة التغليف والتسويق والتصدير، وبالتالي يذهب بالجملة لمناطق أخرى، كما تتميز العلا بمنتجات الحمضيات، ويجب على الزائر المرور بالساعة الشمسية في السوق الشعبي، وهو عُرف قديم في المنطقة يُعنى بتقاسم الماء بين المزارعين حسب ظل الساعة.
كنت أتساءل منذ العام الماضي وأنا أشاهد فعاليات شتاء طنطورة على التلفاز، ما مدى تقبل أهالي المدينة والذين يبلغ تعدادهم ستين ألف نسمة لهذه النقلة النوعية التي تحدث على الأرض، والإجابة كانت حاضرة بداية لدى الشاب سلطان الذي يعمل في شركة سياحية ويرافق بالسيارة زوار المدينة.
يحكي عن تقبل كبير من الأهالي للأنشطة السياحية، كما عرج على موضوع برامج الابتعاث الخاصة بفتيات وشباب المنطقة، وكيف منح هذا البرنامج لسكان العلا شعوراً بأنهم جزء من هذه النقلة، وأكثر المستفيدين منها.
زرت منطقة تسمى مقابر الأسود والتي تعود لعهد مملكة دادان، وهي مملكة تابعة لمملكة معين، استوطنوها من القرن السادس قبل الميلاد، ولمدة تزيد على خمسة قرون، وكان هناك شاب يسمى محمد البلوي، يحمل بكالوريوس في اللغة الإنجليزية، يحكي عن انضمامه للهيئة الملكية في العلا قبل ستة أشهر، وكيف يستمتع بعمله كمرشد سياحي، ويبهرك هذا الشاب في تفنيده للمصادر التاريخية عن المنطقة، وبهذا الشغف يحكي عن أكثر الكتب التي أثرته حول تاريخ العلا.
وفي العلا جبل يسمى جبل أثلب، ويظهر فيه الديوان الذي كانوا يجتمعون فيه، وتجد محرابا لأكثر من معبود يعود تاريخها إلى مملكة الأنباط، بالإضافة لكتابات على الجدران كتبها حجاج مسلمون وهم في طريقهم إلى مكة، مما يشير إلى تعددية في هذه المنطقة، التي أثرت وتأثرت بالثقافات المحيطة بحكم أنها كانت مركزا رئيسيا للطريق الرابط بين اليمن والشام ومصر.
وإن كان شوقي يقول إن من طلب العلا سهر الليالي، فإن من زار العلا يجب عليه أن يصحو مبكرا، ليستمتع بأشعة الشمس وهي تنكسر على جبال التاريخ.
* كاتب سعودي
Twitter: @aAltrairi
Email: me@aaltrairi.com